Page 85 - Nn
P. 85

‫‪83‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

 ‫حيث اعتقد أن فرص ُه للسفر فيها كانت هي الأكبر‪.‬‬     ‫فقط‪ .‬لم ينق ِض نهار يوم الأحد إلا وتجاوزت أعداد‬
 ‫في جانب الإطارات اليسرى كان التنافس على أشده‬           ‫المتواجدين خارج بوابات المطار الأربع أكثر من‬
                                                      ‫أربعة آلاف شخص يضغطون للدخول إلى الجنة‬
‫بين أكثر من شخص للفوز والاستقرار في التجويف‬                                               ‫الموعودة‪.‬‬
                                                               ‫في الطريق إلى المطار شاهد زكي الرعب‬
  ‫السفلي للطائرة الرمادية الضخمة‪ .‬بقي شخصان‬                   ‫مرسو ًما في وجه مواطنيه رجا ًل ونسا ًء‬
                                                             ‫وأطفا ًل‪ ،‬وهم يهرولون خفا ًفا وثقا ًل نحو‬
  ‫يتصارعان حول تجويف العجلات اليسرى حينما‬                    ‫المطار‪ ،‬وعلى طول الطريق من حي «كوت‬
                                                            ‫سنغاي» الواقع في الحي السادس‪ ،‬وخلال‬
  ‫بدأت عجلات الطائرة بالتحرك روي ًدا روي ًدا‪ .‬انفك‬       ‫رحلة دامت قرابة الثلاث ساعات في الطرقات‬
  ‫الجمع قلي ًل فقلي ًل وغادرت الطائرة مكان الحشد‬               ‫المزدحمة‪ ،‬كانت جحافل البشر الهادرة‬
‫الرئيس‪ ،‬فيما بقي ممس ًكا بتلابيبها جم ٌع لم يتجاوز‬                 ‫وكأنها على موعد مع يوم الحشر‪.‬‬
 ‫العشرة‪ ،‬موزعين في مناطق مختلفة من أسفل بطن‬                ‫أوقف زكي السيارة بعي ًدا عن بوابات المطار‬
                                                      ‫وترجل نصير باتجاه الحشود‪ .‬وبينما كان زكي‬
    ‫وجناحي الطائرة العملاقة‪ .‬ومع زيادة السرعة‬             ‫يراقب هلع المارين بجانب السيارة تناهى إلى‬

   ‫انفض الجمع وتطايروا وبقي زكي وذانك اللذان‬        ‫مسامعه حديث بعض الفتية عن سهولة الدخول إلى‬
                                                     ‫مدرج الطائرات دون العبور بالبوابات والصالات‪.‬‬
                                                      ‫كان القلق قد تمكن من زكي؛ فقد أصابته غريزة‬
                                                    ‫القطيع وهو يرى الفرار الجماعي‪ ،‬وزاد منه ارتفاع‬
                                                      ‫الأدرينالين في عروقه‪ ،‬وح َّدث نفسه «لما لا تكون‬

                                                         ‫هذه فرصة؟»‪ .‬كان ضمن أوائل المتسلقين على‬
                                                     ‫أسوار المطار المشرفة على المدرج‪ ،‬فلم تكن طالبان‬
                                                     ‫قد نشرت بعد عناصرها في كل مكان‪ .‬على الجانب‬

                                                          ‫الآخر من السور كانت تربض تلك الـ‪17-C‬‬
                                                         ‫ومحركاتها‪ ،‬تدور وأبوابها مشرعة لكن دون‬
                                                    ‫سلالم‪ .‬انقض الجمع على الطائرة و هموا بتسلقها‪.‬‬
                                                      ‫في ذات اللحظة تلقى زكي اتصا ًل من أخيه الأكبر‬
                                                      ‫زكريا «أين أنت يا زكي؟»‪ ،‬فيجيب زكي أنه داخل‬
                                                    ‫المطار وبقربه طائرة جاهزة للإقلاع‪ ،‬وإن شاء الله‬
                                                    ‫إنها فرصة‪ .‬صرخ زكريا مطالبًا إياه بالعودة فو ًرا‬
                                                     ‫فهو لا يحمل أي وثائق سفر‪ ،‬وكيف له فعل ذلك‪.‬‬
                                                      ‫أغلق زكي هاتفه‪ ،‬إلا إن الجهاز عاد ورن مجد ًدا‪،‬‬
                                                          ‫وهذه المرة كانت أمه تصرخ باكية ليقول لها‬
                                                      ‫زكي‪ :‬ادعي لي يا أمي لعلها ساعة قبول‪ ،‬وينقطع‬

                                                                                          ‫الاتصال‪.‬‬
                                                       ‫تشبث زكي بعجلة الطائرة الواقعة تحت الجناح‬
                                                    ‫الأيمن‪ ،‬وساعدته بنيته الرياضية القوية والرشيقة‬
                                                      ‫للالتحام بالمكان‪ ،‬وأن يمنع الآخرين من منافسته‬
                                                     ‫في الاستحواذ على تلك المساحة من جسم الطائرة‪،‬‬
   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89   90