Page 54 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 54

‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬                     ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

                                                                                      ‫مجلــــــــــــــــة‬

‫نسـبًّيا علـى ضـوء تعثـر المسـيرة السـلمية وجمـود ‪2011‬م‪ ,‬بالإضافـة إلـى القـوى الدوليـة الكبـرى ذات‬

‫عمليـة التسـوية‪ ،‬الأمـر الـذى يفـرض علـى مصـر المصالـح المتداخلـة فـى الإقليـم‪ ،‬كمـا أن مسـتقبل‬

‫حتميـة تحديـد مصالحهـا فـى المنطقـة وبقـدر مـن التنميـة فـى مصـر فـى ضـوء ت ازيـد السـكان لا يمكـن‬

‫أن يتـم إلا بزيـادة المـوارد المائيـة المتاحـة مـن نهـر‬        ‫الشـفافية لا يجعـل تلـك المصالـح تتقاطـع ومصالـح‬
‫النيـل‪ ،‬وتدخـل مصـر عصـر الفقـر المائـى؛ حيـث إن‬               ‫وأهـداف القـوى الأجنبيـة والإقليميـة الأخـرى‪ ،‬ومـن‬
‫متوسـط نصيـب الفـرد السـنوى فـى مصـر مـن الميـاه‬
‫حالًّيا ‪ 700‬م‪ 3‬سنوًّيا والحد الأدنى العالمى لنصيب‬              ‫هـذا المنطلـق يمكـن بلـورة المصالـح المصريـة وفًقـا‬
                                                                                ‫لأسـبقياتها علـى النحـو التالـى‪:‬‬

‫أ – مصالـح مصيريـة فـى ميـاه النيـل (مصلحـة الفـرد سـنوًّيا مـن الميـاه هـو ‪1000‬م‪ 3‬فـى السـنة‪.‬‬

‫ارتبا ًطـا بذلـك‪ ،‬يصبـح مـن الضـرورى مواجهـة‬                                          ‫بقـاء)‪:‬‬

‫تعتبـر حقـوق ومصالـح مصـر المائيـة مـن توجهـات التدخـل الخارجـى التـى تسـعى لتسـييس‬

‫مـوارد ميـاه نهـر النيـل‪ ،‬أهـم المصالـح المصريـة قضيـة الميـاه وإدخالهـا فـى حسـابات معالجـة مشـكلة‬

‫الميـاه فـى الشـرق الأوسـط أو الترويـج لفكـرة تسـويق‬           ‫علـى وجـه الإطـاق‪ ،‬وتنـدرج ضمـن مصفوفـة‬
‫الميـاه‪ .‬سـبق أن تبنـت دول تجمـع شـرق أفريقيـا‬                 ‫المصالـح المصيريـة؛ حيـث تتوقـف عليهـا حيـاة‬
‫اتجا ًهـا يدعـو لعـدم الالتـ ازم باتفاقـات ميـاه النيـل‬        ‫وبقـاء الشـعب المصـرى‪ ،‬فحصـة مصـر مـن مـوارد‬
‫مـع مصـر‪ ،‬والانتفـاع بميـاه بحيـرة فيكتوريـا دون‬               ‫ميـاه النيـل والبالغـة ‪ 55.5‬مليـار متـر مكعـب سـنوًّيا‬
‫التنسـيق مع مصر‪ ،‬والترويج لمبادئ تسـويق المياه‬                 ‫فـى المتوسـط والمقننـة باتفاقيـات دوليـة‪ ،‬خاصـة‬
‫للسـودان ومصـر أو مبادلتهـا بالبتـرول‪ ،‬ومطالبتهـا‬              ‫مـع السـودان‪ ،‬تعـُّد علـى قـدٍر كبيـر مـن الأهميـة‬
‫لمصـر بإقامـة مشـروعات للحفـاظ علـى البيئـة فـى‬                ‫لمصـر‪ ،‬إذ تمثـل ‪ %91‬مـن الميـاه المتاحـة مـن‬
‫دول حـوض النيـل ‪ -‬الدعـوة فـى إطـار المجلـس‬                    ‫كافـة المصـادر‪ ،‬أ ّمـا الباقـى فيتمثـل فيمـا هـو متـاح‬
‫الـو ازرى للميـاه فـى أفريقيـا التابـع للاتحـاد الأفريقـى‬      ‫مـن ميـاه جوفيـة وميـاه الصـرف والتـى تقـدر بنحـو‬
‫لبحـث إمكانيـة نقـل ميـاه الأنهـار خـارج أحواضهـا‬              ‫‪ ،%8‬ومـا يتـاح مـن الأمطـار وتمثـل نسـبة ‪،%1‬‬
‫لتوفيـر احتياجـات الـدول الأفريقيـة التـى تعانـى مـن‬           ‫وإذا اعتبرنـا أن الميـاه الجوفيـة وميـاه الصـرف هـى‬
‫نقـص الميـاه)‪ ،‬ولعـل افتتـاح أثيوبيـا سـد (‪)5 T K‬‬              ‫فـى الأصـل مـن مصـادر نيليـة فـإن كل شـيء فـى‬
‫«ت ك ‪ »5‬ال ُمقـام علـى أحـد فـروع نهـر عطبـرة‬                  ‫مصـر يعتمـد علـى ميـاه النيـل‪ ،‬وهنـا مكمـن الخطورة‬
‫فـى فب اريـر ‪2009‬م ‪ ،‬و«تيكيـزى» الـذى يقـع فـى‬                 ‫فبقـاء المصرييـن كشـعب وحضـارة يعتمـد فـى الواقـع‬
‫إقليـم تيجـر الشـمالى علـى نهـر التيكيـزى فـى أكتوبـر‬          ‫علـى ميـاه النيـل الأمـر الـذى يزيـد مـن درجـة هـذه‬
‫‪2009‬م دون علـم مصـر وإعلانهـا فـى ‪ 30‬مـارس‬
‫‪2011‬م عنـد بـدء إنشـائها «سـد النهضـة العظيـم‬                                                       ‫الخط ـورة‪.‬‬
‫علـى النيـل الأزرق»‪ ،‬وتقييـم السياسـيين بانفـ ارد‬
‫أثيوبيـا بالعمـل فـى السـد دون إخطـار يعـد فر ًضـا‬             ‫كذلـك فـإن مصـر لا تسـتطيع أن‬
                                                               ‫تتحكـم بمفردهـا فـى نهـر النيـل ومـوارده‬
                                                               ‫إلا بالتعـاون مـع دول حـوض النيـل التسـع الأخـرى‬
                                                               ‫والذيـن أصبحـوا عشـرة دول اعتبـاًار مـن يوليـو‬

                                                           ‫‪54‬‬
   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58   59