Page 31 - مجلة تنوير 3
P. 31
المجلس لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
مـن الشـعب المصـري الـذي يعمـل أجيـًار فـي أرض همـا متداخـان متفاعـان؛ فالمعرفـة لا تهتـم بالفكـر
الإقطاعييـن وال أرسـماليين ،والـذي لا يحصـل الفـاح المجـرد التأملـي وإنمـا بالبحـث العلمـي مـن ناحيـة
المصـري -الـذي يعيـش فـي أكـواخ مـن الطيـن، والممارسـة العمليـة الإنسـانية مـن جهـة أخـرى.
ويعمـل فـي كـٍد ومشـقة مـن الصبـاح إلـى المسـاء -
فـي ظـل هـذا النظـام الجائـر إلا مـا يسـد رمقـه أو وهكـذا بـدت الماركسـية عنـد محمـود أميـن العاِلـم
يحفـظ حياتـه مـن المـوت جو ًعـا .وأن الجهـل هـو تقـف فـي جوهرهـا ضـد أمريـن :ضـد التجريـد
الـذي يمنـع هـؤلاء الكادحيـن مـن المطالبـة بحقوقهـم، المطلـق مـن ناحيـة ،وضـد التجريـب البرجماتـي
وأن طـول أمـد الظلـم هـو مـا جعـل الفـاح المصـري الجزئـي مـن ناحيـة أخـرى .وبالتالـي ضـد أي فكـر
يسـتمرئ الظلـم والقهـر والاسـتغلال ،ارضًيـا بـه عقائـدي دوجماطيقـي غيـر نقـدي وغيـر علمـي
كقـدر مقـدر عليـه ،وجعلـه – أي ًضـا -يميـل إلـى وضـد أي ممارسـة تقـوم علـى هـذا الفكـر؛ ولهـذا
كلـه ف َّضـل العاِلـم الماركسـية علـى غيرهـا ،وانضـم
تقبـل المعانـاة دون الشـكوى والاحتجـاج. إلـى صفـوف الشـيوعيين ،وأصبـح عضـًوا فـي
وقـد تلقـى العاِلـم مبـادئ الماركسـية مـن لينيـن الحـزب الشـيوعي المصـري.
الـذي عـاش أفـكار ماركـس ووقـف علـى ضـرورة أن وكانـت الصيغـة اللينينيـة هـي الصيغـة الوحيـدة
تظـل حيـة وديناميكيـة ولا يمكـن حصرهـا فـي نظريـة للماركسـية المعروفـة فـي مصـر فـي العقـد ال اربـع
فلسـفية تاريخيـة تسـتخدم كحـل جاهـز كونـي .ومـن مـن القـرن العشـرين؛ إذ كانـت المقـالات المنشـورة
ثـم آمـن العاِلـم بـدور الثقافـة والمثقفيـن الثورييـن فـي الصحافـة المصريـة التـي تعالـج موضوعـات
الذيـن يمكنهـم إذكاء الوعـي الثـوري لـدى الجماهيـر الحـركات الاجتماعيـة فـي أوروبـا فـي القـرن التاسـع
فيثـورون ضـد الإمبرياليـة والظلـم والاسـتبداد عشـر تشـير غالًبا إلى خصوصية روسـيا عن باقي
دول أوروبـا ،وتكمـن هـذه الخصوصيـة ،مـن الناحيـة
وال أرسـمالية والإقطـاع. الاقتصاديـة فـي سـيادة نمـط الإنتـاج الز ارعـي ،ومـن
ومـن ثـم كان العاِلـم يـرى أن الثـورة تقودهـا الطبقـة
البرجوازيـة المثقفـة ،وأن الرهـان الأمثـل يتـم علـى الناحيـة السياسـَّية فـي سـيادة الاسـتبداد القيصـري،
دفـع هـذه الطبقـة لأخـذ مواقـف جذريـة فـي مواجهـة ولا شـك أ َّن التركيـز علـى هـذه الخصوصيـة كان
يسـعى إلـى إقامـة نـوع مـن المحـاكاة بيـن روسـيا الإمبرياليـة والفقـر والجهـل والمـرض.
وفـي نوفمبـر مـن عـام 1958طالبـه محمـد ومصـر ،بـل هـذه المحـاكاة نفسـها قـد أشـار إليهـا
أنـور السـادات بحـل الحـزب الشـيوعي المصـري، لينيـن نفسـه وهـو يقـ أر أطروحـة «جوزيـف نحـاس»
والمقدمة لجامعة السربون بباريس بعنوان« :الوضع
وإد ارج أفـ ارده فـي التنظيـم الرسـمي للدولـة ،لكـن
العاِلـم رفـض واقتـرح التواجـد داخـل النظـام الرسـمي الاقتصـادي والسياسـي للفـاح المصـري»(((.
كتنظيـم مسـتقل ،حيـث يتحـول النظـام الرسـمي ومن هنا أدرك العاِلم أن أزمة المجتمع المصري
للدولـة إلـى مظلـة عامـة ترعـى كافـة التنظيمـات تتمثـل فـي غيـاب النظـام الديمق ارطـي ،وفـي سـيادة
الجهـل والأميـة وغيـاب الوعـي .وقـد أكـد العاِلـم
الوطنيـة والديمق ارطيـة ،لكـن السـادات رفـض اقتـ ارح
العاِلـم وانتهـى اللقـاء إلـى لا شـيء .وفـي أول مـ ارًار وتكـ ارًار أن السـبب الأول و ارء أزمـة المجتمـع
ينايـر 1959م تـم اعتقـال العاِلـم فـي إطـار حملـة المصـري هـو الفقـر الـذي يعانيـه الغالبيـة العظمـى
((( أنور مغيث ،اللينينية وشباب الأربعينيات ،ص.31
31