Page 45 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 45

الحقيقة انني بحثت طويلا عن النص الذي اشتمل على تشبيه درويش لقمر بغداد بالليمون فلم اجده، لا شعرا ولا ن ا، ولكنني وجدت ان اثن  من شعراء العراق الاول هو عبد الوهاب البيا  والثا  يحيى علوان قد استعملا هذا التشبيه بعد درويش.
ووجدت دراسة علمية تفيد بان القمر فعلا ليمو ، ولكن ليس في اللون وا ا في الشكل، وليس ك  يبدو لنا مثالي الاستدارة والتكوير، فهو مسطح من الاعلى والاسفل مع قليل من الانتفاخ. هذه المصادفة تذكر  بقصيدة درويش اثر الفراشة، والتي كانت نظرية فيزيائية تقول ان فراشة تضرب بجناحيها في البرازيل قد تسبب اعصارا في كاليفورنيا بعد سنوات. وقمر درويش فوق الرصافة أيا كان لونه، هو ذات القمر الذي اضاء جانب الكرخ، فتركه ابن زريق وديعة لدى رب العالم  قبل ان يغادر بغداده وقمره
متجها الى الاندلس طلبا لسعة الرزق: لاتعذليهفإنالعذليولعه........قدقل ِتحقاًولكنليسيسمعه يكفيه من لوعة التشتيت أن له ........... من النوى كل يوم ما يروعه يأ  المطالب إلا أن تكلفه ........... للرزق سعياً ولكن ليس يجمعه استودع الله في بغداد لي قمراً ........... »بالكرخ« من فلك الأزرار مطلعه ودعته وبودي لو يودعني ........... صفو الحياة وأ  لا أودعه وكمتَش َّفع ألاأفارقه...........للضروراتحاللاتُشف ِّعه مات ابن زريق وحيدا في الاندلس، بعيدا عن بغداده وقمره، فشفع له موته، و  تشفع له الضرورات، وكذلك   تشفع الضرورات لمحمود درويش، فظل معارضوه وخاصة من اليساري  القابع  في البلاط الدمشقي يكتبون ضده في مجلة الهدف لسان حال الجبهة الشعبية، فنشر على غلاف اليوم السابع رسالة موجهة الى جورج حبش، جاء فيها: "كان علي ان اموت كبدر شاكر السياب في مستشفى كويتي ليغفر لي بعض اصدقا  العراقي  انني حي،.... الشاعر ليس ملاكا وليس ملكية لأحد،...... لست مثاليا لأستع  سؤالكم: لماذا تقيمون في دمشق طالما ان نظامها يبعدنا الى اقاصي الصحراء،..... يدخل السياسي في الثقافي متى يشاء، ويدخل الثقافي في السياسي متى يشاء، ويختلطان فيص ان لا هذا ولا ذاك،....... ذلك ان المثقف ما زال عاجزا عن تحقيق استقلاله النسبي عن مؤسسات السلطة وعن ارهاب المعارضة،..... انا لا اتهرب من اتخاذ موقف من الحرب العراقية الايرانية بقدر ما يتهرب من ذلك زملا  العراقي  وينقسمون حوله، ان هذه الحرب تدفع الشعب  الى الكارثة وان مهمة القوى الحريصة هي العمل على وقفها....".
بغداديات 31 فراگهم بچا 
لكل عراقي مقهاه المميز، ولبعضهم اثنان، فالمقهى هو البيت الثا  لأي عراقي، خاصة اذا كان متقاعدا او متعطلا عن العمل او صاحب عمل شخصي حر، او مفلس مدين لأشخاص يطالبونه بالسداد، او مبدع في فن من فنون الكتابة، الشعر، الغناء، التلح ، الرسم، النحت، وخلافه. لدى هؤلاء مقهى للصباح وآخر للمساء، الصباحي لمطالعة جريدة الثورة او الجمهورية، رغم انه  لا تختلفان عن بعضه ، وان امكن مجلة الف باء، التي سيسرقها احدهم، او في احسن الاحوال مجلة العر  التي كانت تصدر من الكويت، وهذه طبعا ستسرق فورا. جلسات المقهى صباحا تكون هادئة والنقاش فيها رسمي ومتحفظ يتناول السياسة والاقتصاد، ارتفاع الاسعار خصوصا، هبوط او صعود سعر الدولار، رغم ان معظم الجالس  لا  لكون الكث  من الدولارات، وت ة الحديث نقدا جارحا، او متحفظا، او تبريرا او حتى مديح، ليست مرتبطة بالأشخاص، بل
بتواجد المخبر الامني المكلف  راقبة رواد هذا المقهى، وكتابة التقارير عنهم.
طال الزمن ام قصر سيشعر المخبر بالملل، وعندها سيميل الى احد من يراقبهم ليدعوه الى لعبة طاولة او دومينو، سيلبي المُراقَ ُب الدعوة لأنه يشعر بالملل ايضا، ولأنه يريد هز ة هذا المخبر، المهم ان تكون الساعة قد تجاوزت الثانية او الثالثة بعد الظهر، فلعب الطاولة او الدومينو قبل هذه الساعة مكروه، وكذلك لعبها في الليل مكروه فالليل مخصص لاحاديث ونقاشات من نوع آخر، ولألعاب الورق، ح  تكون مسموحة. في المقهى المسا  الهمة انشط، والتحفظ أقل، والرقابة شبه منعدمة، والقريحة حافلة بأشياء كث ة يجب ان تقال وان تناقش، اذا حضرت الجلست  ستشعر ان جلسة مقهى الصباح   تكن الا جلسة استطلاعية  هد لجلسة مقهى المساء، النقاش هنا من العيار الثقيل،
ينحرف الى التحليل العميق، والامثلة التاريخية، ومبادئ الثورات، واصول السياسات، قبل ان يصل الى الثقافة والفن والشعر والغناء.
47


































































































   43   44   45   46   47