Page 65 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 65

‫المجلس‬                ‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬   ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

        ‫مجلــــــــــــــــة‬

        ‫الخ ارئط البنائية والقيمية لمفهوم المجال العام‬

                 ‫إعداد‪ :‬د‪ .‬وليد رشاد زكي‬
               ‫أستاذ مساعد علم الاجتماع‬
        ‫المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية‬

        ‫ظهـر هـذا المفهـوم جلًّيـا فـي كتابـه تحـولات المجـال‬      ‫ذاع صيـت المجـال العـام فـي الأونـة بشـكل‬
        ‫العـام الـذي طبـع عـام ‪ ،1989‬وصـدرت منـه‬                   ‫ملحـوظ عبـر الخطابـات الأكاديميـة‪ ،‬الأمـر الـذي‬
        ‫أكثـر مـن طبعـة‪ ،‬وترجـع جـذور هـذه الفكـرة عنـد‬            ‫دفـع إلـى ضـرورة البحـث فـي جـذور المفهـوم‬
        ‫هابرمـاس فـي أطروحتـه للأسـتاذية عـام ‪.1962‬‬                ‫وتطـوره‪ ،‬مـن هـذا المنطلـق يطـرح المقـال لمفهـوم‬
        ‫ولعـل المتأمـل لواقـع المفهـوم يـدرك أن مـا ُكتـب‬          ‫المجـال العـام ‪ public sphere‬وذلـك عبـر‬
        ‫عـن هابرمـاس أكثـر ممـا كتبـه هابرمـاس فـي فكـرة‬           ‫رؤيـة منهجيـة تسـتند علـي منظوريـن فـي عـرض‬
        ‫المجـال العـام‪ ،‬وفـي هـذا الإطـار يطـرح هـذا المحـور‬       ‫المفهـوم الأول‪ :‬يقـدم للمفهـوم علـي أنـه تجريـد‬
        ‫لثلاثـة عناصـر يتضمـن أولهـا تعريـ َف المجـال‬              ‫لقضايـا واقعيـة‪ ،‬والثانـي‪ :‬يركـز علـي تحديـد المفهـوم‬
        ‫العـام عنـد هابرمـاس‪ ،‬والثانـي التأسـيس التاريخـي‬          ‫بالمتغيـ ارت البنائيـة والقيميـة الداخلـة فـي تركيبـه‪.‬‬
        ‫للمفهـوم عنـد هابرمـاس‪ ،‬والثالـث تقييـم المفهـوم عنـد‬      ‫ومـن خـال هـذه الرؤيـة يتـم عـرض مفهـوم المجـال‬
                                                                   ‫العـام فـي أربعـة عناصـر يطـرح الأول للمفهـوم عنـد‬
                                            ‫هابرم ـاس‪.‬‬             ‫هابرمـاس – المنظـر الأول للمجـال العـام ‪ -‬والثانـي‬
                                                                   ‫يطـرح للمتغيـ ارت البنائيـة للمفهـوم والمتمثلـة فـي‬
               ‫‪ -1‬تعريف المجال العام عند هابرماس‬                   ‫الصالونـات والمنتديـات ووسـائل الإعـام والشـارع‬
                                                                   ‫والتـي تمثـل – فـي حـد ذاتهـا – بنيـة تحتيـة يتشـكل‬
        ‫عـرف هابرمـاس المجـال العـام البرجـوازي بأنـه‬              ‫علـي سـاحاتها المفهـوم‪ ،‬والثالـث يطـرح لبعـض‬
        ‫“منتـدى للمواطنيـن يطرحـون فيـه مطالَبهـم مـن‬              ‫المتغيـ ارت القيميـة الداخلـة فـي تركيـب المفهـوم‬
        ‫الوطـن يجتمـع فيـه النـاس (الخصوصيـون) م ًعـا‬              ‫والتـي منهـا العمـل الجمعـي والعقلانيـة والحريـة‬
        ‫كجمهـور‪ ،‬يشـترك فيـه الجمهـور فـي الحـوار عبـر‬             ‫والتـي تمثـل بنيـة فوقيـة للمفهـوم‪ ،‬ثـم يقـدم محاولـة‬
        ‫القواعـد العامـة التـي تحكـم العلاقـات فـي مجـال‬           ‫لرسـم خريطـة معرفيـة لأشـهر تطبيقـات المفهـوم‬

           ‫تبـادل السـلع ومجـال العمـل الاجتماعـي”(‪.)1‬‬                 ‫علـى الصعيـد الأكاديمـي العالمـي والمحلـي‪.‬‬

        ‫كمـا وصـف هابرمـاس المجـال العـام بأنـه‬                          ‫أولاً‪ :‬رؤية هابرماس لمفهوم المجال العام‬
        ‫«المجـال الـذي يسـبق أي مجتمـع ويتجـاوز‬
        ‫الاختلافـات ويدعـو إلـى المثاليـة وتتسـم حوا ارتـه‬         ‫ارتبـط اسـم المجـال العـام بالمفكـر الألمانـي‬
        ‫بالإيمـان والمسـاواة بيـن الجنسـين وقضايـا المـ أرة‬        ‫جورجيـن هابرمـاس ‪ ،Jurgen Habermas‬إذ‬
        ‫ويظهـر هـذا المسـتوى عندمـا تتجـاوب مؤسسـات‬
        ‫الوطـن مـع المواطنيـن‪ ،‬وشـبهه بأنـه فضـاء للحريـة‬

                                                               ‫‪65‬‬
   60   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70