Page 101 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 101
تقول ابنته الدكتورة منى انها تشاهد والدها مطلقا، رغم انه كان شخصية عامة في العراق، وشه ا خارج العراق ايضا، وان كل ما تعرفه عنه هو انه كان وسي ذكيا محبا للحياة ومغامرا، وتضيف انها لا تعرف من ب اخوتها الكث ين جدا سوى الدكتور لؤي الذي يدرس في الجامعات الامريكية، والدكتور سعدي الذي يدرس في جامعة السوربون الفرنسية، وانها سمعت مثل الآخرين ان لها اخ يشغل منصب قائد البحرية الفلبينية.
كان والده صالح الجبوري برتبة يوزباشي مسؤول عن البريد ب اسطنبول وولاية الموصل، درس في الموصل وعمل فيها مبكرا صحافيا لسنة واحدة، ذهب الى بغداد ليدرس في دار المعلم فلم يفلح وطرد بعد 3 اشهر، عمل موظفا في وزارة المالية ثم استقال، وخرج الى تركيا سائحا وهناك بدا بدراسة العلوم البحرية العسكرية فلم يفلح، ذهب الى المانيا للدراسة في مدرسة الخيالة فلم يفلح ايضا، ولكنه تعرف هناك الى رسام اسمه هتلر، سيصبح في بعد زعي للرايخ الالما ، وواحدا من قلائل تركوا ابلغ الاثر على
تاريخ البشرية في القرن العشرين.
يقول بحري: تعرفت هناك الى هتلر كان يعمل رساما بائسا، يرسم بالفحم على جدران مطعم كنت اجلس فيه يوميا، فصرت اجالسه واعطيه دينارا كل يوم، فصار يرسم الزبائن على الورق مقابل بعض النقود. خرج في رحلة حول العا فكون ثقافة عالمية، وتعلم العديد من اللغات، وكسب الكث من الاصدقاء، واقترن بالعديد من الزوجات، وانجب العديد من الابناء والبنات، وحاز العديد من الجنسيات، والكث من نقمة الزوجات السابقات، وحسرة الاولاد والبنات. يصفه المؤرخ الدكتور سيار كوكب الجميل بانه كان عجائبياً حقاً، فمن )معجزاته( أنه عبر مضيق جبل طارق سباحة )14 كم في اضيق نقطة( ، وعبر صحراء الربع الخالي مشياً، بعد أن أوصلته سيارة بأمر الملك الي
منطقة جازان.
ذكر د, يعقوب الحجي في كتابه عن س ة المؤرخ والصحفي الكويتي الشيخ عبدالعزيز الرشيد ، كان بحري ّني نفسه بأن يكون أول رحالة عر يعبر الربع الخالي، لكنه بالاتصال بالسلطات النجدية الحجازية قبل توحيد المملكة وجد أن من الصعب السياحة في هذا الجزء من شبه الجزيرة العربية، وأنه لابد من الاستئذان من السلطان عبدالعزيز، وح قدم إلى الحجاز أحسن استقباله، وسمح له بالتجول في تهامة، وأمر الشيخ عبدالله السلي ن وزير المالية بتجهيز سيارة تنقله الى الليث ثم بيشة وجازان، وقد استمر في رحلته حتى بلغ صنعاء وقابل الامام يحيى، ثم اتجه من اليمن عبر البحر إلى سنغافورة. شارك بالصدفة ودون أي تدريب او اعداد في بطولة عبور بحر المانش )34 كم في اضيق نقطة( فحاز المرتبة الاولى متفوقا على سباح من 36 دولة. وحصل على الف ل ة ذهبية. بحثت المانيا عن هذا البطل السباح، ومنحته جنسيتها وجواز
سفر دبلوماسي.
وكان من الطبيعي ان تعلن العراق ان احد ابنائها الابطال قد فاز في مسابقة عالمية، وكأنها هي من ارسلته وليست الصدفة المحضة، وبعد فوزه في بطولة السباحة صار حديث الصحافة العربية التي بدأت تنشر اخباره وتسميه السائح العراقي، وتنشر مقالاته. م سمح له بإقامة اوثق الصلات مع الكتاب والمفكرين والسياسي في الدول التي زارها بعد ذلك. ذهب مع صديقه الكويتي عبد العزيز الرشيد لزيارة مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز آل سعود، والذي كان يطمح الى بسط النفوذ الديني لمملكته على المسلم في كل مكان، فكلفه بنشر الدعوة الى الحج في دول الهند الشرقية ذهبا الى اندونيسيا وكان له صولات وجولات واسسا هناك جريدة اسمها
)الكويت والعراقي(، ليس العراق وا ا العراقي في محاولة للاستفادة من شهرته ولقبه الجديد »السائح العراقي«.
من طريف ما يروي عن بحري انه عمل هناك مفتيا للدولة، اضافة لعمله في الصحافة والدعوة الاسلامية والتوسط السياسي ب الاحزاب، وذات يوم جاء رجل طاعن في السن يريدالزواجمنفتاةصغ ةفيالعمر،فرفضبحريتزويجه بحجةالحلالوالحرام،وتزوجهاهوفياليومالتالي.عادبهذهالشهرةالىبغدادفاصدرجريدةالُعقابالمسائية، وكانت اول ور ا آخر جريدة مسائية تصدر في العراق، لقد اراد من وراء ذلك منافسة الصحف التي تصدر صباحا في سرعة الخبر، وقد فاز في هذه المنافسة وصارت اخباره
تسبق اخبار الصحف الاخرى ب 14 ساعة، وصار مذيعا في الاذاعة العراقية.
يقول المذيع يونس بحري: »كنت أذيع تعليقا سياسيا عن الوضع في فلسط وما يعانيه أهلها من عنت اليهود وطغيان البريطاني , وبعد الانتهاء من التعليق طلبني رجل يذكر اسمه, على الهاتف, وقبل ان أسال من المتكلم, انهالت علي التوبيخات والشتائم, وبعد أن هدأ الصوت من حدته اخذ المتكلم يردد, آه لو كانت لدي اذاعة لا ريتكم كيف تذيعون, ما هذه الميوعة المشينة في مخاطبة البريطاني , وانتهى الحديث. لقد كان المتكلم الثائر هو الملك غازي، وفي تلك الليلة كنت أسهر عند الوزير الألما الدكتور فريتزغروبا وفي سياق الحديث رويت له قصة الغضبة الملكية. وقلت له: إ َّن الملك غازي يتمنى لو كانت لديه اذاعة قوية ل ي العا , كيف يخاطب البريطاني , وغ هم من المستعمرين. كان الملك غازي على خلاف مع حكومته المؤيدة لبريطانيا، وكان مغرما بأجهزة الاتصال اللاسل ، وكانت هوايته اقتناء هذه الاجهزة، وقضاء الساعات في
المراسلات اللاسلكية عبر العا مع اصدقاء افتراضي لديهم ذات الهواية.
103
