Page 80 - مجلة التنوير - العدد الثالث
P. 80
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
لا يصلـح أن يتبنـاه العربـي المعاصـر ،شـريطة ألا منتصـف الثمانينيـات ،وتمتـد فـي ثانيهمـا إلـى أواخر
الثمانينيـات ،أي فـي مرحلـة الـردة علـى المشـروع يهـدر شـيًئا مـن جوهـر هويتـه الثقافيـة التاريخيـة؟).
الناصـري ولهـذا يغلـب علـى هذيـن الكتابيـن الطابـع
النقـدي للمفاهيـم وللقضايـا النظريـة والفكريـة السـائدة وفـي هـذا النطـاق يميـز بيـن شـخصية المثقـف
العربـي والمثقـف الغربـي ،فالعربـي :متديـن عالـم
فـي هـذه المرحلـة. شـاعر ،والغربـي العصـري :عالـم تقنـي نفعـي( .زكي
أما هذا الكتاب – الفكر العربي بين الخصوصية نجيـب محمـود ،2005 ،ص ص )389 – 382
والكونيـة -فقـد ُكتبـت د ارسـاته ،لا فـي إطـار ثالًثــا :أميــن العالــم ورؤيتــة لروايــة «دون
أوضـاع سياسـية واجتماعيـة واقتصاديـة وأيديولوجيـة كيشــوت» فــي ضــوء سوســيولوجيا المعرفــة
مناقضـة للمرحلـة الناصريـة فحسـب ،بـل كذلـك فـي
إطـار وضـع تاريخـي عالمـي مختلـف ،تفككـت فيـه يمكـن أن نلحـظ خ ًّطـا فك ًرّيـا متناغ ًمـا يصـل
المنظومـة الاشـت اركية العالميـة وحـدث اسـتقطاب بيـن كتابـات الفيلسـوف «أميـن العالـم» ،وقـد تجلـى
أرسـمالي عالمـي تحققـت فيـه الهيمنـة لحفنـة مـن ذلـك فـي كتابـه «الفكـر العربـي بيـن الخصوصيـة
البـاد ال أرسـمالية الكبـرى علـى أرسـها الولايـات والكونيـة» حيـث يصـف كتابـه« :يمكـن لهـذا الكتـاب
المتحـدة الأمريكيـة؛ ولهـذا تفجـر تسـاؤٌل كبيـر أن يكـون الجـزء ال اربـع لكتـب ثلاثـة سـبقته هـي
حـول مصيـر الخصوصيـات القوميـة والثقافيـة فـي «معارك فكرية» ،1965و«الوعي والوعي ال ازئف
إطـار هـذه السـيطرة والهيمنـة ال أرسـمالية وهـذه هـي فـي الفكـر العربـي» ،1986و«مفاهيـم وقضايـا
الإشـكالية الرئيسـية التـي يسـعى الكتـاب لمعالجتهـا
فـي تجلياتهـا وتفريعاتهـا السياسـية والاقتصاديـة إشـكالية» .1989
والثقافيـة المختلفـة ،وهـي الإشـكالية نفسـها التـي
تـدور حولهـا مناقشـات وحـوا ارت ونـدوات فـي جميـع (فالجامـع بيـن هـذه الكتـب هـو معالجتهـا للفكـر
أنحـاء العالـم تحـت عنـوان (صـ ارع الحضـا ارت). العربـي المعاصـر فـي تجلياتـه النظريـة والاجتماعيـة
والسياسـية والثقافيـة المجتلفـة .إلا أنـه برغـم هـذا
والواقع أن ذلك يجسد أهم مسلمات «علم اجتماع الموضـوع الواحـد الـذي تعالجـه هـذه الكتـب الأربعـة،
المعرفة» Sociology of Knowledgeالذي يرى فـإن ك َّل كتـا ٍب منهـا لـه خصوصيتـه النابعـة مـن
ثمـة علاقـة جدليـة بيـن الفكـر والواقـع الاجتماعـي أي خصوصيـة اللحظـة التاريخيـة التـي يعالـج فـي
بيـن الوعـي والوجـود الاجتماعـي((( وقـد تنبـه معظـم سـياقها هـذا الموضـوع الواحـد وهـذا مـا يعطـي
علمـاء سوسـيولوجيا المعرفـة إلـى وجـود علاقـة مـا لـكل منهـا دلالـة تاريخيـة خاصـة ،فكتـاب «معـارك
بيـن الثقافـة أو الأيديولوجيـا (البنـاء الفوقـي) وبيـن فكريـة» يضـم كتابـا ٍت تمتـد مـن بدايـة الخمسـينيات
حتـى منتصـف السـتينيات ،أي تنتسـب إلـى القضايـا
((( تُعتبـر نظريـة المعرفـة ليسـت فقـط نظريـة فلسـفية ،وإنمـا الفكريـة والقوميـة التـي كانـت مثـارة طـوال المرحلـة
هـي كذلـك نظريـة اجتماعيـة ،فالمعرفـة ليسـت منعزلـة عـن الناصريـة ،ولهـذا يغلـب علـى هـذا الكتـاب الطابـع
الواقـع الاجتماعـي بـل هـي مسـألة اجتماعيـة فـي المقـام السـجالي .علـى حيـن أن كتابـي «الوعـي والوعـي
ال ازئـف» و«مفاهيـم وقضايـا إشـكالية» يضمـان
الأول ،انظـر ذلـك فـي: كتابـات تمتـد فـي أولهـا مـن بدايـة السـبعينيات إلـى
( -فؤاد زكريا ،1988 ،ص)221-217
( -نيقولا برديائيف ،1982 ،ص)71
80