Page 65 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 65

بغداديات 42
مسدس صدام بيد مظفر النواب
رغم رحيل مظفر النواب عن العراق وكون شعره ممنوعا وراسه مطلوبا للنظام البعثي، ظل شعره وخاصة العامي حاضرا على السنة المغن  امثال فؤاد سا  وياس خضر ورياض احمد وغ هم وكذلك ظلت طبعة ديوانه الاول »الريل وحمد« الاك  طلبا حتى غلبت كتابات علي الوردي. كان على مقاعد الدرجة الثالثة في القطار »الريل« المتجه الى البصرة مقابل فتاة ريفية سالت دموعها بغزارة ح  مرت  ضارب حبيبها حمد وقريتها ام شامات وظل بعدها لعام  ينام واضعاً القلم والورقة تحت الوسادة ناهضاً ليلاً لتدوين بعض المقاطع في الظلمة. »شيئ ما في داخلي كان يوقظني من نومي ، شيئ يريد مني ان انحته من الحلم والوجدان، شيء ما يريد ان يولد ويظهر للعا  الخارجي.
يروي د. حس  سرمك حسن انه كان في جبهة الفاو التي ابتلعت 55 الف شهيد وكان احد نواب الضباط شابا عاشقا يحتفظ بأوراق متفرقة تشكل في مجموعها صفحات هذا الديوان، كان ترتيب الصفحات مغلوطا.. ولوحات » ضياء العزاوي » غ  ذات صلة بالسياق الإخراجي.. رتبت الديوان بطريقة معقولة وكبسته الى غلاف سميك تحسبا من الامن السياسي وسلمته للنائب ضابط العاشق للنواب وشعره، لكن هذا المحب الوله، وبحكم قانون المصادفة المهيب الأخرق، استشهد وأخليت جثته إلى وحدة الميدان الطبية التي كنت أعمل فيها، كطبيب.   يكن ممكنا التعرف إلى وجه الشهيد، فقد كان مهش   اما ، عرفته فقط من خلال ديوان » للريل وحمد » بغلافه الكرتو  البدا 
الذيكبستهونظمتهبيدي،وكانيضعهفيعّبهتحتبدلةالقتالقبلأنيُستشهدوهويحتضنديوانمظفرالنواب،فيالرحيلالأبدي..
صدام حس  ايضا كان من المعجب  بهذا الديوان، يقول الشاعر يوسف الصائغ في حديث مع صحيفة الخليج الاماراتية، ان صدام حس ، و  يكن يومها رئيسا ولا كان اسمه معروفا للعامة، رغم شدة نفوذه وسطوته، كان معجبا بأشعار النواب، وخاصة قصائد هذا الديوان ومنها قصيدة )عشائر سعود(. وسعود هذا، كان مواطنا عراقيا من الجنوب حيث عمل مظفر مدرسا، سعود   يكن  لك سوى قوة ساعديه، ولا يعتاش الا من عمله في الزراعة، احتج ذات اسى وغضب على تزوير الحكومة لانتخابات الجمعيات
الفلاحية فكان القتل بانتظاره، مات سعود، ولكن مظفر أحياه الى الابد، وخلده برائعة ما زالت تداعب مشاعر العراقي  جيلا بعد جيل.
ويضيف الصائغ: هذا الاعجاب كان سببا في الافراج عن مظفر من المعتقل وحصوله على مسدس صدام الشخصي كهدية، وعلى جواز سفر في  بعد، وهو الجواز الذي استخدمه للخروج من العراق والدخول في حالة النفي القسري. طبعا لا صدام وجلاوزته ولا مظفر وأشياعه كانوا سيفتخرون بواقعة الاعجاب هذه، فقد تم اهدار دم مظفر النواب بعد ذلك، وكان مقدرا لهذه القصة ان تُغيب، فالقصص لا تحب تواجد بطل  على طرفي نقيض في بلد واحد وزمان واحد. مظفر روى في سياق مقابلة تلفزيونية اجريت معه بعد سقوط العراق قصة هذا اللقاء وقال انه تم اواسط العام 1969، واستمر قرابة الساعت ، تم خلالها استدعاء مظفر من السجن لمقابلة نائب الرئيس البكر المدعو صدام حس ، والذي تحدث باحترام ولباقة عن جهود حزبه البعثي لكسب ثقة بقية التنظي ت السياسية وخاصة الشيوعي ، لتجاوز اخطاء السابق  وتجنب ح مات الدم.
صدام: نريد بناء ثقة متبادلة مع كل الاحزاب، حتى نتمكن من تأميم النفط ومنع استيلاء الشركات الاوروبية على الكبريت. مظفر: ما عندكم ثقة بالأحزاب وهي ما عندها ثقة بيكم . صدام: انت تثق بينا؟ مظفر: تريد ترجعني للسجن رجعني. صدام: استغفر الله، الناس يحبوك، ونريدك تشغل المكان المناسب. مظفر: انا مكا  ب  الناس في الرسم والشعر وما احب اكون باي منصب. صدام: انت تتخيل اننا نساومك، إحنا نعرف انك لا تقبل المساومة، انت معجب بالكفاح المسلح. مظفر: انا موش معجب بالكفاح المسلح انا مضطر اضطرار. صدام: انت راسك مطلوب للامبريالية. مظفر: مو راسي راس الشعب العراقي. صدام: انا اريد شي يظل بيني وبينك تذكر  بيه وقت الخطورة، هاك هذا مسدس رشاش 16 طلقة مع ذخ ة لتدافع عن نفسك من الناس الذين يريدون النيل منك.
67


































































































   63   64   65   66   67