Page 102 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 102
بعد اسبوع واحد فقط، أي في نهاية عام 1938 طلب الوزير الألما غروبا يونس بحري، واراه صناديق ضخمة وقال له وهو يبتسم بخبث: هذه محطة اذاعة على الموجة القص ة وبقوة )150( كيلو واط )اربعة اضعاف قوة المحطات الاذاعية العربية في ذلك الوقت( خذها إلى الملك هدية من الزعيم هتلر.
قام يونس بحري بنقلها شخصيا إلى القصر, واستقبله الملك غازي دون ان د يده لمصافحته, فلقد كان حاقدا عليه بسبب تعليقاته المائعة ضد بريطانيا. قال بحري للملك: سيدنا ان اذاعة بغداد هي اذاعة رسمية حكومية وأنا لا املك حق التصرف واقرأ ما من الحكومة عبر الاذاعة. ولكن يا سيدي لدي نبأ سار، هذه محطة اذاعة على الموجة القص ة هدية من الزعيم هتلر لسيدنا. تم تركيب الاذاعة وصار بحري الآمر الناهي فيها، فقدم الملك غازي ليلقي الخطب والتوجيهات، وقدم هو الرسائل والتعليقات السياسية المناوئة لبريطانيا وللحكومة وللاردن والكويت، وكان يتلو القرآن على المستمع ان تأخر القارئ المكلف بذلك، واستقبل في هذه الاذاعة السياسي
والمطرب والادباء، وكان يصطحب منهم من يريد لمنادمة الملك مساء كل يوم.
قالت عنه بريطانيا بانه شخص متجرد كليا من المبادئ، وقال قنصلها ان تأث ه كان واضحا على سياسات وتوجهات الملك. كان الوحيد تقريبا الذي المح الى ان الملك غازي مات في حادث س مفتعل داخل قصره، وليس حادث س ذا ، ونتيجة لتحريضه هاجم عراقيون غاضبون من ابناء مدينته مقر القنصلية البريطانية في الموصل وقتلوا القنصل، صار مطلوبا للحكومة العراقية وللبريطاني ، فتوجه الى سف المانيا الذي ساعده في التخفي والسفر الى برل .
بحث عن صديقه القديم الرسام هتلر، فأعطاه رتبة ماريشال، فصار يضع الصليب المعقوف على ذراعه، واصبح واحدا من ابرز مذيعي قناة المانيا الناطقة باللغة العربية، والتي افتتحت بعد 3 ايام من وصوله وخصصت لتحريض العرب ضد بريطانيا، والتبش بانتصار الفوهرر وهز ة بريطانيا وعملائها من الحكام العرب، وكان يلقي الخطب الح سية بادئا بعبارة تقليدية ظلت محفورة في اذهان مئات الألاف ممن كانوا يتابعونه »هنا برل ....ح ّي العرب«.
في ذات الفترة كان اعداء بريطانيا يتوجهون الى هتلر ومنهم الوزير العراقي رشيد عالي الكيلا ، رئيس وزراء العراق في العهد المل لـ 3 مرات، والحاج ام الحسيني، والذي جند مقاتل مسلم من عدة دول للقتال مع الجيش الالما ، فتوطدت علاقة بحري بهم. يقول بحري: جاء معظم المقاتل من البوسنة، ولذك ظل الرئيس اليوغسلافي جوزيف بروس تيتو يكرهني انا والحاج ام الحسيني طيلة حياته ويعتبرنا مجرمي حرب. اقترح على الالمان بث تسجيلات للقرآن الكريم ل تجذب العرب الذين كانوا
يتابعون ايامها البث العر لهيئة الاذاعة البريطانية BBC وافقوا على الامر، ويبدوا انه قد ا ر، فقامت الاذاعة البريطانية بعد ذلك بتقليدهم.
يقول الكاتب عيسى اللوبا في كتابه« صفحات مطوية من التاريخ، ان الحاج ام الحسيني ظل لشهر يخفي نبأ وصول رشيد عالي الكيلا الى برل ، في فوزي القاوقجي يريد الاطمئنان عليه، تحرى يونس بحري عن الخبر، واذاعه قبل الحصول على موافقة الالمان او المفتي، كان بحري يشعر ان نفوذه البرليني قد تضاءل بعد وصول المفتي والكيلا . يتأخر الحاج ام الحسيني في فهم شخصية يونس البحري الزئبقية، وحبه للإثارة والتهويل، خاصة وانه كان يلجأ الى سب وشتم القادة العرب، ولا يلتزم بنصوص
البيانات والتعليقات التي كان يعدها المكتب العر في القدس، فأوصى بعزله، وكان له ما اراد.
وبحسب اللوبا فقد كان لبحري اصدقاء تهنون الرقص الاجت عي: يذهبون الى الحفلات لاصطياد اية سيدة تأ منفردة، او عجوز ثرية، ف اقصونها ويشربون على حسابها ثم يقتادونها الى اوكار متعتهم، داهمهم مرة قائد الغستابو بحثا عن ابنة اخته، فلم يجدها لأنها كانت في غرفة سرية، وقالوا يومها لو كانت لهتلر بنت جميلة لما سلمت منا. هرب الى باريس بعد هز ة المانيا، يقول الكاتب من الريس في »الكتاب الذهبي للثورة الوطنية في المشرق العر « : في صباح اليوم الثالث من مايو عام 1945، جمعتنا الصدفة في مرسيليا بيونس بحري طليقا، يندفع نحونا يهنئنا ويعانقنا، فسألته: كيف استطاع الوصول إلى مرسيليا دون أن يقع بيد الحلفاء؟ فقال: إنه خرج من برل مع عدد منالأجانبقبلأنيحاصرهاالروس،وح َّرفاسمهالمسجلفيجوازالسفربالأحرفاللاتينية،ليكون:يو باريجبوري،تحريفاًمنيونسبحريالجبوري،وزعمللمحقق
أنه كان معتقلا في ألمانيا، وأطلعهم على أثر جرح قديم في جسمه نتيجة شجار قديم، مدعياً أنه آثار التعذيب، فسمحوا له بالسفر إلى باريس
عملهناكخطيبافيمسجدباريس،وانشأجريدةالعرب،وقتهاطالبتهبلديةباريسبضريبةمقدارهاثلاثةملاي فرنكمتراكمةعليِه يدفعهاطوالفترةإصدارِهلهذه الصحيفة، وكان القانون الفرنسي آنذاك يعفي كل من أنجب 12 ولداً من الضرائب ، فأخبرهم إنه لديه أك من هذا العدد من الأولاد، فطالبوه بإثبات ذلك، فذكر أس ء 45 منهم،وأماكنسكناهمحولالعا ،فخرجموظفوبلديةباريسفيحدثفريدمننوعِهللبحثعنهمووجهتلهمدعوةللحضور،وجمعتالبلديةأولادهواستضافتهم لمدةشهرفيفرنسامعهوعلىحسابهاالخاص،وكانلقاءاًنادراًذكرتُهمجلاتوصحفأجنبيةعديدةفيأوروبابوقتها،وأعفيمنالضرائبعلىأثرذلك.خرجمنباريسفي جولة جديدة من الترحال، فزار عددا من الملوك والرؤساء العرب، ومنهم الزعيم المصري ج ل عبد الناصر، م اثار خشية الحكومة العراقية من ان يستأنف هجومه الاعلامي عليها من القاهرة هذه المرة، فسعت لإعادته وعاد، وطلبت منه ان يتولى منصبا اعلاميا يهاجم من خلاله الرئيس عبد الناصر فوافق، ولكن ثورة وز التي قادها عبد الكريم
قاسم سبقت استلامه المنصب، فتم سجنه والحكم عليه بالإعدام، وتم تخفيض الحكم لاحقا الى المؤبد.
104