Page 57 - ثقافة قانونية - العدد الرابع - للنشر الإلكتروني نهائي
P. 57

‫الغضب‪ ،‬الحنق‪ ،‬الوحشية‪ ،‬الاهتياج‪ ،‬الصدمة‪ ،‬الانفجار» أو معجم راندوم هاوس الذى يتضمن ثلاثة مفاهيم فرعية هى فكرة الشدة والإيذاء والقوة المادية(‪((1‬‬
     ‫فى حين أن الاعتبارات التى تؤدى بنا إلى تصنيف الأفعال على أنها أفعال عنف هى من نوع مختلف تماما‪ ،‬وهو من النتائج التى ربما خرجت بها‬
     ‫الدراسة أو البحث فى رؤاه المعتمدة على إنسانية الحالة‪ ..‬ولابد أن يتم إيضاح ما إذا كان المقصود بالعنف بمعناه الوصفى حيث أن الاستخدام الوصفى‬
     ‫لمصطلح عنيف يرتكز على الصفة ونوعه وخاصية الفعل نفسه‪ ،‬فى حين أن النتائج الجرمية تدفع إلى تصنيف تلك الأفعال على أنها أفعال عنف‪ ،‬كما‬
     ‫أنه يتم تصنيف الأفعال على أنها أفعال عنف بناء على نوع الضرر الناتج على ارتكابها‪ ،‬فقيام أحد الرجال بإلقاء حامض كيميائى على وجه المرأة يعد‬

        ‫فعل عنف بغض النظر عن طريقة التنفيذ وما إذا كانت المجنى عليها مستيقظة أم نائمة‪ ،‬فعواقب الحامض الكيميائى ذات طبيعة عنيفة بحد ذاتها‬
     ‫ونتيجة لذلك قد لا يكون شرطا ضروريا لفعل عنف معين مادام العنصر الوصفى قد انتقل كما هو من الفعل إلى النتيجة‪ ،‬وفى حالة الحامض الكيميائى‬
     ‫يعد تأثيره على البشرة نتيجة عنيفة ذات العنصر الوصفي‪ ،‬وبالتالى يتم تأييد أن العنصر الوصفى هو العنصر الذى يستدعى تصنيف فعل معين على‬
     ‫أنه عنف‪ ،‬ولابد من توافر صفة عنيف فى الأفعال التى تصنف على أنها أفعال عنف سواء كان طبيعة الفعل واتسامه بالقسوة وينتج عنه أفعال تدميرية‬

                                                                   ‫***‬

                                                              ‫المبحث الثاني‬
                                                ‫التكييف القانونى لجريمة العنف ضد المرأة‬
     ‫لا بد من إيضاح طبيعة جرائم العنف ضد المرأة والمتمثلة فى العنف الجنسي‪ ،‬وكذلك الأساس القانوني‪ ،‬حتى يتم محاكمة الأفراد المسئولين عن هذه‬
     ‫الجرائم‪ ،‬نظ ًرا إلى أن الجرائم القائمة على أساس الجنس لم تعد وطنية فقط بل دولية وتحاول الدساتير والمعاهدات والمواثيق لردعها‪ ،‬ومن الجرائم‬
     ‫المشهورة نجد الاغتصاب حيث إنه من الجرائم التى يسهل توجيهها ويصعب إثباتها‪ ،‬والأكثر صعوبة تتمثل فى الدفاع عن المجنى عليها لأن فى حالة‬

                                                                                    ‫الاغتصاب الضحية هو الذى يحاكم وليس المدعى عليه(‪((1‬‬
     ‫ونتيجة لتطور القانون الجنائى والقانون الدولى والأجهزة الوطنية للدول أصبحت هذه الجريمة من الممارسات المحظورة‪ ،‬باعتبارها من ممارسات‬
     ‫الاضطهاد‪ ،‬وهو ما جعلها من الجرائم والأفعال المجرمة جنائيا ودوليا ويتم تكييفها على أنها جريمة حرب أو جريمة إبادة جماعية أو جريمة ضد الإنسانية‪،‬‬
     ‫ما يعمق من أهمية دراسة العنف وأسبابه‪ ،‬وطرق مواجهته‪ ،‬من خلال التكييف القانونى لتلك الجرائم التى تمثل انتهاكا لحقوق المرأة‪ ،‬سواء فى التوجه‬
     ‫القديم الذى بدأت به تلك الاحترازات وسن القوانين والمعاهدات التى تعمل على مجابهة تلك الظاهرة من العنف والاعتداء على الحق الإنسانى عامة‪..‬‬
     ‫حيث تنص المادة ‪ 267‬من قانون العقوبات المصري‪« :‬من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب بالإعدام أو السجن المؤبد‪ ،‬ويعاقب بالإعدام إذا كانت المجنى‬
     ‫عليها لم يبلغ سنها الثامنة عشر ميلاديا‪ ،‬أو كان الفاعل من أصول المجنى عليها‪ ،‬أو من المتوليين تربيتها‪ ،‬أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها‪ ،‬أو كان‬

                                                                       ‫خادما بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم أو تعدد الفاعلين للجريمة»‬
     ‫وعليه فإنه من المتوجب على القضاء أن يكون هناك الرادع الكافى المانع دون وقوع مثل تلك الجرائم فى مستوياتها الأولى التى تعرقل مسيرة المجتمع‬
     ‫وتعمل على هدم الأواصر الإنسانية كمطلب اجتماعى وإنسانى وأمنى على مستوى وجود الإنسان والمرأة بصورة خاصة فاعلة‪ ،‬ولعدم القضاء على‬
     ‫دورها المحورى فى هذا المجتمع أو الكيان الإنساني‪ ،‬وهو ما يستدعى التفعيل لتلك العقوبات والأحكام الرادعة المانع‪ ،‬وهو ما يخرج بالقضية من حيز‬

                                                                                        ‫الخصوصية إلى العالمية من خلال الكوارث والحروب‪.‬‬
                                                                                  ‫المطلب الأول‪ :‬اعتبار العنف الجنسى جريمة إبادة جماعية‬
     ‫الأمر البدهي‪ ،‬والمتعارف عليه‪ ،‬أن القانون الدولى الجنائى يعاقب على جرائم العنف الجنسى المرتكب ضد المرأة ويتبعها القضاء الجنائى الدولى فى‬
     ‫حالات النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية التى تعد خروجا عن قواعد القانون الدولي‪ ،‬مما يجعل تكييف هذه الجرائم بأنها جرائم إبادة جماعية‬
     ‫هو سوء النية والقصد الجنائى بنوعيه لدى مرتكبيها وليس تكرارها بشكل واسع‪ ،‬فإذا ارتكبت هذه الجريمة وكان القصد منها القضاء الكلى أو الجزئى‬
     ‫على جماعة قومية أو عرقية أو دينية وتم إثبات أن مقترفى أيا من جرائم العنف الجنسى ارتكبت بقصد تسبيب أى نوع من أنواع الأذى سواء كان ذهنيا‬
                                                                       ‫أو بدنيا أو أيا كانت صورته فتعتبر هذه الجرائم‪ ،‬جرائم إبادة جماعية(‪((1‬‬
     ‫تشمل هذه الأفعال الاغتصاب أو الاستعباد الجنسى أو استئصال الأعضاء التناسلية والجنسية وذلك وفقا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية‬
     ‫والمعاقب عليها فى المادة (‪ )2‬من هذه الاتفاقية والتى تنص على أنه «إلحاق أذى جسدى أو روحى خطير بأعضاء من الجماعة يعتبر من الأفعال التى‬

                                                                                                    ‫تقوم عليها جريمة الإبادة الجماعية»(‪((1‬‬
     ‫ولا تعد هذه الأفعال جريمة إلا إذا توافرت أركانها المنصوص عليها فى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية المعاقب عليها لسنة ‪ 1984‬فى المادة‬
     ‫‪/2‬ب التى تنص على‪ :‬القتل وإلحاق أذى جسدى خطير وإخضاع الأفراد عمدا‪ /‬جبرا لظروف معيشية يهدف بها تدميرهم ماديا ومعنويا كليا أو جزئيا‪،‬‬

      ‫(‪ ((1‬عبد السلام بشير الدويبي‪ -‬العنف العائلي‪ -‬الأبعاد السلبية والإجراءات الوقائية والعلاجية (المجتمع العربى الليبى كنموذج)‪ -‬دراسة أولية حول ظاهرة العنف‬
                                                                                    ‫العائلى فى إطار الوقائع والتشريعات الليبية والدولية سنة ‪ -2000‬ص ‪)2‬‬

      ‫(‪( ((1‬مشار إليه لدي‪ ،‬د‪ /‬محمد عبد الحميد عرفة‪ -‬مدرس القانون الجنائي‪ -‬جرائم الجندر‪ :‬العنف الجنسى ضد المرأة وما يلحق به من جرائم (دراسة فى‬
                                                                                                                            ‫القانون الدولى الإنساني)‪-‬‬

      ‫(‪((1‬ء (راجع المواد (‪ )11‬و (‪ )13‬من اتفاقية الإبادة الجماعية والمعاقب عليها التى اعتمدتها الأمم المتحدة فى جمعيتها العامة بموجب القرار رقم ‪260 9‬ألف‬
                                                                                                                                  ‫(د‪ )3-‬فى ‪)1948/12/9‬‬

                                ‫(‪((1‬ء (حسام عبد الخالق الشيحة‪ ،‬المسئولية والعقاب فى جرائم الحرب‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬الإسكندرية ‪ - 2004‬ص ‪)264‬‬

‫‪57‬‬
   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61   62