Page 235 - merit 38 feb 2022
P. 235

‫‪233‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

‫لوكيوس أبوليوس‬                 ‫تعتبر رواية الحمار‬          ‫قراءة في رواية الحمار الذهبي ابوليوس المادوري‬‫د‪.‬شريف الدين بن دوبه*‬
  ‫وأزمة الهوية‬                                                  ‫الفلسفة والرواية‪..‬‬
                                 ‫الذهبي لأبوليوس من‬                                                     ‫(الجزائر)‬
     ‫تضعنا هوية مؤلف‬          ‫الروايات الأولى في تاريخ‬
       ‫الرواية «لوكيوس‬
         ‫أبوليوس» أمام‬            ‫الأدب الروائي‪ ،‬حيث‬
                               ‫س َّجلت هاجس الإنسان‪،‬‬
‫استشكالات عديدة لهوية‬        ‫ورحلته الفطرية في البحث‬
     ‫الجزائري‪ ،‬ولسكان‬          ‫عن الهوية‪ ،‬وعلة انتقائنا‬
                            ‫لهذه العينة راجع لمؤ ّش ِرين‪:‬‬
 ‫شمال أفريقيا خصو ًصا‬       ‫تأكيد صاحب الرواية نفسه‬
   ‫في العهد الروماني‪ ،‬إذ‬
                                ‫على هويته المداورشية‪،‬‬
 ‫تص ِّور الرواية شخصية‬      ‫والتي تربطه بمكان الولادة‪،‬‬
   ‫الجزائري أو المغاربي‬
                               ‫والمؤ ِّشر الثاني للاختيار‬
‫وهو يعيش حالة التحول‪،‬‬           ‫عائد إلى الرواية نفسها‪،‬‬
   ‫والتأرجح الشخصي‪،‬‬             ‫والتي تبدأ بالإشارة الى‬
      ‫والبحث عن الذات‪،‬‬      ‫تح ُّولات الهوية‪ ،‬والهوية في‬
    ‫فهو شخص ومواطن‬           ‫نظر لوكيوس غير مرتبطة‬
     ‫روماني‪ ،‬على قاعدة‬
     ‫التبعية الاستعمارية‬          ‫بالفردية البيولوجية‪،‬‬
                                 ‫أو الانتماءات الثقافية‪،‬‬
 ‫التي كانت فيها الجزائر‬
‫للإمبراطورية الرومانية‪،‬‬            ‫والإثنية‪ ،‬بل مرتبطة‬
                              ‫بالجوهر الذي هو العقل‪،‬‬
  ‫ومداورشي (جزائر ًّيا)‬
 ‫مول ًدا‪ ،‬وقرطاجي ثقاف ًة‪،‬‬       ‫فالمؤشرات الثانوية في‬
                              ‫الهوية تؤسس للشخصية‬
    ‫وإغريقي فك ًرا‪ ،‬يقول‬       ‫المادية‪ ،‬التي هي بالأصل‬
  ‫أندريه جوليان‪« :‬يتع َّذر‬    ‫متعلقة بالوجه الحيواني‪،‬‬
‫أن نعرف بالضبط هل إن‬           ‫اللامعقول في الشخصية‬
  ‫كتاب أفريقيا ينحدرون‬
                                 ‫الإنسانية‪ ،‬أ َّما العنصر‬
     ‫من معمرين رومان‪،‬‬          ‫الكريم في الهوية‪ ،‬والذي‬
  ‫وأغلب الظن أن أكثرهم‬         ‫يكون الصفة الذهبية في‬
‫كانوا من البربر المتأثرين‬    ‫الحمار‪ ،‬هو العقل المستنير‬
                               ‫بوحي المقدس‪ ،‬فإنسانية‬
    ‫بالحضارة الرومانية‬         ‫الإنسان عند لوكيوس لا‬
      ‫الذين عبروا في لغة‬
                                 ‫تتحقق إلا بالتح ُّرر من‬
 ‫الفاتحين عما كانت اللغة‬      ‫هوية الحمار‪ ،‬والاستنارة‬
‫الليبية والبونيقية عاجزة‬
                                    ‫بنور العقل الذهبي‬
             ‫عن دونه(‪.)1‬‬        ‫(الوسطية) النور الذي‬
      ‫يرفض البعض من‬              ‫يم ِّكنه من إدراك ذاته‪،‬‬
 ‫المفكرين العرب‪ ،‬المغاربة‬     ‫ومعرفة غيره‪ ،‬وهو النور‬
     ‫ادعاء شارل أندريه‬        ‫المستنير بكونية الإنسان‪.‬‬
    ‫جوليان القائل بعجز‬
‫اللغة الليبية عن استيعاب‬
   230   231   232   233   234   235   236   237   238   239   240