Page 71 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 71
بغداديات 45
مع بسيسو من غزة الى الديوانية
الشاعرمع بسيسو،ابنالنار،الذيتجّرعمعحبغزةمرارةالرحيلعنها،وربطعلىراسهعصبةحمراءتحملاس ءمحطاتومواعيدالرحيل،تحولكلاصبعمن اصابعه الى ناي ح عاد اليها. في محطة رحيله العراقية، اهدى نسخة من ديوانه الاول »المعركة«، ونسخة من رواية الأم لمكسيم جور ، لتلميذ عراقي يطحن سعف النخل الأخضر ويعجنه ويصنع منه أقراصا يجففها تحت الشمس ويأكلها، ولكن التلميذ مات قبل ان يكمل قراءة الرواية... وضع سعفة من النخل وسط الكتاب ومات...
كان مع موعودا بجولات اخرى من الموت، والتظاهر والاعتقال قبل ان يجلس في العام 1978 لكتابة ذكرياته »دفاتر فلسطينية« ومن بينها دفتر كامل عن تفاصيل السنة التي قضاها مدرسا للغة الانكليزية في المدرسة الثانوية المختلطة في قرية الشامية حافظة الديوانية العراقية، في مقدمة هذه الدفاتر يوجه مع بسيسو الشكر للحزب الشيوعي العراقي، ويقول في دفتره انه لا يوجد حزب شيوعي ارتبط بالشعر ك ارتبط الحزب الشيوعي العراقي. ******** لقد تصدى الحزب الشيوعي العراقي –حزب يوسف سل ن- رغم كل اعبائه في مرحلة 1959 للمؤامرة التي كانت تستهدف تصفيتنا الجسدية في زنازين السجن الحر ، بعد ان غسلت ايديها اما من اس ئنا –اجهزة الاعلام المصرية – اذاعة صوت العرب – احمد سعيد. لقد قام هذا الحزب العزيز بنشر اس ئنا، والجرائم التي سبقت ورافقت عملية اختطافنا، وجعل من قضية الحزب الشيوعي في قطاع غزة وقضية الجبهة الوطنية قضية من قضاياه، والآن تقوم –طريق الشعب- بنشر حلقات هذه الدفاتر على صفحاتها. سافرت الى بغداد وكان في جيبي عقد مدرس، اول ليلة سهرت فيها في بغداد مع ناظم حكمت، وبالدينار الوحيد الذي كان معي اشتريت زجاجة نبيذ وتفاحا وديوان شعر ناظم حكمت، وفي الصباح سافر معي ناظم حكمت الى الديوانية ومنها الى قرية الشامية، ولقد ظل يسافر معي. اك من يحترم المدرس هم الفلاحون، كانت المشكلة اين اقيم، وناظر المدرسة يكن يعرف ماذا سوف يفعل . تطوع احد المدرس العراقي واستضافني تلك الليلة، وحمل البواب حقيبتي الوحيدة. دعا ناظر المدرسة لتناول العشاء معه، وبعد العشاء قاد الى البيت الذي قبلني كضيف فيه. حين فتحت الحقيبة وجدت ان شيئا ما قد حدث ونظرت الى المدرس الثلاثة فكانوا يبتسمون. لقد تم تفتيش الحقيبة، عباس العادلي يتقدم مني فاتحا ذراعيه وهو يلوح بديوان المعركة : اهلا بك في العراق. كان ديوان المعركة الذي حملته معي من غزة هو اوراق اعت دي كفلسطيني الى الشيوعي العراقي ، يرتبط حزب شيوعي بالشعر مثل ارتبط الحزب الشيوعي العراقي، لقد كان الحزب رئة من الشعر.
في مدرسة الشامية كنت ادرس اللغة الانكليزية. يطحنون سعف النخيل ويعجنونه ويصنعون منه اقراصا يجففونها تحت الشمس ويأكلونها، هؤلاء كانوا تلاميذي. لبعضهم كنت اعطي دروسا مجانية خاصة، وحين ارسل احد الاقطاعي »الشيخ رابح عطية« احد رجاله ليضربني، كان ابا لتلميذ كنت اعلمه بالمجان، سقطت الهراوة من يد الاب، كان عامل مضخة للمياه، وكان اول من قدمت للحزب الشيوعي العراقي. في ذلك الوقت من بداية عام 1953 كان الحزب يقاتل ضد الانقسام وضد نوري السعيد، من اجل
وطن حر وشعب سعيد. واتصل الحزب بعد ثلاثة اشهر من وجودي في الشامية، ولقد تعلمت الكث من اليد السرية لذلك الحزب.
كنا نحن المدرس الاربعة كل مدرسة الشامية الثانوية للبن والبنات، كانت مدرسة مختلطة، وفي قرية في العراق عام 1953 ، كنت ادرس اللغة الانجليزية، وعباس العادلي يدرس الرياضيات، وكاظم الشمر يدرس اللغة العربية، ومدرس رابع نسيت اسمه كان يدرس الجغرافيا والتاريخ. وبدأت الايام شي في قرية الشامية، كنا نقدم الدروس المجانية للطلاب، وفي المساء كنا نقوم بتصحيح الدفاتر وتحض الدروس لليوم القادم، ثم تد المناقشة حول ما حدث في فلسط وحول ما يحدث الآن في العراق.
حادث لن انساه في حيا فحين بدأت مؤامرة نوري السعيد بطرد اليهود من العراق، كان من ب اليهود المطرودين شيوعية يهودية عراقية، رفضت ركوب الطائرة فضربها عسكر نوري السعيد حتى سقطت فوق سلم الطائرة وجروها فوق وجهها الى داخل الطائرة وهي تصرخ: هذا وطني. ومثل الطائر تلئ حوصلته بالقمح، تلئ صدرك بنسيم الاساط القادمة من يد الحزب. مرة قرأنا قصيدة الجواهري في مديح ولي العهد، وكانت صدمة كب ة لنا نحن الذين قرأنا الجواهري، فقررنا في خلية الشامية وبالإج ع: حرق محمد مهدي الجواهري. كومنا دواوينه واشعلنا فيها النار، وفي التقرير الشهري للحزب كان اول ما كتبته هو قرار اشعال الن ان في قصائد الجواهري، وجاء رد الحزب في صورة منشور كان عنوانه »محمد مهدي الجواهري شاعر العرب الاكبر« هكذا علمني الحزب كيف استخدم الن ان وبشكل آخر.
73