Page 30 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني نهائي
P. 30

‫االلقماننتودنيي‬

‫التقاضى من أهم حقوق المواطنة‬
        ‫فى الدستور المصري‬

              ‫حق التقاضى هو من أهم حقوق المواطنه فهو الحامى أيضا لكافة الحقوق ‪.‬‬                   ‫بقلم‪:‬‬
‫و يعتبـر القضـاء فـي أي دولـة أحـد أهـم الركائـز التـي تقـوم عليهـا الدولـة ذاتهـا‪ ،‬كمـا‬
‫أنــه عنــوان ســيادتها‪ ،‬وهيبتــه مســتمدة ٌمــن هيبــة الدولــة‪ ،‬وضعــف أحدهمــا دليــل‬
‫ٌعلــى ضعــف الآخــر‪ ،‬كمــا أن القضــاء يعتبــر صمــام الأمــان والعــدل‪ ،‬والمعقــل الأخيــر‬

                           ‫للعدالــة‪ ،‬فمتــى اخ ُتــرق أو ضعــف‪ ،‬فليــس بعــد ذلــك مــن عــزاء‪.‬‬

‫لم تلق بالاً إلى إدراج حق التقاضي كحق مستقل وقائم بذاته في إطار الحقوق‬                  ‫الدكتور ‪ /‬عبد الله المغازي‬
                                               ‫العامة المكفولة للمواطنين‪.‬‬
                                                                                                                                    ‫الفقيه الدستوري‬
‫وإذا كان « الدستور» هو مجموعة النصوص التى تضع « النظام الأساسي‬
‫« للدولة وأنه بقدر اهتمامه بتحديد «السلطات» فى الدولة ‪ ،‬وما لكل منها من‬               ‫وعضو لجنة ثقافة القانون والمواطنة وحقوق الإنسان‬
‫اختصاصات وإمكانيات – فإنه لابد أن يحرص على إقرار ما للإفراد من حقوق‪،‬‬
‫وما عليهم من واجبات وما لهم فى هذا الصدد من ضمانات تكفل لهم أن تصبح‬            ‫ومن هذا المنطلق‪ ،‬يعتبر حق التقاضي من أهم المبادئ الضامنة للحقوق والحريات‬
                                                                               ‫المكفولة لكل إنسان‪ ،‬وهو حق تحترمه جميع الشرائع والقوانين‪ ،‬وتؤكد عليه‬
                 ‫تلك الحقوق « الدستورية « واقعاً قائماً ‪ ،‬أو حقيقة واقعة ‪.‬‬     ‫القرارات والمواثيق الدولية‪ ،‬ومنها الإعلان العالمي للحقوق الذي نص على حق‬
‫وترتيباً على ما تقدم‪ ،‬فإن كفالة «حق التقاضي» – وهى إحدي الضمانات‬               ‫كل إنسان في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مختصة مستقلة ونزيهة مشكلة‬
‫الأساسية التى يلزم قيامها تحقيقاً لمبدأي ‪ :‬سيادة القانون من ناحية ‪ ،‬والمساواة‬
‫بين الأفراد من ناحية أخرى فقد أصبح من الضرورى أن يتضمن « الدستور «‬                                                                        ‫وفقاً للقانون‪.‬‬
‫من النصوص ‪ ،‬ما يكفل تقرير هذه المساواة بين الأفراد ‪ ،‬وعلى رأسها كفالة حق‬       ‫ولهذا فانه يصبح من أولى واجبات الدولة أن توفر للعاجزين والضعفاء من‬
                                                                               ‫الإمكانيات ما يعينهم على ممارسة حقهم في التقاضي‪ ،‬إذا ما عجزوا عن ذلك‪،‬‬
                                          ‫التقاضي للكافة على حد سواء‪.‬‬          ‫ومن باب أولى فانه يكون على الدولة أن تتولى إزالة كل ما يعوق أو يمنع سبل‬
‫فالمادة(‪ )97‬من الدستور المصري الجديد ‪ 2014‬تنص على ان‪« :‬التقاضى‬
‫حق مصون ومكفول للكافة‪ .‬وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضى‪ ،‬و تعمل‬                                           ‫ممارسة كافة الناس لهذا الحق المقدس المصان‪.‬‬
‫على سرعة الفصل في القضايا‪ ،‬ويحظر تحصين أى عمل أو قرار إداري من‬                 ‫وإذا ما تقرر هذا المبدأ‪ ،‬الذي لا أظنه بحاجة إلى مزيد من تقرير أو إثبات أو‬
‫رقابة القضاء‪ ،‬ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعى‪ ،‬والمحاكم الاستثنائية‬       ‫إقناع فإنه يصبح من الظواهر المؤذنة بالسوء‪ ،‬ومن أشد الأمور إزعاجاً وإقلاقاً‬
                                                                               ‫للضمير الانساني أن نجد بعض الجهات الحكومية تسعى لاستصدار‪ -‬تشريعات‪-‬‬
                                                          ‫محظورة»‪.....‬‬         ‫ُت ِّصن ما يصدر عن بعض تلك الجهات من قرارات أو تصرفات من خضوعها‬
‫والمادة (‪« :)98‬حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول‪ .‬واستقلال المحاماة وحماية‬     ‫للرقابة القضائية ‪ ،‬وإغلاق جميع سبل الطعن أو الاعتراض عليها‪ ،‬ومنع القضاء‬
‫حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع‪ .‬ويضمن القانون لغير القادرين مال ًيا وسائل‬        ‫الإداري بصفة خاصة باعتباره حارس المشروعية من بسط رقابته على قرارات‬
                                                                               ‫وتصرفات تلك الجهات الحكومية‪ ،‬أياً كانت مبررات ذلك – الامر الذي يقتضي‬
                               ‫الالتجاء إلى القضاء‪ ،‬والدفاع عن حقوقهم»‪.‬‬        ‫مقاومة أبة قيود تحد من إطلاق الرقابة القضائية على الأعمال الحكومية‬

                  ‫الإطار الدستوري لنص المادة ‪ 97‬من الدستور المصري ‪:‬‬                                                                       ‫بصفة عامة ‪.‬‬
                                                                               ‫وهذا التحديد سوف يستتبعه‪ ،‬بالضرورة‪ ،‬تعدد محتوى قائمة الحقوق واتساع‬
‫نصت المادة (‪ )97‬من دستور ‪ 2014‬على التالي‪« :‬التقاضي حق مصون ومكفول‬              ‫مساحة الحريات‪ ،‬إلا أن تلك النتيجة لا تكتمل ثمارها بدون إقامة مظلة حامية‬
‫للكافة‪ .‬وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي‪ ،‬وتعمل على سرعة الفصل في‬             ‫للحقوق والحريات‪ ،‬ضامنة لصد أي تعسف يطولها من قبل تصرفات السلطات‬
‫القضايا‪ ،‬ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء‪ ،‬ولا يحاكم‬
                                                                                                                                               ‫العامة ‪.‬‬
            ‫شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي‪ ،‬والمحاكم الاستثنائية محظورة‪».‬‬          ‫فضمان الحق في الدعوى القضائية لا يكون إلا بوصفها سببا وحي ًدا‬
‫وقد أضافت تلك المـادة إضافة جديدة عن دستور ‪ 1971‬فيما يتعلق بحق‬                 ‫لمباشرة حق التقاضي؛ وكان هذا الحق يعتبر لاز ًما لإنفاذ سيادة القانون التي عقد‬
‫التقاضي وهي الجملة الخاصة بأن المحاكم الاستثنائية محظورة‪ ،‬و هو ما أتى‬          ‫لها الدستور المصري الحالى الصادر في ‪ ،2014/1/18‬با ًبا مستقلاً‪ -‬وهو بابه‬
‫به دستور ‪ 2014‬و لم يأت به دستور ‪ ،1971‬ويتبين لنا من استقراء نص المادة‬          ‫الرابع‪ -‬محد ًدا فيه القواعد التي لا تقوم سيادة القانون في الدولة بدونها‪ ،‬فهى‬
‫(‪ )97‬المشار إليها‪ ،‬أن الدولة تلتزم فيما يتعلق بحق التقاضي بالآتي‪:‬صيانة و‬       ‫محور نظامها القانوني وأساس شرعيتها‪ ،‬وأن ممارسة الدولة لسلطاتها‪ ،‬لم تعد‬
‫كفالة حق التقاضي‪ ،‬تقريب جهات التقاضي من المتقاضين‪ ،‬سرعة الفصل في‬               ‫امتيا ًزا شخص ًيا لأحد‪ ،‬ولكنها تباشرها نيابة عن الجماعة ولصالحها‪ ،‬مقيدة في‬
‫القضايا‪،‬حظر تحصين أي عمل أو قرار اداري من الرقابة القضائية‪،‬عدم جواز‬            ‫ذلك بقواعد قانونية تعلوها‪ ،‬وتعصمها من جموحها بما يكفل دائماً ضمان ردها‬
‫محاكمة أي شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي‪ ،‬حظر إنشاء محاكم استثنائية‪،‬‬
                                                                                      ‫الى جادة الصواب إن هى جاوزتها – أو تجاوزتها ‪ -‬متخطيه حدودها‪.‬‬
                                          ‫ويلاحظ على هذا النص مايلي‪:‬‬           ‫وإذا كان الدستور‪ ،‬قد أقام من حصانة القضاء واستقلاله ضمانتين‬
                                           ‫أولاً‪ :‬وصف الحق بالمصون ‪:‬‬           ‫أساسيتن‪ ،‬فقد أورد فى هذا الصدد نصاً دستورياً صريحاً لكفالة عدم الفصل‬
                                                                               ‫بين حقوق الأفراد وحرياتهم وبين وسائل حمايتها‪ ،‬بل تكون معززة بها‪ ،‬ومقترنة‬

                                                                                                                                  ‫بها‪ ،‬لضمان فعاليتها‪.‬‬
                                                                               ‫فمبدأ حق التقاضى ‪ droit d’agir en justice‬هو عنصر أساسي في‬
                                                                               ‫أى نظام قضائي وأحد مبادئ هذا النظام‪ ،‬واللافت للنظر أن الدساتير الملكية‬

                                                                                                                   ‫أكتوبر ‪302024‬‬
   25   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35