Page 53 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني نهائي
P. 53

‫تحرص مجلة « ثقافة قانونية « على إتاحة الفرصة للشباب للتعبير عن رؤاهم بأقلامهم‬
                                                               ‫الوطنية بوصفهم المستقبل الواعد لمصر الكنانة ‪.‬‬

                    ‫ومن ثم ؛ تقدم الباحثة المجتهدة آية عبد الهادى فى هذا المقال قراءة موضوعية فى كتاب‬
                                                 ‫«شخصية مصر « للعظيمة الراحلة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد‬

                    ‫والتى تكتب عن مصر بوعى صادق‪ ،‬وقلب عاشق‪ ،‬وأسلوب آسر‪ ،‬فتثير عن الوطن قضايا بالغة‬
                    ‫الأهمية‪ ،‬وتصلح مفاهيم شائعة‪ ..،‬تصف بصدق وأمانة الحالة المصرية فى كل عصر وكل أزمة‪،‬‬
                    ‫فيكشف الكتاب ظلام العقل والقلب لنعى أن مصرنا حيةٌ لا تموت مهما تكالبت عليها نوائب الدهر‪.‬‬
                    ‫وقد صدرت من الكتاب عدة طبعات لعل أهمها طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب عام ‪1989‬‬

                                                                               ‫وطبعة دار نهضة مصر عام ‪.2014‬‬

                                                              ‫ملخص البحث‬
      ‫لا شك أن حقوق المرأة تعد جز ًءا رئي ًسا من حقوق الإنسان بصفة عامة‪ ،‬فضلا عن جوهرية هذه الحقوق فى كونها عنصرا أساسيا وحاضنا فى‬
      ‫الوجود‪ ،‬وتأتى المساواة بين النساء والرجال للقضاء على كافة أنواع التمييز‪ ،‬إذ أن العالم يمر بمرحلة من مراحل عدم الاستقرار‪ ،‬وذلك مما يؤدى إلى‬
      ‫بروز ظواهر عدة‪ ،‬ومنها العنف الأسرى تجاه المرأة‪ ،‬والعنف فى النزاعات المسلحة‪ ،‬وكذا العنف بكل أشكاله المعنوية والمادية؛ حيث تنتشر جرائم العنف‬
      ‫والاضطهاد وعدم التمكين ضد المرأة بصورة كبيرة فى أغلب دول العالم أ ًّيا كانت مكانة الدولة‪ :‬متقدمة أم نامية؛ فالمرأة تتعرض لانتهاك حقوقها فى‬
      ‫جميع مراحل حياتها وتعرضها للخطر سواء كان هذا العنف متولدا عن البيئة المحلية أم أنه جريمة تمثل امتدادا لتيار العنف العالمي‪ ،‬لذا فإن إشكالية‬
      ‫العنف ضد المرأة من الموضوعات التى لها أهمية توجب البحث فيها ومناقشتها‪..‬وهى ليست ظاهرة جديدة‪ ،‬وإنما هى قديمة قدم النوع الإنساني‪/‬‬
      ‫البشري‪ ،‬ولكن من خلال السنوات الأخيرة ومع الكثير من الأحداث التى يمر بها العالم أجمع‪ ،‬وزيادة معدلات حوادث العنف من قتل واغتصاب جعلها‬
      ‫ظاهرة مثيرة للقلق وموجبة للبحث التنظيرى والتطبيقي‪ /‬الميدانى أو القانوني‪ ،‬وهو ما تسعى إليه معاهدات ومواثيق حقوق الإنسان بصورة عامة‪ ،‬وما‬

                  ‫يخص المرأة بشكل خاص ومرتبط بمشاكلها مع الواقع المحيط بها‪ ،‬وللمحافظة على مكتسباتها وحقوقها الأساسية على حد السواء « ‪.‬‬

                                                        ‫الإشكالية ومنهجية البحث‬
      ‫فإذا كان الدفاع عن حقوق المرأة مطلبا وواجبا دستوريا وعالميا وقت السلم‪ ،‬فإنه أصبح من أوجب ما يكون فى أوقات معاناة النساء أثناء النزاعات‬
      ‫المسلحة‪ ،‬حيث تزداد المعاناة والعنف يوميا فى ظل التقدم التكنولوجى وتطور أساليب النزاعات‪ ،‬لذا فإن هناك قصورا عالميا تجاه ما تتعرض له المرأة‬
      ‫من انتهاكات وعنف نتيجة لتلك النزاعات المسلحة‪ ،‬فالمرأة والطفل هما من أكثر الفئات المدنية تضررا من هذه النزاعات لتعرضهم لانتهاكات جسيمة‪،‬‬
      ‫فى حين أنه ليست لديهم القدرة على دفعها‪ ،‬وذلك ما ينتج عنه من التشرد والنزوح عبر الحدود كلاجئين ضعفاء‪ ..‬وذلك من خلال المنهج الوصفى‬

                                                                                                                 ‫والتحليلى لظاهرة العنف‬
                                                                                                                                ‫***‬

      ‫لا شك أنه من متطلبات واحتياجات المرأة‪ :‬العيش بلا معاناة ولا خوف من القتل غير الشرعى والتعذيب والعنف بكافة أنواعه‪ ،‬والحماية من كل أشكال‬
      ‫المعاملات اللاإنسانية والوحشية من خطف واختفاء قسرى وتعذيب جسمانى ونفسي‪ ،‬واتجار فى الرقيق والأعضاء البشرية‪ ،‬وكذلك أعمال العنف التى‬
      ‫يتم استخدامها من أجل نشر حالة من الذعر فى نفوس المدنيين‪ ،‬و ُيع ُّد العنف الجنسى أشد ألم ًا وإيذا ًء من القتل؛ فطلقة رصاص تنهى الحياة أيسر من‬
      ‫التعرض لانتهاكات جسدية وجنسية‪ ..‬وهناك الكثير من أصوات النساء اللاتى تعرضن لانتهاك حقوقهن فى الحروب والنزاعات المسلحة غير المرئية‬
      ‫وغير المسموعة خوفا على سمعتهن واحتياجاتهن المتجاهلة سواء كان بقصد أو بغير قصد‪ ،‬وذلك فى ضوء ما انتهت إليه الدراسات والتقارير الدولية‬
      ‫إلى أن العنف ضد المرأة أثناء النزاعات المسلحة ما هو إلا امتداد للعنف الأسرى والمجتمعى الذى تعانى منه المرأة فى الأصل وعلى نحو مستمر؛ فقد‬
      ‫أدركت الجماعة الدولية أن التصدى لهذه الظاهرة يحتاج إلى طرق تشمل أوضاع المرأة فى أوقات السلم والنزاعات المسلحة على حد السواء‪ ،‬ومن ثم‬
      ‫اتجاه جهود الجماعة الدولية تدريجيا نحو الاعتماد على قواعد تناهض العنف ضد المرأة فى كل من القانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق‬

                                                                                  ‫الإنسان والقانون الدولى للاجئين والقانون الجنائى الدولي(((‬
      ‫فى حين أنه يتوجب ملاحظة أن الاتفاقيات الدولية والإقليمية قد اهتمت ببيان حقوق المرأة فى كافة الأوضاع المختلفة وتناولها لكل حالة على ِحدة‬
      ‫من حيث كون المرأة أم وعاملة معيلة وسجينة ونازحة بالإضافة إلى الأحكام العامة ذات الصلة التى يقصد بها حقوق الإنسان بوجه عام‪ ،‬ومن أمثلة هذه‬
      ‫الاتفاقيات‪ :‬العهدان الدوليان للحقوق المدنية والسياسية وللحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام ‪ ،1966‬والاتفاقية الدولية الخاصة بالقضاء‬
      ‫على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام ‪ .1979‬والاتفاقية الدولية المتعلقة بمكافحة الاتجار بالأشخاص واستغلال دعارة الغير لعام ‪ .1949‬والاتفاقية‬
      ‫الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة لعام ‪ ،1952‬وامتد الاهتمام الدولى بحماية حقوق المرأة إلى إنشاء أجهزة دولية مستقلة تتبنى الاضطلاع بجميع‬
      ‫الوظائف والاختصاصات المتعلقة بشئونهن كهيئة الأمم المتحدة للمرأة ولجنة مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة (لجنة السيداو) وصندوق الأمم‬
      ‫المتحدة الإنمائى للمرأة (اليونيفيم)‪ ،‬كما أن الدساتير الوطنية للدول قد تضمنت العديد من الأحكام المقررة لحقوق الإنسان والمواطن وكفالة الضمانات‬
      ‫اللازمة لحمايتها وتعزيزها بالإضافة إلى سن الكثير من التشريعات واللوائح فى مجالات مختلفة لضمان كفالة هذه الحقوق على المستوى العملي‪،‬‬

                                   ‫وبالفعل فإن قضية حقوق المرأة وحريتها محل اهتمام مستمر من قبل هذه الدساتير وتلك التشريعات للدولة كافة(((‬
      ‫وقد سار المشرع المصرى على هذا النهج على مر التاريخ المعاصر حيث شملت‪ ،‬وقررت الدساتير المصرية بشكل عام نوعا من كفالة الحقوق والحماية‬
      ‫للمرأة المصرية‪ ،‬وأسهم ذلك فى بناء شرعية دستورية متكاملة إلى حد ما فى مجال حقوق المرأة وحصولها على حقوقها وحرياتها الأساسية‪ ،‬وفى‬
      ‫حقيقة الأمر؛ فإنه بالرغم من الموقف الإيجابى من جانب كل من المش ِّرع الوطنى والمش ِّرع الدولى فيما يخص الحماية الدولية لحقوق المرأة‪ ،‬إَّل أن الواقع‬
      ‫يكشف بوضوح أن التصديق على المواثيق والمعاهدات الدولية التى تشكل ضابطا قانونيا لحقوق المرأة لا يزال ناقصا‪ ،‬وهو ما نتج عنه استمرار وقوع‬

      ‫‪( -1‬د‪ .‬على الجرباوي‪ ،‬د‪ .‬عاصم خليل‪ ،‬النزاعات المسلحة وأمن المرأة‪ ،‬سلسلة دراسات استراتيجية ‪ ،20‬جامعة بيرزيت‪ :‬معهد إبراهيم أبو لغد للدراسات الدولية‪،‬‬
                                                                                               ‫الطبعة الأولى‪ ،‬تشرين الثانى نوفمبر‪ 2008،‬ص ‪ )15‬بتصرف‬

      ‫(((‪( -‬راجع على سبيل المثال فى شأن موقف الدساتير الوطنية من حقوق المرأة‪ :‬عزة كامل‪ ،‬النساء فى دساتير العالم‪ ،‬القاهرة‪ :‬مؤسسة الأهرام ومؤسسة المستقبل‪،‬‬
                                                                                                                ‫الطبعة الأولى‪ ،2012 ،‬متاح على الرابط‪:‬‬

                                                   ‫‪) alnsaa-fy-aldstor.pdf/02/2015/http://www.wmf.org.eg/wp-content/uploads‬‬

‫‪53‬‬
   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58