Page 32 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني
P. 32
االلقماننتودنيي
الفلاح الفصيح
بقلم:
الدكتور القس /جرجس عوض
راعي الكنيسة المعمدانية بالقاهرة
وعضو الهيئة الاستشارية لمجلة «ثقافة قانونية»
انهــا القصــة الفرعون ّيــة الشــهيرة التــي ذاع صيتهــا
وشـهرتها وتعـددت ترجمتهـا وهـي تحكـي ،عـن الفلاح
الــذى شــ ّبه «العدالــة بالميــزان» وقعــت أحــداث تلــك
القصــة فــي عصــر الدولــة الوســطى بعــد أن تــم إعــادة
توحيــد البــاد بقيــادة الملــك مينــا ،وتحديــدا فــي العصــر
الانتقالـي الأول وقـد اجمـع معظـم العلمـاء بانهـا قصـة
حقيقيــة وقعــت أحداثهــا إبــان عهــد الملــك «بنــكاو-
رع» فـى نهايـة الألـف الثالثـة قبـل الميـاد وقـد وصلتنـا
كتابـات عديـدة تعكـس عـن ثقافـة تلـك الحقبـة الزمنيـة
التـي عاشـتها البـاد ،اهمهـا «شـكاوي الفـاح الفصيـح»
الــذي وصلنــا مكتوبــ ًا بالخــط الهيروغريفــي علــى أربــع
برديــات ،ثــاث منهــا محفوظــة فــي المتحــف المصــري
ببرليــن تحــت الأرقــام الاتيــة ،3032 :ـ،3035ـ ،10499والرابعــة
محفوظـة فـي المتحـف البريطانـي تحـت رقـم 1027ـ ومـن
خـال تلـك البرديـات نكـون قـد حصلنـا علـي النـص بأكملـه
تقريبــا .وهــي ُتعــد مــن روائــع القصــص الشــعبية فــى
مصــر القديمــة وقــد قيــل ان العنــوان الأصلــى للقصــة
هــو (ســاكن الحقــل) وذكــر البعــض انهــا بــدون عنــوان
والنــص معــروف باســم «الفــاح الفصيــح»
في وجهه قائلا ،إياك ان تلمس ملابسي! فقال الفلاح :سأفعل ما تريد ،وابتعد أحداث القصة
تدور احداثها حول فلاح فرعوني يدعي (خون إنبو) ومعنى اسمه أنوبيس
عنه ولكن نمتي نخت الموظف قال له :أتريد أ ْن تجعل حقلي المزروع بالشعير يحمي ومتزوج من سيدة مصرية تدعي ميريت معني اسمها جميلة ،وكان
مم ًرا لك؟ وظ ّل ذالك الموظف يتربص بالفلاح ويستفزه ،وأثناء النقاش الحاد موطنه في سخت حمات ترجمتها « حقل الملح» وهي وادى النطرون» ،وفي يوم
مال أحد الحمير وأكل من الشعير ،فصرخ نمتي في وجه الفلاح أكثر ،وقال إنه ما قال لزوجته أنه سوف يذهب للمدينة لـ ُيحضر بعض الطعام للأطفاله وبيته.
ثم حمل في معطفه ستة مكاييل من القمح ليستبدلهم بما يحتاج ،حيث كان
سيأخذ ذلك الحمار ثمنا لما اكله الحمار! فقال الفلاح :وهل من العدل أن تأخذ نظام (المقايضة) هو العملة السارية في ذاك الوقت ،حيث لم يكن يعرف بعد،
بنظام العملات المالية بكل أنواعها ،وقد ترك لزوجته وأطفاله عشرين مكيالا
حما ًرا مقابل قبضة شعير ملأ بها الحمار فمه! وهنا أخذ الموظف غصن أخضر من القمح ،وأخذ معه زاد للطريق وايضا كل ما يستبدله من سلع .وودع زوجته
وراح يضرب الفلاح ضرباً مبرحاً ،وأخذ الحمار وساقه إلى ضيعته عنو ًة ،وبكي واولاده ومضي الي المدينة هو وخدمه ،وعندما وصل الي مدينة إهناسيا أطفيح
الفلاح بصياح عظيم! صاح الموظف في وجه الفلاح أخفض صوتك ،أنت في
عاصمة البلاد حينذاك – بدأت رحلة المعاناة
حضرة سيد الصمت! وهو احد الالهه ،قال الفلاح :تضربني ،وتسرق ممتلكاتي رحلة المعاناة
وتصادر شكواي من فمي ،وصاح يا سيد الصمت ،أعد لي أشيائي ولن أشكو فأثناء سفره اعترضه احد كبار الموظفين ويدعي « نمتي نخت « كان يعمل
مع « مرو بن رنسي « رئيس مديرى القصر الملكى ،ومن أقرب الناس إلى الملك
ظلماً! وأخذ الفلاح البسيط يرجوه أ ْن لا يفعل هذا قائلا ،لدي زوجة وأطفال في هذا الرجل» نمتي نخت « طمع فى الزكائب التى يحملها الفلاح علي اتانه ،ولكى
انتظاري ،ارجوك لا تأخذ حماري لكن الموظف لم يسمع له ،وأص ّر الموظف على يحتال له وضع قطعة من القماش وفرشها على الطريق حيث كان يسكن علي حافة
موقفه ،وبعد ايام من المحاولات ذهب الفلاح المسكين خون انبو إلى مدير بيت تلك الطريق وهو(مدخل المدينة) ،وحينما اقترب الفلاح ،صاح بصوت جهوري
الحاكم وصاح بصوت الحكمة قائلا اني اعلم يقيناً من هو صاحب تلك الضيعة أكتوبر 322024
فهى ملك لـ « مرو بن رنسي » رئيس مديرى القصر ،ورئيس ديوان الملك ،اعلم
انه رجل عادل يقف فى وجه اللصوص ،فكيف أُسر ُق أمام ضيعته؟ وبدأ يقدم
شكواه التي تضمنت عدة شكاوي نعرضها كالاتي:ـ