Page 60 - مجلة الثقافة القانونية - العدد الثاني
P. 60

‫القاهنذوان‬

‫وإذا كان المجنى عليه موظ ًفا عا ًما أو ذى صفة نيابية عامة أو مكلف‬                                                     ‫مباشر بين طرفين‪– ‬مرسل ومستقبل–‪ ‬بينما جرمت محاكم أخرى الفعل‬
‫بخدمة عامة وقذف بسبب أداء عمله فلا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا‬                                                          ‫فى جرائم النشر والعلانية باستخدام تقنية المعلومات أو معالجة إلكترونية‬
                                                                                                                      ‫أو عن طريق نظام أو شبكة معلوماتية وهى وسائل اتصال لا يسرى عليها‬
                                     ‫تزيد على عشرين ألف جنيه‪.‬‬                                                         ‫من الأساس نص المادة‪ 76 ‬من قانون الاتصالات‪ .‬استند الاتجاه الأخير‬
                                                                                                                      ‫فى المحاكم إلى أن نص المادة خاطب الكافة ولم يقتصر على وسيلة‬
‫من ثم‪ ،‬لا يتصور أن يكون مجرد انزعاج المجنى عليه أكثر خطورة‬                                                            ‫بعينها‪ ،‬أو اشتراط عدم العلانية من عدمها‪ ،‬أو اشتراط اتصال مباشر‬

‫أو عدوا ًنا على مصالحه وحقوقه من خدش اعتباره والحط من كرامته‬                                                                         ‫من عدمه ل ُيسأل عن ارتكاب السلوك المجرم بموجبه‪.‬‬
‫حتى يقرر المشرع للانزعاج عقوبة جنائية سالبة للحرية يصل حدها‬                                                           ‫يتضح مما سبق أن نص المادة‪ 76 ‬ينطوى على عوار شديد ويأتى‬
                                                                                                                      ‫مخال ًفا للدستور من ناحية أن الأصل فى النصوص العقابية هو أن‬
‫الأقصى للحبس ثلاث سنوات‪ .‬يتضح مما سبق أن العقوبة السالبة‬                                                              ‫تصاغ فى حدود ضيقة تعري ًفا بالأفعال التى جرمها المشرع‪ ،‬وتحدي ًدا‬
                                                                                                                      ‫لماهيتها‪ ،‬لضمان ألا يكون التجهيل بها موطئًا للإخلال بحقوق كفلها‬
‫للحرية لا تتناسب مع السلوك الإجرامى المنصوص عليه فى المادة‪ 76 ‬من‬                                                      ‫الدستور للمواطنين‪ 18.‬خالف المشرع فى نص المادة‪ 76 ‬ما ينص عليه‬
                                                                                                                      ‫الدستور فى المادتين‪ 96 ،95 ‬وما نصت عليه المادتين‪ 29 ،11 ‬من الإعلان‬
‫قانون الاتصالات‪ .‬كما أن العقوبة لا تتناسب مع المصلحة التى تحميها‪،‬‬                                                     ‫العالمى لحقوق الإنسان‪ ،‬وما استقرت عليه الدساتير السابقة‪ ،‬ودساتير‬
                                                                                                                      ‫ومفاهيم الدول الديمقراطية‪ ،‬وكافة المواثيق الدولية‪ ،‬وما استقر عليه‬
‫يوتجعشلكلن عصداولمًناادةوامضح ًًحلا‬  ‫وتنطوى على مبالغة شديدة وإمعان فى القسوة‪،‬‬                                        ‫قضاء المحكمة الدستورية العليا بشأن الحقوق الطبيعية التى لا يجوز‬
                                     ‫على الحق الدستورى فى الحرية الشخصية‪ ،‬بما‬                                         ‫الإخـال بها أو تقييدها‪ .‬لذلك فقد أصبح نص المادة‪ 76 ‬من قانون‬
                                                                                                                      ‫الاتصالات مح ًل ل ُشبهة عدم الدستورية لما شابه من عوار تشريعى جعله‬
                                     ‫لشبهة عدم الدستورية‪.‬‬
                                                                                                                                                              ‫مخال ًفا لأحكام الدستور‪.‬‬
                                                     ‫التوصيات‬                                                         ‫ثال ًثا‪ :‬قسوة العقوبة السالبة للحرية المقررة لمرتكب الجريمة وعدم‬

‫قانون تنظيم‬   ‫كامل الفقرة الثانية من المـادة‪ 76 ‬مـن‬  ‫الاأتصصلاًيلاا‪ ‬بتإ‪،‬لغامءع‬                                                                               ‫تناسبها مع السلوك المجرم‬
‫التى تضمنتها‬  ‫الاكتفاء بصور تجريم الإزعاج المختلفة‬                                                                    ‫الأصل فى العقوبة هو معقوليتها‪ ،‬فلا يكون التدخل بها إلا بقدر‬
                                                                                                                      ‫لزومها‪ 19.‬ولا يجوز أن تكون العقوبة أداة عاصفة بالحرية‪ ،‬تقمعها أو‬
                                     ‫القوانين المصرية الأخرى‪.‬‬                                                         ‫تقيدها بالمخالفة للقيم التى ارتضتها الدول الديمقراطية فى مظاهر‬

                                     ‫لتكون صياغة نص المادة بعد التعديل المقترح‪:‬‬                                                                               ‫سلوكها على اختلافها‪20.‬‬
                                                                                                                      ‫القاعدة القانونية لا تكون ضرورية إلا إذا وضعت لمعالجة وضع معين‬
                                                     ‫المادة‪76 ‬‬                                                        ‫على نحو كاف وبغير مبالغة؛ فيكفل تطبيقها على هذا النحو معالجة‬
                                                                                                                      ‫الوضع بطريقة منطقية‪ ،‬وهو ما يعبر عنه بالتناسب‪ .‬يتضح بذلك أن‬
‫مع عدم الإخلال بالحق فى التعويض المناسب‪ ،‬يعاقب بالحبس وبغرامة‬                                                         ‫الضرورة التى ُتلجئ المشرع إلى تجريم سلوك معين تفترض أن التجريم‬

‫لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى‬                                                                                 ‫ودرجته يتناسبان مع الهدف من هذا التجريم‪21.‬‬
                                                                                                                      ‫كما يجب ألا تكون العقوبة المقيدة للحرية ممعنة فى القسوة‪ ،‬فالجزاء‬
‫هاتين العقوبتين كل من‪ ،‬استخدام أو ساعد على استخدام وسائل غير‬                                                          ‫يجب أن يتناسب مع الفعل المجرم‪ .‬يرتبط هذا المعيار ارتبا ًطا وثي ًقا‬
                                                                                                                      ‫بالحق الدستورى فى الحرية الشخصية‪ ،‬وما يتفرع عنه من ضرورة‬
                                     ‫مشروعة لإجراء اتصالات‪.‬‬                                                           ‫عدم المساس بهذه الحرية إلا بالقدر اللازم لتحقيق الهدف المبتغى من‬
                                                                                                                      ‫العقوبة‪ .‬فالردع‪ ،‬بشقيه العام والخاص‪ ،‬لا ينبع فى المقام الأول من شدة‬
‫على نص المادة‪ 76 ‬بفقرتيها الأولى والثانية‪ ،‬مع‬  ‫إ اضاحفتيةاطع ًيباا‪،‬رةالتإ َوبقاضءح‬                                    ‫العقوبة بقدر ما ينبع من قدرة الدولة على توقيعها على جميع الجناة‪22.‬‬
‫السياق الذى أصدر من أجله النص التجريمي‪،‬‬                                                                               ‫على الرغم من ذلك‪ ،‬فإن العقوبة السالبة للحرية المقررة كجزاء جنائى‬
                                                                                                                      ‫لجريمة تعمد إزعاج الغير فى المادة‪ 76 ‬من قانون الاتصالات انطوت‬
‫وهو أن النص قد ش ّرع لعلاج حالات تعمد الإزعاج أو المضايقة فى غير‬                                                      ‫على مبالغة شديدة وإمعان فى القسوة‪ .‬كما أن العقوبة غير متناسبة‬
‫حالات العلانية‪ ،‬وهو ما يخرج النص من الحظر الدستورى المتعلق بعدم‬                                                       ‫مع السلوك الم ُج ّرم الذى ُع ّرف بأنه انزعاج المجنى عليه أو اضطراب‬
                                                                                                                      ‫سكينته وضيق صدره‪ ،‬فالمصلحة الجنائية التى يحميها لا تعدو أن تكون‬
                                     ‫جواز الحبس فى جرائم النشر والعلانية‪.‬‬
                                                                                                                                                                 ‫طمأنينة المجنى عليه‪.‬‬
                                     ‫لتكون صياغة نص المادة بعد التعديل المقترح‪:‬‬                                       ‫إذا وضعت العقوبة المقررة لهذه الجريمة فى مقارنة مع عقوبات جرائم‬
                                                                                                                      ‫تحمى مصالح أكثر أهمية وخطورة مثل جرائم السب والقذف‪ ،‬على سبيل‬
                                                     ‫المادة‪76 ‬‬                                                        ‫المثال‪ ،‬يتضح مقدار عدم تناسب العقوبة مع السلوك الم ُجرم؛ فعقوبات‬

‫مع عدم الإخلال بالحق فى التعويض المناسب‪ ،‬يعاقب بالحبس وبغرامة‬                                                                       ‫جرائم السب والقذف لا تشمل عقوبات سالبة للحرية‪.‬‬
                                                                                                                      ‫جريمة السب غايتها حماية الكرامة الإنسانية للمجنى عليه‪ ،‬وسلوكها‬
‫لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين‬                                                        ‫الم ُج ّرم هو خدش اعتبار المجنى عليه والحط من كرامته‪ .‬عقوبة جريمة‬
                                                                                                                      ‫السب هى الغرامة المالية التى لا تقل عن ألفى جنيه‪ 23.‬وأي ًضا جريمة‬
                                               ‫العقوبتين كل من‪:‬‬                                                       ‫القذف غايتها حماية الكرامة الإنسانية وأصل البراءة للمجنى عليه‪،‬‬
                                                                                                                      ‫وسلوكها المجرم هو إسناد وقائع إلى المجنى عليه تنال من كرامته وتجعله‬
‫‪1‬ـ استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء‬                                                                 ‫موضع احتقار عن أهل وطنه‪ 24.‬عقوبة جريمة القذف هى الغرامة المالية‬
                                                                                                                      ‫التى لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة عشر ألف جنيه‪،‬‬
                                                     ‫اتصالات‪.‬‬
                                                                                                                                                          ‫أبريل ‪602024‬‬
‫‪2‬ـ تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات‪ ‬فى‬

                                               ‫غير حالات العلانية‪.‬‬

‫الإوبأقاخءي ًرعالوىعاللعىقوسببةي اللمااللايةح‪،‬تيامعطتاألككيلدي‪،‬الإغلرغاءضالعمقنوإبةصالداسرالابلنة للصحبراليمةذ‪،‬كمرعة‬

‫الإيضاحية المرفقة بمقترح تعديل النص‪ ،‬ليسمح لجهات التحقيق والمحاكمة‬

                                     ‫من الوقوف على صحة النص‪.‬‬

                                     ‫لتكون صياغة نص المادة بعد التعديل المقترح‪:‬‬

                                                     ‫المادة‪76 ‬‬

‫مع عدم الإخلال بالحق فى التعويض المناسب‪ ،‬يعاقب بغرامة لا تقل‬

‫عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه‪ ‬كل من‪:‬‬

‫‪1‬ـ استخدم أو ساعد على استخدام وسائل غير مشروعة لإجراء‬

                                                     ‫اتصالات‪.‬‬

‫‪2‬ـ تعمد إزعاج أو مضايقة غيره بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات‪.‬‬

                          ‫الهوامش‪:‬‬
‫‪ 1‬مـــضـــافـــة بـــالـــقـــانـــون رقـــم‪ 97 ‬لـــســـنـــة‪ – 1955 ‬الـــوقـــائـــع‬

      ‫المصرية‪ – ‬العدد‪ 18 ‬مكرر – الصادر فى‪ 3 ‬مارس سنة‪.1955 ‬‬
‫‪ 2‬الدعوى رقم‪ 141 ‬لسنة‪ 2022 ‬جنح اقتصادى القاهرة‪ ،‬أسندت‬
‫النيابة العامة للمتهمين ارتكاب جريمة تعمد الإزعاج بإساءة استعمال‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65