Page 52 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 52
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
الـري والصـرف وعملـت علـى تنميـة العلاقـات والملاحـظ أن الدائـرة الأفريقيـة كانـت إحـدى
الاقتصاديـة والتجاريـة وإنشـاء مـا يزيـد عـن 50 منطلقـات ثـورة 1952والتـي احتضنـت قـادة
فرًعـا لشـركات التجـارة الخارجيـة تتولـى الترويـج التحـرر الوطنـي فـي القـارة ،وأظهـرت القـادة الذيـن
للصـاد ارت المصريـة ،كمـا أبرمـت العديـد قـادوا المقاومـة ضـد الاسـتعمار ،ودعمهـم بالسـاح
مـن الاتفاقـات التجاريـة وعمليـات الصفقـات والمال وأيدتهم في ذلك على المستوى الدبلوماسي،
المتكافئـة مـع العديـد مـن الـدول .وفـي عـام ووقفـت موقًفـا قوًّيـا ضـد الحـركات الانفصاليـة التـي
1967عندمـا قـام العـدو الإسـ ارئيلي بالهجـوم كانـت مدعومـة بأفريقيـا وأوربـا لخلـق مناطـق نفـوذ
علـى مصـر قامـت الـدول الأفريقيـة – عـدا ومحاصـرة النشـاط السـوفيتي المتصاعـد ،وأصبحـت
دولتي ليبريا وجنوب أفريقيا -بقطع العلاقات مصـر فـي العهـد الناصـري قبلـة زعمـاء التحـرر
الدبلوماسـية مـع إسـ ارئيل ،ووقفـت موقًفـا مشـرًفا الأفريقـي مـن ربقـة الاسـتعمار الأوروبـي ،ولا يـ ازل
مـع الحقـوق المصريـة خـال المناقشـات التـي هـذا الرصيـد ماثـاً فـي الذاكـرة الأفريقيـة مرتب ًطـا
شـهدتها أروقـة مجلـس الأمـن والأمـم المتحـدة. بمصـر الناصريـة ودورهـا المحـوري فـي مقاومـة
الاسـتعمار فـي القـارة التـي تحتـل المرتبـة الثانيـة 2.ت ارجــع الاهتمــام وتشــوه العلاقــات المصريــة
الأفريقيـة :علـى الرغـم مـن الاهتمـام المصـري بعـد قـا ارت العالـم بمسـاحة تقـرب مـن خمـس مسـاحة
بأفريقيا والعلاقات التاريخية المتأصلة لشعوب يابـس الأرض ،ويعيـش بهـا نحـو مليـار نسـمة أو
القـارة؛ فـإن هـذا الاهتمـام وتلـك العلاقـات نحـو %15مـن جملـة سـكان العالـم .كمـا يتوزعـون
ت ارجعـت إلـى حـٍد كبيـر وشـهدت فتـوًار واض ًحـا
منـذ عـام 1990؛ حيـث فقـدت مصـر دورهـا جغ ارفًّيـا علـى أربـع وخمسـين دولـة فـي يابـس
المحـوري فـي الشـأن الأفريقـي ،وبـدأت مرحلـة القـارة والجـزر المحيطـة بهـا ،وتتعـدد فيهـا اللغـات
الانحسـار تت ازيـد ،وحدثـت فجـوة فـي تلـك
العلاقـات ولـم تعـد مصـر مشـاركة فاعلـة فـي واللهجـات والأعـ ارف والديانـات نتيجـة للتقسـيم
مجريـات الأحـداث لدرجـة أن الدبلوماسـية
المصريـة كانـت فيمـا يشـبه العزلـة سـواء فيمـا السياسـي الأوروبـي الاصطناعـي(((.
يتعلـق بحـل المنازعـات وتسـويتها ،فكانـت
مصـر بمثابـة طـرف غائـب عـن مشـكلات 1.البعـد التنمـوي لأفريقيـا :قامـت مصـر بإنشـاء
السـودان سـواء فيمـا يتعلـق بالجنـوب أو إقليـم صنـدوق فنـ ّي للتعـاون مـع الـدول الأفريقيـة
دارفـور ولـم يكـن لمصـر أي دور فـي اتفاقيـة فـي مجـالات الخبـ ارت الفنيـة والإداريـة وإقامـة
نيفاشـا التـي اعترفـت بحـق تقريـر المصيـر
للجنوبيـن ذلـك علـى الرغـم مـن أن أي مشـكلة المشروعات في مجال تشييد السدود ومحطات
سـودانية تلقـي بظلالهـا الكثيفـة علـى أمـن
مصـر القومـي؛ بـل والعربـي ،فالسـودان يعتبـر ((( “لا يـزال التدخـل الأجنبـي مؤثـ ًرا بشـكل كبـر في المنطقـة (القـرن
الأفريقــي) فهــو المحــرك الفعــي للأحــداث ،وأصبحــت دول المنطقــة
جسـر التواصـل بيـن العـرب والأفارقـة. مسر ًحـا للتنافـس الـدولي ،ورغـم كـرة الـدول المتواجـدة عـي السـاحة،
إلا أن أبرزهــا وأكثرهــا فاعليــة الولايــات المتحــدة الأمريكيــة والصــن
ودول الاتحــاد الأوربي وإيــران وإسرائيــل” .جــاء ذلــك في أطروحــة
الدكتــوراة بعنــوان“ :الاســتراتيجية المصريــة المقترحــة
لمواجهــة تحديــات وتهديــدات البحــر الأحمــر والقــرن
الأفريقـي فـي ظـل المتغيـرات المعاصـرة وأثرهـا علـي
الأمـن القومـي المصـري” ،والتـي حصـل عليهـا الباحـث
صـادق عبـد الواحـد مـن كليـة الحـرب ،أكاديميـة ناصـر
العســكرية العليــا ،2015 ،ص.63
52