Page 76 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 76

بغداديات 48 هفت س  ونوروز مجيد
اصيب ملك فارس المسمى أزديهاك بلعنة لشدة ظلمه وجبروته، و ا على كتفيه ثعبانان نه ن لا يشبعان، اشار عليه مستشاروه بان يطعمه  أدمغة الأطفال الأكراد، استجاب ازديهاك لمشورتهم وظل يفعل ذلك. تقول الحكمة الكردية: »العقل ليس حنطة حتى يتم كيله«، وعقل هؤلاء المستشارين   يكن حنطة، وأحيانا يكون »الطربوش كب ا والرأس فارغ( كرأس الملك  اما.
ظهر البطل الكردي كاوا والذي كان يعمل حدادا في اصفهان، فقدم للملك دماغ خروف بدلاً من دماغ ابنته. وسار باقي الأكراد على نهج الحداد كاوا، وق  َّدموا أدمغة خراف بدلاًمنأدمغةأبنائهمالذينه َّربوهمإليهفيالجبال.تقولالحكمةالكردية:»الموتاقلمرارامنالهز ة«و»الخوفمقبرةالذئب«والحدادكاوا يكنخائفا.ومع مرورسنواتطويلةش َّكلكاواجيشاًج َّراراًمنالأطفال،و  َّكنمنالتغلبعلىالملكالظا ،وقتله طرقتهالحديدية،وأوصلرسالةالنصرلشعبهعبرالبلادعنطريق إشعال الن ان على رؤوس الجبال. الدنيا لا تدوم لأحد، هكذا تقول النار. كان ذلك في يوم الاعتدال الربيعي، يوم تساوي الليل مع النهار، يوم تفتح الازهار، وانقشاع الزمهرير وحلول دفء الشمس وبركتها، اعتبر الاكراد يوم النصر يوما جديدا )نوروز(، وصار ذلك اليوم مطلع سنتهم الكردية والتي احصوا منها الى الآن 2632 عاما. يقول المثل الكردي: »حتى العشب يرفض ان يظل تحت الصخور«. وظلوا يحتفلون بهذا اليوم باشعال النار على رؤوس الجبال في انتظار انتصار آخر، على اعداء آخرين غ  ازديهاك او الزحاك
او الضحاك. ح  ننتصر يتوجب علينا ان نكتب التاريخ ونحن نحتفل.
يرفض بعض الاكراد هذه الرواية الاسطورية، ويقول بعضهم ان النوروز هو يوم نزول سيدنا آدم عليه السلام الى الارض، ويقول بعضهم ان النوروز قديم جدا وان من الطبيعي ان تحتفل به حضارات عديدة، لأنه يوم اعتدال الربيع وتفتح الزهور. لا انتصار دون هوية. ويرفض آخرون الرواية جملة وتفصيلا، ويقولون انها كذبة فارسية، وان ازديهاك   يكن ظالما ولكن كورش استولى على العرش مطيحا بذلك بالمملكة الميدية التي اعطت الاكراد حقوقهم، وان مجيء كورش سلبهم حقوقهم واملاكهم وشردهم. تقول الحكمة الكردية: »لا تُبنى الأوطان بالأكاذيب« يؤمن هؤلاء ان الحادي والعشرين من آذار ليس يوم عيد ولا انتصار، وان عيد النوروز هو الاربعاء الاولى من شهر نيسان ففيها اكتمل
خلق الحياة من عناصرها الاربعة: الماء والهواء والتراب والنار. وتقول الحكمة الكردية ايضا: »الخرافة التي لا تأكل من  ارها لا تسقيها«.
في عيد راس السنة الكردية تجتمع العائلة حول مائدة السبع سينات )سبعة حاجيات تبدأ بحرف الس  بالفارسية( وتسمى بالفارسية )هفت س ( وتتألف من: سبزه: الخضرة وترمز للحياة الجديدة سمنو: حلوى فارسية ترمز للوفرة والبركة. سركه: الخل ويرمز للنضج الذهني والسلوك الحكيم. سنجد:  رة النبق البري ويش  الى الحب والعطاء. سكة: مسكوكة نقدية ترمز لل وة. س : الثوم ويرمز للصحة والعلاج. سنبل: السنبلة وترمز الى ج ل الطبيعة. وقد يعوض عن واحد منها بالتفاحة لأنها سيب باللغة الفارسية. ويوضع جانبها القرآن الكريم، ويتم اشعال الشموع المنتشرة على المائدة والموضوعة مقابل مرآة ترمز للخلق. اضافة الى البيض المطلي بالوان مختلفة والذي يرمز الى الخصب واوا  الماء وقارورة فيها سمك أحمر كرمز للحياة. تفاصيل هذه المائدة وما ترمز اليه مكوناتها تعكس ثقافة وا ان الاكراد ومعتقداتهم، ومدى انسانية تطلعاتهم وارتباط وتداخل تاريخهم بتاريخ الحضارات العميقة من حولهم. تقول الحكمة الكردية: »السيف لا يقطع غمده«.
مباركون هم الاكراد، مباركون ومظلومون، ومثلهم كث ون، في الظلم وفي البركة، وفي ضياع الدولة والهوية والرواية التاريخية. يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش: ”الهويةهي:مانُورثلامانَِرث.مانخترعلامانتذكر.الهويةهيفَساُدالمرآةالتييجبأننكسرهاكُل َّ أعجبتناالصورة!“
78


































































































   74   75   76   77   78