Page 20 - مجلة تنوير - العدد الخامس
P. 20

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                   ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

‫‪ .2‬مرونـة الهويـة وعـدم الكشـف عـن الهويـة وعـدم‬             ‫يرتكبوهـا فـي الفضـاء المـادي‪ ،‬بسـبب وضعهـم‬
‫وجـود عامـل ردع فـي الفضـاء السـيب ارني يوفـر‬                                                     ‫وموقعه ـم‪:‬‬

     ‫للمخالفيـن خيـار ارتـكاب جريمـة إلكترونيـة‪:‬‬             ‫في هذا الاقت ارح يستعير (‪)2008,Jaishankar‬‬

‫فـي هـذا الاقتـ ارح يصـف (‪,Jaishankar‬‬                        ‫افت ارضـات نمـوذج ‪ ((()2005,Arbak‬للجريمـة‬
‫‪ )2008‬سـلوك الأشـخاص عبـر الإنترنـت‪ ،‬حيـث‬
‫يسـلط الضـوء علـى مفاهيـم مرونـة الهويـة وعـدم‬               ‫والوضـع الاجتماعـي لشـرح مـا يلـي‪ :‬الوضـع‬
‫الكشـف عـن الهويـة الانفصاليـة ‪ ،‬التـي حددهـا‬
‫‪ (((.)2005,Suler‬وفًقـا لـ ‪,Jaishankar‬‬                        ‫تصـو ارت‬  ‫الاجتماعـي فـي المجتمـع‪ ،‬بنـا ًء علـى‬
‫‪ ،)2008‬فـإن إخفـاء الهويـة لـه تأثيـر إ ازلـة التثبيـط‬       ‫يحس ـبون‬  ‫الآخريـن لقيمهـم عنـد اتخـاذ ق اررهـم‪،‬‬
‫‪ -‬والـذي يقطـع طريقتيـن‪ .‬يسـتخدمه النـاس أحياًنـا‬
‫للتعبيـر عـن حاجـة أو عاطفـة غيـر سـارة مثـل‬                 ‫المخاطـر الاجتماعيـة والماديـة لكونهـم مجرميـن‬
‫التحـرش بأشـخاص آخريـن‪ ،‬وإضفـاء الطابـع‬
‫الجنسـي علـى الأطفـال والنسـاء‪ ،‬وإلقـاء الإسـاءات‬            ‫ضـد ارحـة العيـش كمواطـن يحتـرم القانـون‪.‬‬
‫مـن خـال النصـوص والرمـوز‪ ،‬أو السـماح للنـاس‬
‫بأن يكونوا صادقين بشـكل وحشـي ومنفتحين بشـأن‬                 ‫بعبـارة أخـرى‪ ..‬قـد لا يؤيـد الأشـخاص الأكثـر‬
‫القضايا الشـخصية التي قد يخشـون مناقشـتها وجها‬               ‫حساسـية للذنـب أسـلوب حيـاة إج ارميـا‪ .‬توقـع الضـرر‬
‫لوجـه (لقـاءات الوجـه)‪ .‬بهـذا المعنـى يكـون إخفـاء‬           ‫الـذي يلحـق بالمركـز الاجتماعـي للفـرد دون الإحـ ارج‬
‫الهويـة مفيـًدا بشـكل مدهـش للنـاس لتحقيـق تأثيـر‬            ‫اللاحـق الـذي يسـبب لهـم ذلـك‪ ،‬يمنـع الأفـ ارد عموًمـا‬
                                                             ‫مـن التصـرف كمـا لـو كانـوا «أخلاقييـن»‪ .‬ومـع‬
                                 ‫إ ازلـة التثبيـط‪.‬‬           ‫ذلـك أشـار (‪ )2008 ,Jaishankar‬إلـى أن ميـل‬
                                                             ‫الأفـ ارد للتصـرف بهـذه الطريقـة يجـد أهميـة فقـط‬
‫عـاوة علـى ذلـك‪ ..‬سـلط الضـوء علـى أنـه عندمـا‬               ‫فـي الفضـاء المـادي‪ .‬إذا انتقـل نفـس الأفـ ارد إلـى‬
‫تتـاح للنـاس الفرصـة لفصـل أفعالهـم عـن عالمهـم‬              ‫الفضـاء السـيب ارني فإنهـم أقـل قلًقـا بشـأن حالتهـم لأنـه‬
‫الحقيقـي وهويتهـم‪ ،‬فـإن ذلـك يولـد فيهـم شـعوًار‬             ‫لا يوجـد مـن ي ارقبهـم ويوصمهـم بالعـار‪ ،‬فيمـا يشـبه‬
‫بالأمـان مـن عواقـب تلـك الأفعـال‪ ،‬وهـو محـق فـي‬             ‫الاختبـاء خلـف القنـاع‪ ،‬وبعـد ذلـك لا خـوف مـن‬
‫ذلـك‪ .‬أيـا كان مـا يفعلونـه أو يقولونـه فـي مظهـر‬            ‫مواجهـة الخـزي الاجتماعـي والإذلال لأنـه لا أحـد‬
‫المجهولية لا يمكن ربطه بهم مباشرة‪ .‬عند التنفيس‬               ‫يسـتطيع التعـرف علـى الشـخصية الحقيقيـة و ارء‬
‫عـن المشـاعر المريـرة لا يحتاجـون إلـى تحمـل‬                 ‫القناع‪ .‬يعتقد أن هؤلاء الأف ارد يلاحقون ويستأسـدون‬
‫المسـئولية الكاملـة عـن تلـك الأفعـال‪ .‬وربمـا يكـون‬          ‫ويخترقـون ويضايقـون فـي الفضـاء السـيب ارني‪ .‬عـاوة‬
‫الأمـر الأكثـر إثـارة للاهتمـام هـو أنـه يمكـن للنـاس‬        ‫علـى ذلـك أوضـح (‪ )2008,Jaishankar‬أن‬
‫دائ ًمـا إقنـاع أنفسـهم بـأن هـذه السـلوكيات «لسـت أنـا‬      ‫مصطلـح السـلوك المكبـوت فـي اقت ارحـه لا يعنـي أي‬
                                                             ‫سـلوك إج ارمـي يتـم قمعـه منـذ الطفولـة‪ ،‬ولكنـه يمثـل‬
                              ‫علـى الإطـاق»‪.‬‬                 ‫الدوافـع الخفيـة للأفـ ارد الذيـن لا يسـتطيعون التعبيـر‬
                                                             ‫عنهـا فـي الفضـاء المـادي بسـبب وضعهـم ومكانـة‬
‫مـن الناحيـة النفسـية يسـمى هـذا التفـكك‬
‫(سـولر‪ .)2005 ،‬هنـاك قلـق خطيـر آخـر فيمـا‬                                                  ‫فـي المجتمـع‪(((.‬‬
‫يتعلـق بالفضـاء السـيب ارني وهـو أنـه لا يمكـن للمـرء‬
‫أن يعـرف مـن يتفاعـل ‪ /‬تتفاعـل معهـا‪ .‬يمكـن‬                  ‫	)‪(4‬‬

                                                             ‫‪(5) Jaishankar, K. (2008). Space Transition‬‬
                                                             ‫‪Theory of cyber crimes. In F. Schmallag-‬‬
                                                             ‫‪er& M.Pittaro. (Eds.), Crimes of the In-‬‬
                                                             ‫‪ternet (pp. 283-301). Upper Saddle River,‬‬
                                                             ‫‪NJ: Prentice Hall‬‬

                                                         ‫‪20‬‬
   15   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25