Page 35 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني
P. 35

‫الخير أصحاب فن يصلون الرؤوس التى ف ُـصل ْت عن أجسادها (صورة مجازية)‬              ‫أوزير (إشارة إلى الحساب فى الآخرة) وق ّـع العقاب على من يستحق العقاب‬
                               ‫الشكوى الثامنة‬                                          ‫اجعل نفسك معادلا للميزان فإذا ستر َت المجرم فمن يكبح الشر؟ والعظيم‬

      ‫فى اليوم التالى قال الفلاح للحاكم‪ :‬إ ّن الناس يتعثرون بسبب الطمع‪ .‬والإنسان‬                                               ‫لايكون عظي ًما إذا تملكه الجشع‬
      ‫الجشع عاجز عن النجاح‪ ،‬ولكنه ينجح فى الخيبة‪ ،‬إنك جشع وذلك لا ينسجم‬                                         ‫الشكوى الرابعة‬
      ‫معك‪ .‬إنك تسرق وذلك لا ُيفيدك‪ .‬أنت من سمح لي أ ْن اشرف على قضيتي والحق‬            ‫وجاء الفلاح ليشكو للمرة الرابعة وكانت المقابلة اثناء خروج رئيس البلاط العظيم‬
      ‫أنت من يجب عليه أ ْن يقبض على اللص‪ .‬إ ّن الحكام وظيفتهم كبح الكذب‪ .‬إنك‬           ‫رنسي بن مرو‪ ،‬من معبد الإله القابع على بحيرته قال‬
      ‫لا ت ُـبصر ما فى قلبى والإنسان الذى لا يتكلم و ُيدافع عن حقه يتر ّدد فى توبيخك‬   ‫الفلاح‪ :‬أيها المكافأ‪ ،‬كافأك الرب» الذي على بحيرته» وأنت خارج من بيته‪ ،‬الخير‬
      ‫والذى ُيطالب بحقوقه لا يخاف الحكام ومع ذلك تغتصب حقوقي‪ ،‬فهل أنت لص؟‬              ‫ضاع‪ ،‬ولا أحد يعتز بطرح الكذب أرضاً‪ ،‬بائس هو حال الفقير‪ ،‬الذي خربت بيته‪،‬‬
      ‫أقم العدل لرب العدل وإلهة العدل (ماعت) عدالتها موجودة وأنت يا أيها‬               ‫انت الذي يصطاد فرس النهر بالحربة‪ ،‬الذي يطلق السهام على ثيران البرية‪،‬‬
      ‫القلم وأنت يا أيتها البردية ويا أيتها الدواة ويا تحوت (رمز الكتابة) ابتعدوا عن‬   ‫الذي يصطاد الاسماك بالسيخ‪ ،‬ويمسك بطيور السماء‪ ،‬لكنك فقد شجاعتك‪،‬‬
      ‫عمل السوء‪ .‬إ ّن العدل سيكون إلى الأبد ويذهب مع من يعمله إلى القبر و ُيدفن‬        ‫وتراجعت فيما نويت‪ .‬لانك ُمنغمس فى الملذات‪ .‬لاتكن قاس ًيا فيحيط بك الأذى‪.‬‬
      ‫وتطويه الأرض‪ .‬ولكن ستظل ذكراه للخير‪ ،‬وهذا هو القانون فى كلمة الآلهة هو‬           ‫من يأكل يتذ ّوق ومن ُيخاطب ُيجيب‪ ،‬لاتجعل قاربك يرتطم فيغوص في اللجج‬
                                                                                       ‫وأنت يا معطى الحياة لاتسلب الحياة من الفقراء‪ ،‬لا تكن متكبر بسبب قوتك‬
                                      ‫الميزان والميزان لا يجب أ ْن يميل فكن طيبا‬       ‫حتى لا تصل إلى الشر‪ ،‬أيها المدمر لا تسمح بالدماء‪ ،‬أيها الظل لا تصبح ضوء‪،‬‬
      ‫فالعدالة تدوم للأبد‪ ،‬فهي ترتفع مع مقيمها عاليا في مملكة الغرب الجميل‬                  ‫أيها الهارب لا تسمح بالسرقة‪ ،‬لرابع مرة أشكو إليك وإلى متى سأبقى؟؟‬
      ‫أي (العالم الآخر) وسيدفن معها ولا يمحى أسمه من على الأرض وسيذكره‬                                         ‫الشكوى الخامسة‬
      ‫الناس بالخير وهذا هو أساس كلمة الرب كن ميزان لا يميل كن ميزان لا يختل‬
      ‫إذا جئت أنا اوغيري فلا ينبغي ان تكون الأجابة عليه بلغة الصمت‪ ،‬أنت لا‬                                                ‫وجاء الفلاح ليشكو للمرة الخامسة‬
      ‫تعطني أي جزاء أمام الكلمات الجميلة التي تخرج من فم رع قل الحقيقة وأقم‬            ‫قال‪ :‬يا رئيس البلاط العظيم‪ ،‬يا سيدي من يصطاد السمك بالحربة يذبح‬
      ‫العدل فهو عظيم وباقي ستجزيك أمانتها بسعادة غامرة‪.‬لايستطيع الشر ان يصل‬            ‫اسماك ومن يصطاد السمك بالسيخ يقتل اسماك‪ ،‬ومن يصطاد السمك بالشباك‬
      ‫للهدف والجميع سيواريهم التراب‪، ،‬حينما تنطق بالعدل وتقيم العدل ينقشع الظلم‬        ‫يمسك اسماك فهل صيادي السمك يصحرون النهر؟ فلا تسلب الصغير ممتلكاته‪،‬‬
                                                                                       ‫وانت البحر الكبير‪ ،‬فأنفاس الفقير ممتلكاته‪ ،‬ومن يسلبها يسد أنفه لقد عينت‬
                                                   ‫مع الظلام‪ ،‬فالعدل عظيم‪.‬‬             ‫لتسمع الشكوى‪ ،‬ولكي تفصل بالحق بين المتخاصمين ولكي تطارد اللصوص‪ ،‬وأنت‬
                          ‫الشكوى التاسعة والاخيرة‬                                      ‫ملاذ للصوص‪ ،‬كيف تكون سداً للفقير يحمية من الغرق وأنت البحر الجارف الذي‬
      ‫وكانت هذه الشكوى (والأدق كما يقول علماء المصريات) كانت آخر رسالة فى‬              ‫يبحر مع الكذب فلا يصل بالفقير الي اليابسة‪ ،‬تركه‬
      ‫(نقد الحاكم) وفيها قال الفلاح للحاكم‪ :‬أيها المدير العظيم إ ّن لسان الناس ليس‬
      ‫إلاّ لسان ميزانهم فهوالميزان الذى يبحث عن نقائصهم‪..‬ويدل على طبيعتهم‪..‬‬                                                  ‫الحاكم ليستمع للمزيد من بلاغته‬
      ‫وقـ ّـع العقاب على من يستحق العقاب واعلم أنه لاشىء ُياثل استقامتك‪ ،‬إ ّن‬                                  ‫الشكوى السادسة‬
      ‫الصدق ثروة الإنسان‪ .‬والكذب ُيضلله‪ ،‬الكذب ُيبعد الإنسان عن العبور بقاربه‬
      ‫الي النجاة ‪.‬ويجعله لايقوم بارضاء الاله‪ .‬لاتكن ثقيلا يا من لس َت خفيف ًـا‪ ،‬لاتكن‬                                     ‫وجاء الفلاح ليشكو للمرة السادسة‬
      ‫متحز ًبا واستمع لقلبك‪ ،‬ولا تحجب وجهك عن إنسان تعرفه‪ ،‬ولاتتعامى عن إنسان‬          ‫قال‪ :‬يا رئيس البلاط العظيم‪ ،‬يا سيدي من يقضي على الغش يقيم العدالة وكل‬
      ‫رأيته‪ ،‬اترك هذا الخمول ولتكن حكمتك‪ ،‬اعمل الخير لمن يستحقه‪ ،‬الخامل لا‬             ‫من يقيم الخير والعدل يبيد الشر‪ ،‬ويكون كالشبع للجائع والرداء للعريان والدفء‬
      ‫ذكرى له والأصم عن العدل لا رفيق له‪ ،‬تأمل إنى أشكو إليك وأنت لا تسمع‬              ‫للبردانين والماء الذي يطفئ ظمأ العطشانين والسماء الصافية بعد العاصفة‬
      ‫شكواى‪ ،‬لذلك سأذهب وأشكوك لأنوبيس (أنوبيس أحد مساعدى أوزير في‬                     ‫الشديدة‪ ،‬والنار التي تنضج الطعام لكن‬
                                                                                       ‫أنظر حولك تجد فاعل الخير حضن للصوص‪ ،‬وحارس الأمن مشاغب والوديع‬
                                                    ‫العالم السفلى)احد الالهه‬           ‫معذب‪ ،‬والنصاب يتفه العدل‪ ،‬لا تكن ثقيل الحركة‪ ،‬ليس بالسرقة يجب أن تكن‬
                                 ‫نهاية القصة‬                                           ‫مثلا أعلى للناس‪ ،‬فالمحيط حولك كله فاسد‪ ،‬كان عليك أن تكون مستقيما أمام‬
      ‫بعد أ ْن ألقى الفلاح (خنوم أنوب) مرافعته التاسعة‪ ،‬أمرالحاكم بعودته ثانية‪.‬‬        ‫كل الناس‪ ،‬فإذا بك شيخ منصر هذه البلاد‪ ،‬وواصل حديثه فقال‪ :‬إ ّن مجداف‬
      ‫خاف الفلاح واعتقد أنه س ُيعاقبه على النقد الاذع الذى و ّجهه إليه‪ ،‬فقال الفلاح‬    ‫القلوب فى يدك‪ .‬فإذا انقـلب القارب فإ ّن حمولته تتلف وتضيع على الشواطىء‪.‬‬
      ‫إننى مثل الظمآن الذى يقترب من الماء‪ ،‬والفطيم الذى يشتاق الي اللبن‪ ،‬وكانت‬         ‫إنت متعلم وماهر ولكن ليس فى النهب‪ ،‬إ ّن مثلك مثل الإنسان الذى كل أعماله‬
      ‫المفاجأة فقد سمع الحاكم يقول له «أيها الفلاح ج ّهز نفسك على أ ْن تعيش معى»‬       ‫ملتوية‪ ،‬البستاني الشرير الذي يروي حديقته بالخطيئة حتما ستثمر بالاكاذيب‬
      ‫واندهش اكثر بامر الحاكم بان يأتى كاتب ليسمع شكواك من جديد ويكتبها‬
      ‫على أوراق البردى وكل شكوى فى بردية مستقلة ثـ ّم أمر بإرسالها إلى ملك‬                                                             ‫وتغمر التعاسة حديقته‬
      ‫مصر(بنكاو‪ -‬رع) الذى ابتهج بعد قراءتها وأمر بتدريسها للتلاميذ فى المدارس‪).‬‬                                ‫الشكوى السابعة‬
      ‫كما جاء فى آخرالبردية أ ّن الحاكم أمر بعقاب اللص وأ ْن يؤول بيته ومزرعته‬
      ‫إلى الفلاح خنوم أنوب‪ ،‬ويرى بعض العلماء أ ّن تلك العقوبة صورة رمزية للعقاب‬                                        ‫وجاء الفلاح إليه ليشكو للمرة السابعة‬
      ‫الذى يجب أ ْن يقع على الإنسان (الط ّماع) الجشع الذى يستبيح لنفسه سرقة أموال‬      ‫قال الفلاح للحاكم‪ :‬أيها المدير العظيم إنك ُمعادل ل (تحوت) فيجب أ ْن تقضى‬
      ‫غيره‪ ،‬خاصة لوكان هذا الإنسان على درجة من ُيسر الحال الموظف (نمتي نخت)‬            ‫دون أ ْن تنحاز لاحد‪ ،‬ك ْن صبورًا حتى يمكن للإنسان أ ْن يستغيث بك والإنسان‬
      ‫الذى أعماه الجشع فطمع فى المحصول الذى كان يحمله اتن الفلاح (خون إنبو)‬            ‫الحكيم هو من عنده ب ُـعد النظر‪ .‬إ ّن الذى ينتهك حرمة القانون ولم ت ُـواجهه العدالة‬
                                                                                       ‫فلا يستطيع الإنسان الفقير أ ْن يـُقاومه إ ّن‬
                                                                  ‫المراجع‬              ‫جوفى وقلبى لم ُفعمان وقد طفح من جوفى تقرير حالتى لقد كان َص ْدعٌ فى السد‬
      ‫‪1‬ـ موسوعة مصرالقديمة‪ -‬ج ‪ 18‬قام بترجمة البردية من الهيروغليفى إلى‬                 ‫فتدفق منه الماء وانفتح فى الكلام وعندئذ أعمل ُت مجدافى لسير أغوار نفسى‬
      ‫العربىة عالم المصريات سليم حسن ‪2‬ـ‬                                                ‫ونزح ُت مائى ور ّوح ُت عما فى جوفى وغسل ُت كتانى (ملابسى) والآن انتهى خطابى‬
                                                                                       ‫وانتهى بؤسى فى حضرتك‪ ،‬فما الذى تطلبه الآن؟ إ ّن ظللت في خمولك س ُيضللك‬
                                     ‫كتاب فجر الضمير لجيمس هنري برستيد‬                 ‫ــ وشراهتك ستغشك وعدم اكتراثك س ُيولد لك العداء والأعداء ولكن هل‬
      ‫وعن هذه القصة كتب عالم المصريات برستد فى كتابه (فجر الضمير) ان‬                   ‫ُيكن أ ْن تجد فلا ًحا مثلى؟ وهل الشاكى يقف على بيت الخامل؟ فلا تكل ايها‬
       ‫هذا المشهد ُيعد من اهم المبادىء المعنوية التي قدمت فى شكل مواقف حياتيه‬          ‫الحاكم اذا وجدت إنسان صامت الا وأنطقته‪ .‬ولا نائم الا وأيقظته ولا مكتئب الا‬
                                                                                       ‫وأزل َت حزنه ولا جاهل الا وعلمته‪ .‬فالحكام وظيفتهم القضاء على كل سوء وأرباب‬
‫‪35‬‬
   30   31   32   33   34   35   36   37   38   39   40