Page 94 - nnn
P. 94

‫العـدد ‪47‬‬                           ‫‪92‬‬

                                                               ‫نوفمبر ‪٢٠٢2‬‬

‫محمد حسين السماعنة‬

‫(الأردن)‬

‫مدير المجلة‬

          ‫يفتح الحارس الباب بلا اكتراث‪ :‬تفضل‪.‬‬       ‫المغرور هو مدير المجلة الجديد‪ ،‬هو كهل أو مشي‬
   ‫يمشي في الممر الطويل الذي تصطف على جانبيه‬      ‫في الستين قلي ًل‪ ،‬بل هو يتربع على كومة من أوجاع‬
‫غرف موظفي المجلة‪ ،‬يبحث بشغف عن غرفة المدير‪:‬‬
                                                     ‫السير فيها‪ ،‬ولكنه رجل عملي «ملسن» كما يقول‬
                     ‫“غرفتي في الجامعة أوسع”‬      ‫رفاقه في العمل‪ ،‬فهو مع اشتعال رأسه شيبًا ما زال‬
                                ‫طرق على الباب‪:‬‬
                                       ‫‪ -‬تفضل‬       ‫يستطيع أن يصنع طاقة ورد من حرفين‪ ،‬ويجعل‬
                                                        ‫قلب سعاد الطالبة العشرينية يتقافز في حيرة‬
    ‫‪ -‬أنا صالح العداد مساعدك‪ ،‬مضطر للمغادرة‬                       ‫وارتباك طر ًبا لحرف يلقيه عليها‪.‬‬
                             ‫سنلتقي غ ًدا‪ ،‬سلام‪.‬‬
                                       ‫‪ -‬سلام‪.‬‬     ‫‪ :‬لغتك رائعة يا سعاد‪ ،‬أنت رائعة يا سعاد‪ ،‬نسجك‬
                                                           ‫الأفكار بديع متقن‪ ،‬أنت موهوبة يا سعاد!‬
    ‫مضت ساعة وهو جالس في مكتبه الجديد‪ ،‬ولم‬
                                  ‫تطرق يد بابه‪.‬‬      ‫وانهالت عليه التهنئات من كل فج عميق وهو في‬
                                                                      ‫مكتبه‪ ،‬وقابلها كما هو دائ ًما‪:‬‬
   ‫يهم بالخروج من غرفته‪ ،‬نادى بصوت صاخب‪،‬‬
  ‫تربت على باب الغرفة يد حانية‪ :‬تأخرت قلي ًل‪ ،‬ها‬      ‫“هذه مجلة الدولة‪ ،‬وأنا منذ الآن على موعد مع‬
 ‫هو بريد المجلة‪ ،‬وها هي النصوص التي سننشرها‬          ‫كثير من الصعود إلى منصات الاحتفاء والتكريم‬
                                                    ‫والتتويج‪ ،‬والغياب والسهر والسفر اليوم أنا أنا»‬
                                    ‫هذا الشهر‪.‬‬      ‫قال لزوجته ثم مشى بخطى ثقيلة غير عابئة بما‬
                       ‫‪“ -‬كم حلمت بهذا اليوم!»‬    ‫تركه خلفه من خطوات واهنة‪ ،‬ثم التفت إليها وقال‪:‬‬
 ‫وهو يقلب النصوص بيدين جافتين‪ :‬سعاد‪ ،‬ها ها‬            ‫اليوم أصبحت مدير المجلة‪ ،‬أخي ًرا جلست حيث‬
                 ‫ها‪ ،‬آخ يا سعاد‪ ،‬مضطر لنشره!‬
‫ويعود لتقليب النصوص بقسوة حينًا وبحب حينًا‪.‬‬                          ‫أستحق‪ ،‬وحيث أردت وحلمت‪.‬‬
   ‫ثم قال بنبرة غريبة وهو يلقي بورقة على طرف‬             ‫الزوجة بحب‪ :‬مكانك القمم يا حبيب الروح!‬
                ‫مكتبه‪ :‬أها‪ ،‬محمد ابن أبي جمال؟‬           ‫الحارس‪ :‬عف ًوا‪ ،‬هذا «الكراج» لموظفي المجلة‪.‬‬

                                                               ‫المدير بزهو وبقوة‪ :‬أنا المدير الجديد‪.‬‬
   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98   99