Page 72 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 72
في ذلك البيت في الشامية كان كل واحد منا يتولى مالية البيت لشهر، في الشهر الذي اصبحت فيه مسؤولا عن البيت كنت اعود ومعي سبعة او عشرة طلاب، وهكذا افلسنا في منتصف الشهر، نكن نعرف في ذلك الوقت لا بقالا ولا بائع طيور. وهكذا جلسنا بعد الظهر ننظر لبعضنا البعض، وفجأة التمعت عينا عباس العادلي، كان ينظر الى الح م في ساحة البيت، وبدأنا العمل فورا كاننا كنا نفكر في موضوع واحد، كل منا انقض على ح مة ولقد فوجئ الح م، فلقد كان طول الوقت شي بيننا، منذ ذلك الوقت عشنا على اكل الح م، ور ا كنا اول من اكل الح م في قرية الشامية. بعد ذلك اصبحت عملية صيد الح م صعبة جدا فلم يعد يهبط من اعشاشه على سطح بيتنا
وينزل الى صحن الدار.
كان علينا ان نستخدم السلم لاصطياده في اعشاشه، ووضعنا السم فوق الجدار وكان مخلعا، صعد عليه عباس العادلي بعد حوار طويل، مد عباس يده الى عش الح مة ولكنها زاغت من يده وطارت وهي تخبط وجهه بجناحيها وتبعها الح م واختل توازن عباس فوق السلم فسقط. وفي الصباح رآه الطلاب وهو يعرج ورأوا الك مات على وجهه، و يعرفوا ان مدرس الرياضيات سقط من علو 3 امتار وهو يصطاد ح مة. بدأت منشورات الحزب وكراساته تظهر في قرية الشامية. كل شهر كانت تأ البوسطة وكنت قد اقمت سقفا سريا ثانيا تحت سقف حجر لأخفي المطبوعات، ومع ظهور مطبوعات الحزب بدأ البوليس السري في الظهور، ولكننا كنا بالنسبة لأهل القرية اربعة
من المدرس المحترم الذين يقدمون الدروس المجانية للطلاب ويسهرون يصححون الدفاتر.
»فريد ناجي« – حتى النار لا كن ان حو اسمه من يدي – كان اعز طلا وكان مصابا بروماتيزم في القلب. استعار مني رواية »الام لجور ، ومات و يتم قراءة الرواية. وضع سعفة نخل في منتصف رواية الام وبعدها توقف قلبه عن الخفقان، حملناه فوق سيارة وذهبنا لدفنه في مقبرة النجف، لقد رأيتهم وهم يغسلونه، ولكنهم يستطيعوا ان يغسلوا اسم جور من فوق جلده. اردت ان ادفن معه كتاب الام ولكنهم رفضوا ر ا خافوا ان يقوم كتاب بعمل انقلاب تحت التراب.
الخلية الاولى اعطت الخلية الثانية ولكن الامتحانات النهائية قد جاءت وكانت اهم الاحداث في المدرسة. بدأ حبر المناش يفوح في شوارع الشامية وبدأت الرقابة البوليسية تشتد، كان هلي ان افعل شيئا ما افلت من المصيدة، وجاء مندوب من الحزب وطلب مني السفر معه فورا الى بغداد، سافرنا في الليل الى النجف ومنها الى بغداد. في بغداد كان قرار الحزب ان اغادر العراق، لقد انتهت السنة الدراسية ووزارة المعارف لن تجدد عقدي، ثم علي ان احمل معي رسالة الى الخارج، وكانت رسالة الحزب حقيبة من الخشب امتلأ بطنها طبوعات الحزب.
ولا ازال اذكر انني اصررت على حمل الحقيبة الخشبية: اذا قبضوا علي فلا يهم، اما انت فهم يحتاجون لك كث ا. وسلمني الرفيق الحقيبة ومضيت بها الى فندق الرشيد.
كانت هدية الحزب الشيوعي العراقي الى الشيوعي المصري والشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة، وكانت من اجمل الهدايا التي حملتها في حيا ، وانا مدين بوصول هذه الهدية الى مصر وقطاع غزة الى مدرس فلسطيني من غزة كان يعمل في العراق اسمه ك ل الطويل، حين وصلت الى مطار القاهرة عرفت انني في القا ة السوداء وانطلق ذلك المدرس الى الحقيبة الخشبية ولقد اخبرته حتوياتها حتى يتخذ قراره، و يتردد، ضم حقيبة الخشب الى حقائبه وانطلق بها خارج المطار، ولقد قام بالفعل بتسليمها الى الرفيق ) خ . ش ( الذي طلبت منه تقديم الحقيبة اليه، وهكذا ت تلك الليلة في فندق مطار القاهرة الدولي وفي الصباح تم ترحيلي بالقطار الى قطاع غزة. حين بلغ
القطار محطة رفح الفلسطينية، كنت احس بعجلات القطار وهي تكتب فوق القضبان منشورا جديدا للأرض.
تكن عجلات القطار هي التي تكتب المنشور الجديد للارض، لقد كانت اشعار ومواقف مع بسيسو هي من تكتب تاريخ الارض، فخلال الغارات الاسرائيلية التي سبقت مشروع توط لاجئي غزة في سيناء، وخلال المظاهرات والصدامات مع الجنود المصري رفضا لهذا المشروع، انطلق الشاعر مع بسيسو ورفاقه وط َّلابه في مظاهرة اولى وقاموابتجريدجنودالمباحثمنبنادقهم.فياليومالتالي،كانمعط َّلابه،لكنليسفيالصفوا افيسجنغّزةالمركزّي.بعدهاتحولتنشرة»الشرارة«الىمنشورضد
التوط ، وكذلك الحصص الدراسية.
وفيالتظاهرةالثانية، ُحِمَلبسيسوعلىالأكتاف.وارتفعالهتاف:»لاتوط ولاإسكان،ياعملاءالامريكان«،تق َّدمتالتظاهرة،اولهافيشارععمرالمختار،وآخرهافيح ِّي الشجاعّية.وفجأةانطلقالرصاصمنخلفشاحنةعسكرية..فسقطحسنيبلال،عاملالنسيجفيالمجدلواللاجئإلىغزة.ه َّشمتالرصاصاترأسهوصدرهوفخذيه. احترقت الشاحنة العسكري َّة وهرب رجال الشرطة، واندفع الرفيق يوسف اديب طه لرفع العلم الفلسطيني فوق مقر الحاكم العسكري فأصابته رصاصة قاتلة.... ارتفعت
الأصابع وفوقها دم العامل المجدلاوي الغزي. في هذه اللحظات هب مع بقميص ممزق وصدر مشرع للرصاص وهو يهتف : الدم:دمدم...سالالدم...الدم:دمدم,عاشالدم
74