Page 79 - Baghdadiat-RightToLeft
P. 79

يعجبني كل ذلك، واعتبره تذك  بالوحدة العربية التي   يعد احد يذكرها هذه الايام بخ  او شر، ويعجبني ان اتذكر كل ت بساط الريح لب م التونسي وان ارددها بصوت فريد الاطرش المصري صاحب الاصول السورية الدرزية، وان اتذكر كم ابدع في تلح  وغناء قصيدة عش انت ا  مت بعدك للبنا  الاخطل الصغ .
ويعجبني ان تغني دمشقية الاصل مصرية الجنسية نجاة الصغ ة رائعة فلسطيني الاصل ارد  الجنسية حيدر محمود »أرخت ع ن جدائلها فوق الكتف  فاهتز المجد وقبلها ب  العين «. الموصل وحلب وب وت وصفد والى جانب اللغة والمص  والتاريخ والدم والقهر وتوابعه يجمع بينها تنافس ناعم على تبني المسؤولية عن انطلاق اغنية جميلة ورقيقة هي الروزنا: عالروزانا عالروزانا كل الهنا فيها ...... شو عملت الروزانا الله يجازيها يا رايح  ل حلب حبي معاكم راح ...... يا محمل  العنب تحت العنب تفاح كل من وليفه معه وأنا وليفي راح ...... يا ر  نسمة هوى ترد الولف ليا لاطلع لراس الجبل واشرف على الوادي ...... واقول يا مرحبا نسم هوى بلادي يا ر  يغيب القمر لاقضي انا مرادي ...... وتكون ليلة عتم والسرج مطفيه
لكل مدينة مقطع مضاف لهذه الكل ت او تغي  في مفردة او مفردت  مع بقاء اللحن ك  هو، ولكل مدينة رواية خاصة لا تخلو من ابعاد سياسية واجت عية، ولكل رواية موثوقية تتعزز  قدار ج ه ية الفنان الذي يشدو بالاغنية: من تعجبه الاغنية بصوت صباح فخري سيصدق رواية أهل حلب ومفادها ان روزنا هو اسم باخرة كانت محملة بالعنب والتفاح وقد س تها تركيا الظالمة نحو شواطئ ب وت بهدف كسر اسعار المنتجات اللبنانية وايقاع خسائر فادحة  زارعي لبنان، وهو ما كاد يحصل لولا نخوة وشهامة اهل حلب الذين قاموا بشراء كافة المنتجات اللبنانية بالسعر الطبيعي وسوقوها في سوريا ودول الجوار تداركا للازمة وانقاذا للاشقاء ونكاية بتركيا.
ومن تعجبه الاغنية بصوت ف وز سيصدق رواية الب وتي  ومفادها ان روزنا باخرة مساعدات ايطالية وليست تركية وكان من المتوقع ان تحمل القمح والحبوب لب وت ولكنها للاسف جاءت محملة بالعنب والتفاح. ومن تعجبه الاغنية بصوت امل مرقص او سناء موسى سينحاز لرواية اهل صفد والتي اعتمدها الكاتب احمد حرباوي اساسا لروايته الاولى »الحب  وت في كانون حيا« ومفادها ان الاهل سجنوا ابنتهم داخل روزنا )الروزنة تعني في فلسط  خرزة او فتحة البئر او المغارة وكذلك هي حجرة مغلقة لتخزين الحبوب لها فتحة من اسفل واخرى من اعلى، وهي الفتحة الصغ ة او الطاقة او الرفوف المحفورة في الحائط( لمنعها من الالتقاء بحبيب القلب و  يفرجوا عنها الا بعد طرد هذا الشاب وابيه الى حلب، ول  تكتمل فصول رواية اهل صفد فقد ذكروا ان الشاب كان خلافا للمنطق السليم يضع التفاح الصلب فوق العنب م  يتسبب
بهرسه وتسريع خرابه، وذلك تنفيذا لرغبة والده الذي يبرر هذا المسلك بارتفاع سعر التفاح قياسا بالعنب.
انا مثلكم   اسمع اغنية الروزنة من افواه العراقي  ولكن الشاعر والكاتب الراحل عبد الكريم العلاف ذكر إنه في أواخر الحرب العالمية الأولى أي 1918، كانت هناك في مدينة الموصل فتاة مخطوبة لأحد أقربائها، وكانا ويتبادلان احاديث الحب من خلال »كوة صغ ة« في الجدار الفاصل ب  الدارين، أهل الموصل وبلهجتهم يسمون هذه الكوة »روزنة« ... وأهل بغداد يسمونها »رازونة« ... ولما علمت أم الفتاة أن أبنتها تتحادث مع خطيبها بواسطة تلك الكوه ... قامت بإغلاقها منعاً للاتصال بينه  قبل عقد
الزواج، وهنا قالت الأم بعتب : علروزنه الروزنه، كل البلا بــــيهه، فردت الفتاة بتحدي: علروزنة الروزنة، كل الهنــــا بيـهه، وأشع ِملت الروزنة قمتي ســديتهه؟!. وبحسب العلاف فقد انتشرت الكل ت في الموصل أولاً، فقام الملا عث ن الموصلي بتلحينها، وصار قراء المقام والمطرب  يؤدونها في مجالس الطرب، ويبدو ان الاغنية انتقلت بتنقل الملا عث ن ب  الموصل وبغداد واسطنبول والقاهرة والشام، ولاقت انتشارا كب اً، وخاصة بعد اداء فرقة الجالغي البغدادي لها، وبالطبع فقد تغ ت بعض كل تها وأضيفت كل ت أخرى لها لتناسب لهجة كل بلد.
الموصل الحدباء   تعد ك  كانت وكذلك حلب الشهباء وب وت الحمراء الشقراء وصفد الش ء، كلها تغ ت، وزالت الروازين من ابنيتها، اما الاغنية فقد بقيت ولكن دون قصتها في الغالب. قد تنفع المنازل دون روازين، ولكن هل ستنفع الاغا  دون قصصها؟ فلنؤلف قصصا للاغا  واغا  للقصص   تعيش المدن ولو في الذاكرة الى ح . الروزنة في الموصل والرازونة في بغداد تجمع لتص  روازين، وهي حاضرة في الشعر الشعبي العراقي كحبل الغسيل في اشعار محمود درويش، يستع  مظفر النواب بـ رازونة السجن لتجسيد الفراغ العاطفي ويعتبرها نظرة تواسي ميت، او نظرة في دفتر فارغ من الناس، وك  نذر في قصيدة سابقة »من اشوفك انذر النج ت ترجية لسوالفنا« ينذر في قصيدة
اخر بتعليق الروازين انتظارا لمقدم الصيف.
81


































































































   77   78   79   80   81