Page 8 - merit 38 feb 2022
P. 8

‫العـدد ‪38‬‬                                    ‫‪6‬‬

                                                                    ‫فبراير ‪٢٠٢2‬‬

   ‫الجيش‪ ،‬فتناولتهما الألسنة‪ ،‬وكان المتق ِّو ُل‬                      ‫استخدمه المستشرقون للتشكيك في الوحي‪،‬‬
‫عليها عبد الله بن أُ َب ّي بن سلول‪ ،‬وقد انقسم‬                       ‫والقول إن الصلصلة التي كان النبي يسمعها‬

   ‫الناس بشأن القصة بين مصدق ومكذب‪.‬‬                                                 ‫هي َع َرض لأحد الأمراض‪.‬‬
    ‫ما يعنينا في ذلك أن النبي كان محتا ًرا لا‬                          ‫الحديث الثاني ورد في «صحيح النسائي»‬
                                                                    ‫(‪ )3199‬وأخرجه البخاري (‪ ،)4788‬ومسلم‬
      ‫يستطيع أن يحسم أمره‪ ،‬فاستشار في‬                               ‫(‪ ،)1464‬وصححه الألباني‪ ،‬أن عائشة قالت‪:‬‬
    ‫طلاقها عليًّا وأسامة بن زيد‪ .‬قال أسامة‪:‬‬                           ‫«كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن للنبي‬
‫“أهلك يا رسول الله ولا نعلم إلا خي ًرا‪ ،‬وقال‬                           ‫فأقول‪ :‬أو تهب الحرة نفسها؟! فأنزل الله‬
    ‫علي‪ :‬لا يضيِّق الله عليك‪ ،‬والنساء سواها‬                            ‫عز وجل “ترجي من تشاء منهن وتؤوي‬
  ‫كثير‪ ،‬وسل الجارية تصدقك”‪ .‬وظل النبي‬                                   ‫إليك من تشاء”‪ ،‬قلت‪ :‬والله! ما أرى ربك‬
 ‫على حيرته حتى نزلت الآية (‪ )11‬وما بعدها‬                             ‫إلا يسارع لك في هواك”‪ ..‬وكأنها تشكك في‬
   ‫من سورة النور‪“ :‬إ َّن الذي َن َجاءوا بالإف ِك‬                     ‫صحة الوحي! ويقال إنها قالت هذا في قصة‬
    ‫عصب ٌة منكم لا تحس ُبو ُه ش ًّرا لكم بل هو‬                      ‫زواج النبي من زينب بنت جحش‪ ،‬فقد نزلت‬
‫خي ٌر لكم لك ِّل امر ٍئ منهم ما اكتس َب من الإث ِم‬                     ‫آية «فلما قضى زيد منها وط ًرا زوجناكها‬
    ‫وال ِذي تولى كبر ُه منهم ل ُه عذا ٌب عظي ٌم»‪،‬‬                      ‫لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج‬
  ‫وفيها تبرئة للسيدة عائشة ونهاية للجدل‪،‬‬
  ‫والشاهد أنها لم تنس لعليٍّ رأيه‪ ،‬وربما أ َّثر‬                         ‫أدعيائهم إذا قضوا منهن وط ًرا”‪ ،‬فقالت‬
  ‫رأيه هذا على علاقتهما بعد ذلك حتى وفاة‬                               ‫عائشة هذا القول حسب بعض الروايات‪.‬‬
                                                                       ‫بيد أن الأحاديث التي نسبت إليها عن علي‬
                                     ‫عليٍّ‪.‬‬                         ‫بن أبي طالب لافتة ودالة على الخلاف الكبير‬
      ‫فحين وقعت الفتنة و ُقتِل عثمان‪ ،‬كانت‬                              ‫الذي كان بينهما‪ ،‬فقد روى البخاري عن‬
    ‫عائشة في مكة تعتمر‪ ،‬وفي طريق عودتها‬                                  ‫عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة‬
      ‫علمت بمبايعة عليٍّ بن أبي طالب خليفة‬                          ‫قالت‪ :‬لما ثقل النبي واشتد به وجعه استأذن‬
  ‫للمسلمين‪ ،‬فولَّت راجعة إلى مكة‪ ،‬وانضمت‬                                 ‫أزواجه في أن يمرض في بيتي‪ ،‬فأ ِذ َّن له‬
     ‫إلى الجيش الذي قادة المبشران بالجنة‪:‬‬                                ‫فخرج النبي بين رجلين تخط رجلاه في‬
  ‫طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام ضد‬                               ‫الأرض‪ ،‬بين عباس ورجل آخر‪ ،‬قال عبيد‬
‫جيش عليٍّ‪ ،‬حيث التقيا في معركة الجمل التي‬                            ‫الله فأخبرت عبد الله بن عباس فقال‪ :‬تدري‬
  ‫أونقععاتئ فشيةالبحينصررةأ عتامغلب‪6‬ة‪3‬جهنوجدريةع‪،‬ليٍّو ُرركِوب َيت‬   ‫من الرجل الآخر؟ قلت‪ :‬لا‪ ،‬قال‪ :‬هو علي بن‬
‫الجمل واندفعت به وسط الجيش حتى يكفوا‬                                ‫أبي طالب”‪ .‬فلماذا ج َّهلته عائشة وهو العلم؟‬
 ‫عن القتال‪ ،‬وقيل إن آلاف المسلمين قتلوا في‬                               ‫هذا العداء يرجع إلى حادثة الإفك‪ ،‬وهي‬
                                                                    ‫معروفة بحيث لا نحتاج إلى إعادة تفاصيلها‪،‬‬
                             ‫هذه الموقعة‪.‬‬                            ‫وملخصها أن السيدة عائشة صحبت النبي‬
    ‫هذه بعض نماذج فقط تدلل على إشكالية‬                                 ‫في إحدى غزواته‪ ،‬وحين انتهى منها‪ ،‬وفي‬
 ‫شخصية السيدة عائشة بنت أبي بكر‪ ،‬وعلى‬
‫أقوالها ومواقفها التي لا تزال موضع خلاف‬                                   ‫طريق العودة‪ ،‬وقف الجيش ليستريح‪،‬‬
  ‫حتى الآن‪ ،‬وأكثرها جد ًل قولها إن رخصة‬                                 ‫فنزلت عن هودجها تقضي حاجتها‪ ،‬وفي‬
    ‫إرضاع الكبير لم تكن تخص سهلة بنت‬                                   ‫طريق عودتها انفرط عقدها فجمعته‪ ،‬ولما‬
 ‫سهيل التي سألت النبي فرخصه لها‪ ،‬عكس‬                                   ‫عادت وجدت القوم قد رحلوا‪ ،‬فقد حملوا‬
  ‫موقف باقي زوجاته‪ ،‬فكانت تأمر أختها أم‬                             ‫هودجها على ظهر الجمل ظانين أنها به لخفة‬
‫كلثوم وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن‬                               ‫وزنها‪ ،‬ومضوا‪ ،‬فنامت‪ ،‬فوجدها صفوان بن‬
                                                                    ‫المعطل السلمي‪ ،‬فحملها على جمله حتى لحقا‬
                   ‫يدخل عليها من الرجال‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13