Page 238 - merit 38 feb 2022
P. 238

‫العـدد ‪38‬‬          ‫‪236‬‬

                                                              ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬      ‫والمعايير في تقييم النص‬
                                                                                               ‫الأدبي‪.‬‬
  ‫الحمار الذهبي في جنس‬            ‫من المنتوج الفني أمام‬
     ‫الروايات الأنوية‪ ،‬أي‬     ‫ضرورة المحاكاة والاتباع‪.‬‬                           ‫وقد كانت هذه الذاتية‬
                                                                                 ‫بمصاديقها الفردية أو‬
   ‫النص الذي يتحدث فيه‬             ‫أما العائق الرئيس في‬                          ‫الجماعية أس التراجع‬
 ‫الكاتب داخل المتن بصيغة‬      ‫الدراسات النقدية والأدبية‪،‬‬                      ‫والتأخر الذي حايث النمو‬
‫المتكلم‪ ،‬حيث يظهر التقاطع‬    ‫فهو الوعي الذي يكمن وراء‬                          ‫والتطور في داخل الحقل‬
                             ‫كل حكم أو توصيف للنص؛‬                           ‫الأدبي‪ ،‬فمحاكاة البحث في‬
   ‫بين الرواية و شخصية‬       ‫لأن شرطية المتلقي‪ ،‬وموقفه‬                          ‫النص لدراسة الإنسان‪،‬‬
     ‫أبوليوس في كثير من‬                                                        ‫تضع البحث والباحث في‬
                                 ‫القيمي من العمل الفني‬                         ‫قفص الوعي المزدوج؛ إذ‬
  ‫اللحاظ‪ ،‬مما حدا البعض‬           ‫يكون مؤش ًرا أو معل ًما‬                  ‫يتخفى كجوهر داخل النص‪،‬‬
  ‫من النقاد إلى القول بأن‬     ‫من المعالم المؤسسة لعالمية‬                   ‫ويتماهى معه‪ ،‬لدرجة يصبح‬
    ‫الشخصية المركزية في‬          ‫أو إنسانية الأثر الفني‪،‬‬                    ‫النص بدي ًل عن الكاتب‪ ،‬أي‬
‫الرواية ليست إلا شخصية‬        ‫فإقصاء الأذن أو العين من‬                         ‫إعلا ًنا عن نهاية أو موت‬
                                ‫مقاييس الإبداع هو إلغاء‬
    ‫الكاتب نفسه‪ ،‬والفقرة‬     ‫للفن ككل‪ ،‬أما التجلي الخفي‬                                        ‫الكاتب‪.‬‬
  ‫التالية من الكتاب الثاني‬      ‫للوعي‪ ،‬فيظهر أي ًضا عند‬                            ‫النص كمؤ َّسسة‪ ،‬أو‬
   ‫تشير إلى الدلالة‪« :‬ذكر‬      ‫الباحث في النص‪ ،‬إذ يقف‬                            ‫كمخاض للكاتب يضع‬
                                ‫عائ ًقا أمام الموضوعية في‬                     ‫الأصل النصي‪ ،‬أو الفكرة‬
    ‫لي أشياء كانت عجيبة‬         ‫الحكم‪ ،‬وفي دقة النتائج‪،‬‬                     ‫الجوهرية التي كانت تشكل‬
 ‫ومتنوعة إلى حد ما‪ ،‬فتنبَّأ‬  ‫وما يؤ ِّكد ذلك نزعة التقزيم‬                    ‫الماهية الأولية للنص المبدع‬
                                ‫الأوروبية للنص العربي‬                       ‫أمام محك المؤسسة اللغوية‪،‬‬
   ‫لي حينًا بأنني سأصبح‬          ‫أو الإسلامي‪ ،‬أو النص‬                          ‫تلك المؤسسة المقننة‪ ،‬من‬
  ‫شخصية شهيرة بارزة‪،‬‬         ‫المفارق لروح الغرب‪ ،‬والتي‬                           ‫خلال نظامها الصرفي‪،‬‬
   ‫وتنبأ لي حينًا آخر بأن‬      ‫اكتسحت الفكر العربي في‬                         ‫والنحوي‪ ،‬والسيمانطيقي‬
‫حادثة كبيرة وقصة غريبة‬        ‫مرجعياته التقييمية للنص‪،‬‬                     ‫‪ Sémantique‬بخاصة‪ ،‬حين‬
  ‫لي وأ ِّني سأقوم بتأليف‬         ‫فكانت النتيجة النزوع‬                         ‫يجد المؤلِّف نفسه ملز ًما‬
                                ‫نحو التقزيم داخل النص‬                           ‫باقتفاء وتكييف المعاني‬
     ‫كتاب أكون أنا نفسي‬           ‫العربي‪ ،‬والذي يعكس‬                          ‫المركزية للجنين الإبداعي‬
              ‫محوره»(‪.)8‬‬        ‫مظهر العنصرية الفكرية‬                        ‫مع عالم غريب عن طبيعته‪،‬‬
                                ‫التي أ َّسست لها الحداثة‬                    ‫والذي قد يكون مولِّ ًدا له في‬
    ‫من خلال النص يتجلى‬         ‫الغربية‪ ،‬والتي لم تترعرع‬                    ‫صيغة السلب؛ أي في وضعية‬
       ‫التداخل القائم بين‬     ‫إلا عند البعض من أنصاف‬                          ‫الحرمان الذي يؤدي دور‬
        ‫شخصية الراوية‪،‬‬         ‫الأدباء‪ ،‬وكانت التو ُّجهات‬                   ‫المح ِّرك للعمل الفني؛ الحاجة‬
                               ‫المذهبية المرجعية المؤدلجة‬                    ‫أم الاختراع‪ ،‬فلمسة المؤلف‬
   ‫وشخصية المؤلِّف فهي‬       ‫للفكر الذي يتح َّرك في فضاء‬                   ‫هي المدخل للأهلية الإنسانية‬
     ‫إذن تعبير صادق عن‬           ‫إسلامي‪ ،‬فكان الخلاف‬                           ‫وللإبداع الفني؛ لأن قوة‬
    ‫تجارب المؤلِّف الذاتية‪،‬‬        ‫والاختلاف في مسألة‬                      ‫وقسرية المنظومة الاجتماعية‬
    ‫فالثقافة القائمة آنذاك‪،‬‬    ‫العلاقة القائمة بين الهو َّية‬               ‫كلغة أو كثقافة تضع العموم‬

       ‫والتي كانت قاس ًما‬                      ‫والنص‪.‬‬
 ‫مشتر ًكا بين أبناء المنطقة‬       ‫كما يمكن إدراج رواية‬
  ‫في التربية نتاج تاريخي‬

    ‫وحضاري لحضارات‬
‫وثقافات متع ِّددة رومانية‪،‬‬

     ‫وإغريقية‪ ،‬ومصرية‪.‬‬
       ‫وتتض َّمن نصوص‬

 ‫لوكيوس أو أفولاي كثي ًرا‬
    ‫من المضامين الثورية‪،‬‬
   233   234   235   236   237   238   239   240   241   242   243