Page 70 - مجلة الثقافة القانونية - العدد الثاني
P. 70

‫االلقماننتودنيى‬

    ‫دور القاضى فى رقابة‬                                                                                                ‫بقلم‪:‬‬
‫دستورية المعاهدات الدولية‬

‫المستشار‪ /‬د‪ .‬عبد العزيز محمد سالمان‬

           ‫نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا‬

‫تأتـى الأهميـة الكبـرى لتنـاول موضـوع رقابـة دسـتورية المعاهـدات الدوليـة فـى مصـر‪ ،‬وأهميـة أن تعقـد‬
‫محاضــرات‪ ،‬وجلســات نقاشــية‪ ،‬حــول هــذا الموضــوع الحيــوى‪ ،‬والــذى يثيــر إشــكاليات تتعلــق بالعلاقــة‬
‫بيــن القانــون الدولــى والقانــون الداخلــى ومرتبــة المعاهــدة فــى التــدرج الهرمــى للقواعــد القانونيــة‬
‫داخـل الدولـة‪ ،‬وكيفيـة مراقبـة دسـتورية المعاهـدة بعـد نفاذهـا‪ ،‬والآثـار التـى تترتـب علـى الحكـم بعـدم‬
‫دســتورية المعاهــدة‪ ،‬ومــا هــو دور القضــاء الدســتورى تحديــ ًدا فــى هــذا المجــال ‪ ،‬ومــا هــى الأجــزاء مــن‬
‫المعاهـدة التـى تـدور حولهـا ولايـة القاضـى الدسـتورى‪ ،‬ومـا هـى الأجـزاء البعيـدة عـن رقابتـه‪ ،‬وذلـك كلـه‬
‫دون أن نتنـاول الاختصـاص الجديـد الـذى أسـبغه القانـون علـى المحكمـة الدسـتورية العليـا بموجـب القانـون‬
‫‪ 137‬لسـنة ‪ 2021‬المعـدل لقانونهـا رقـم ‪ 48‬لسـنة ‪ ، 1979‬والمتمثـل فـى الرقابـة علـى دسـتورية قـرار المنظمـات‬
‫والهيئــات الدوليــة وأحــكام المحاكــم الأجنبيــة المطلــوب تنفيذهــا فــى مواجهــة الــدول‪ ،‬فهــذا الاختصــاص‬

                                                       ‫الجديـد بعيـد تما ًمـا عـن مـا نتناولـه فـى هـذا البحـث المطـروح‪.‬‬

‫يظل دائ ًما من الأعمال السياسية التى تخرج بطبيعتها عن الرقابة القضائية‪.‬‬                               ‫والكلام عن تحديد دور القاضى فى الرقابة على دستورية المعاهدة أمر‬        ‫‪70‬‬
‫المفاوضات حول المعاهدات الدولية أ ًيا كان القائم بها لا شأن للقاضى‬                                    ‫غير معهود عند تناول دستورية القانون‪ ،‬وإن كنا نحـدد نطا ًقا تدور فيه‬

                                                  ‫الدستورى بها ‪.‬‬                                                    ‫الرقابة لا تتجاوزه عن طريق ما يسمى بالتقييد الذاتى ‪.‬‬
‫الانضمام إلى معاهدة دولية قائمة لا علاقة للقاضى الدستورى بها‪،‬‬                                         ‫لكن بالنسبة للمعاهدات فالأمر مختلف إذ يربط الكثيرون بين المعاهدة‬
‫فهى من صميم الأعمال السياسية فلا تفرض جهة الرقابة بشأن السياسة‬
                                                                                                                                                       ‫وأعمال السيادة ‪.‬‬
           ‫الخارجية وجهة نظرها بل تتركها تما ًما للجهات السياسية ‪.‬‬                                    ‫فالعلاقة بين المعاهدات الدولية وأعمال السيادة أو الأعمال السياسية‬
   ‫‪ -‬ليــــــــــس كل معاهــــــــدة أيا كانت التسميــــــــة التى تطلــــــــق‬                       ‫يشوبها الكثير من الغموض إذ يربط الكثيرون بينها‪ ،‬فالمعاهدات عندهم هى‬
                                                                                                      ‫دائ ًما من أعمال السيادة التى لادخل للقضاء بها سواء القضاء الموضوعى‬
                   ‫عليهــــــــا عمــــــــل سيــــــــادة ‪:‬‬
‫استقام قضاء المحكمة الدستورية العليا على أنه ليس صحي ًحا إطلاق‬                                                                                     ‫أو القضاء الدستورى ‪.‬‬
‫القول بأن جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية من الأعمال السياسية‬                                      ‫لكن الأمر ليس بهذا اليسر‪ ،‬إذ أن كثي ًرا من المعاهدات الدولية لا علاقة‬

                   ‫المستبعدة من نطاق الرقابة على دستورية القوانين‪.‬‬                                                                                  ‫لها بأعمال السيادة ‪.‬‬
‫وقد عرض عليها العديد من المعاهدات الدولية‪ ،‬فراقبت البعض ونفت عنها‬                                     ‫فالأصل فى المعاهدات الدولية أن تتقيد بالشروط الشكلية والموضوعية‬
‫وصف الأعمال السياسية‪ ،‬والبعض الآخر أكدت أنه من أعمال السيادة ‪.‬‬
 ‫كيفيــــــــة رقابـــــــــة دستوريـــــــــــة المعاهــــــــــدات الدوليــــــــــــة فـــــــــى‬                                         ‫التى يتطلبها الدستور فيها ‪.‬‬
                                                                                                      ‫وثمة أحكا ًما فى المعاهدات الدولية تخرج بطبيعتها عن مجال الرقابة‬
                            ‫مصــــــــــــر‬
‫نظم الدستور المصرى الصادر عام ‪ ،2014‬الجهة التى تتولى مهمة الرقابة‬                                              ‫القضائية على الدستورية ويندرج تحتها عدة أمور لعل أهمها ‪:‬‬
‫على دستورية القوانين والقواعد القانونية التى تأخذ حكم القانون وقوته‬                                        ‫إذا كان ثمة إخلال بأحكام المعاهدة قد صدر عن دولة متعاقدة ‪.‬‬
‫ومنها المعاهدات الدولية‪ ،‬وإن كان لم يرد بها نص صريح‪ ،‬مبي ًنا طبيعته‪،‬‬                                  ‫النظر فيما إذا كان الدخول فى المعاهدة يرتبط بأوضاع لم يعد لها‬
‫واستقلالها وتشكيلها وكيفية مباشرة الرقابة والحكم الصادر منها‪ ،‬فنعرض‬                                   ‫وجود بالنظر إلى ما طرأ من تغيير جوهرى فى الظروف المحيطة بالدولة ‪.‬‬
                                                                                                      ‫تقدير ما إذا كان قد صدر عن إحدى الدول المتعاقدة إجراء يخول للسلطة‬
            ‫لإطلالة موجزة حول كيفية الرقابة على دستورية المعاهدة‪.‬‬                                     ‫الوطنية حق الرد عليها بإجـراء مقابـل كالامتنـاع عن تنفيذ المعاهدة أو‬

‫الملامح الرئيسية لرقابة دستورية المعاهدات الدولية فى ظل المحكمة‬                                                                       ‫بوقفها أو باتخاذ إجراء على خلافها‬
                                                  ‫الدستورية العليا‬                                    ‫ليس لقضاة الدستورية شأن بقرار التحفظ على المعاهدة ولا بقرار سحبه‪.‬‬
                                                                                                      ‫ليس لقضاة الدستورية شأن بالشروط التى تتفق عليها الدولتان المتعاقدتان‬
      ‫أسلــــــــــوب الرقابــــــــــــة فــــــــــــــى ظـــــــــــــل المحكمــــــــــــة‬        ‫لتطبيق معاهدة دولية بصورة مؤقتة‪ ،‬سواء بالنسبة لأحكام المعاهدة برمتها‬
                   ‫الدستوريــــــــــــة العليــــــــــــــــــا ‪:‬‬
                                                                                                                                                          ‫أو لجزء منها‪.‬‬
‫المستفاد من نص المادتين (‪ )29 ،27‬من قانون المحكمة الدستورية العليا‬                                    ‫لا شأن لجهة الرقابة الدستورية بنصوص المعاهدة التى تكفل للدول‬
‫أن أسلوب الرقابة يتنوع إلى ثلاثة أنواع‪ ،‬أى أن هناك أساليب ثلاثة يمكن‬
‫بأحدها أن تمارس المحكمة رقابتها على دستورية القوانين‪ ،‬وهذه الطرق هى ‪:‬‬                                                                     ‫الأغيار عنها حقو ًقا تمنحها لهم‪.‬‬
                                                                                                                                     ‫ولا شأن لها بتعديل معاهدة قائمة ‪.‬‬
                      ‫الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع‪.‬‬                                             ‫فصل بعض أجزاء المعاهدة عن بعضها لا شأن لجهة الرقابة به‪.‬‬
                                     ‫الإحالة من محكمة الموضوع‪.‬‬                                                      ‫الانسحاب من المعاهدة لا شأن لقاضى الدستورية بها‪.‬‬
                                                                                                      ‫إنهاء المعاهدة – فى جميع الأحوال – وسواء صدر فى إطار توافق بين‬
                     ‫حق التصدى المقرر للمحكمة الدستورية العليا‪.‬‬                                       ‫السلطة التشريعية ورئيس الجمهورية أو انفرد به أيهما‪ ،‬فإن هذا الإنهاء‬

                                                                                                                       ‫أبريل ‪2024‬‬
   65   66   67   68   69   70   71   72