Page 104 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 104
بغداديات 65 ولا : اعيدو الى العراق
»ذات مرة استطعت أن أغني في مكان ما، لكنهم انتظرو في الخارج وأشبعو ضرباً بأعقاب المسدسات، وجعلوا دما تسيل على الأرض، عندها أيقنت أن لا مكان لي في العراق؛ لأنهم سيقتلونني في المرة القادمة«. هذا ما قاله الشيوعي فالح حسن بريج، بعد ان حرمه البعثيون من العمل في معهد الفنون الحميلة ببغداد، ومنعوه من الغناء حتى في الأماكن العامة، بل ومنعوه من مجرد دخول الاذاعة والتلفزيون الذي احتفى به قبل ذلك بأعوام، ومنحه اسمه الفني »فؤاد سا «. غنى مع فرقة الطريق العراقية
التي اسسها حميد البصري وزوجته الفنانة شوقية العطار والشاعر زه الدجيلي، ولكن هذه الفرقة رحلت عن العراق بعد التضييق على انشطتها.
ورحل هو ايضا، حمل مسقط راسه »التنومة« في قلبه وكانت غافية على ضفاف شط العرب، ومضى يغنى حب البصرة وبغداد في عواصم الخليج، الى ان وجد مستقره الفني المؤقت في عدن عاصمة اليمن الجنو ايامها. غنت الفرقة العراقية اليسارية الكث من الاغا لفلسط ، على مسارح عدن ودمشق وب وت والجزائر، قبل ان تواجه انشقاقات، وتتحول الى فرقة عائلية اسمها فرقة البصري، وتضم الاب حميد والام شوقية والبنت بيدر، واربعة اولاد يتوزعون على مواهب العزف والاخراج المسرحي والتصميم الفني، وتستقر الفرقة الآن في هولندا. من ينظر الى المسالة بع مجردة س ى ان »الطريق« الاممي، سار بالفرقة من البصرة مرورا بعواصم ترتدي زيا اشتراكيا، وصولا الى
هولندا، لتص فرقة عائلة »البصري« لا البصرة ولا العراق ولا الامة ولا الاممية ولا الطريق المفضي الى أي واحدة منهن.
وانتقل هو الى سوريا فغنى كث من الأغا الجميلة مثل: صابرين، مشكورة، يا عشكنا، سوار الذهب، حجيك مطر صيف، ردي ردي، هنا يا الحادي، واغنية موبدينه، والكث من الاشعار التي اذيعت عبر اذاعات المعارضة العراقية. زار العراق بعد سقوطه فغنى انشودة لجيش العراق، وحصل على راتب تقاعدي، وعاد الى دمشق ليموت هناك عام ٢٠١٣ عن ٦٨ عاما وعشرات الاغا و٣ دواوين شعر. قبله مات في سوريا ايضا الشاعر الغنا سيف الدين ولا ، بعد ان كتب عشرات الاغا الشه ة المستقرة
في وجدان العراقي .
ولد ولا ببغداد 1915 لعائلة من الاكراد الفيلية، وطرد من المدرسة لأسباب سياسية، فعمل اسكافيا مع والده في الكاظمية، ثم خياطا في شارع النهر، وواظب على تنمية كتابة الشعر الغنا ، حتى غنى قصائده عشرات المطرب العرب كسم ة توفيق وفايزة احمد والعراقي كفاضل رشيد وفاضل عواد وياس خضر وزهور حس ولميعة توفيق ورضا علي وسليمة مراد وعباس البصري ومائدة نزهت وعفيفة اسكندر وغ هم.
حاربه النظام السابق بحجب اغانيه تارة وبحجب اسمه عنها تارة اخرى، ساوموه على كتابة اغنية جد القائد فرفض، كان بعمر الخامسة والست عندما رحلوه مع زوجته واولاده الخمسة وبناته الست، عن بلده الى ايران مع آخرين بحجة انه ليس من اصول عراقية. تقول ابنته فريال جمع والدي افراد العائلة واخذ معه شهادات الميلاد والهويات وذهب بنا الى مركز امن المنصور تلبية لاستدعاء امني، فسحبوا الهويات، وسفرونا الى مندلي وهناك وضعونا على الحدود العراقية الايرانية، ادخلنا حرس الحدود الايرانيون، ووضعونا في خيمة بأحد المعسكرات. وبعد ثلاثة اسابيع ذهبنا الى وزارة الداخلية الايرانية بطهران، وبعد البحث عن اي مستمسك يثبت علاقتنا بإيران، يتم العثور على اي شيء، قال لنا احد المسؤول في تلك الوزارة: انتم عراقيون عرب. ليست لكم اية علاقة بإيران. عا الامرين مع عائلته في بلد لا ت له ولا للغته ولا لناسه
بأية علاقة، تقول فريال: بقينا في ايران عشرة اشهر، ثم طلبنا المغادرة الى سورية، فمنحونا وثيقة مرور، بعد ان تعهدنا بعدم العودة الى ايران.
غادر ايران الى سوريا ولكن بعد ان صمتت حنجرته وجف قلمه، تضيف فريال: في سورية، سكنا في بيت متواضع، في حي السيدة زينب عليها السلام، وبدأنا نعمل جميعا، اذ يبق معنا شيء من المال. بدأت صحة والدي ووالد تتدهور، ماتت اولا ولحقها بعد اربعة اشهر. مات بعد 4 سنوات على ابعاده ودفن في مقبرة الغرباء مع من سبقوه من العراقي للموت في سوريا.
ح زارته مذيعة عراقية من إحدى إذاعات المعارضة، في الث نينيات، وحاولت استدراجه لحديث إذاعي رفض، ولاذ بصمته المطبق و يرد عليها بشيء. وح سألته ع يريد، يُجب، وح ألحت عليه نطق بثلاث كل ت لا غ ، قال لها: أعيديني إلى العراق.
106