Page 85 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الأندرويد
P. 85
المجلس لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
النقـاش والحمـاس العاطفـي اختفـى الفكـر المنهجـي أن تكـون تلـك الشـهوة فكريـة مرتبطـة بـإ اردة التقـدم
والعلمـي .إن حالـة الانشـطار والازدواجيـة أدت والفاعليـة وصناعـة المسـتقبل الأفضـل ..هـذه هـي
إلـى اغتـ ارب المثقـف العربـي ليـس فقـط عـن واقعـه المسـالة)( .إميـل أميـن)2009 ،
لقـد مـارس «محمـود أميـن العالـم» دوره السياسـي وقضايـاه ،بـل عـن ذاتـه وهويتـه( .أحمـد مجـدي
كمثقـف ُملتـزم ،عضـوي بالمفهـوم الغ ارمشـي وقـد حجـازي ،2001 ،ص ص)111 -110
ُفصـل مـن السـلك الجامعـي فـي عـام 1954قبـل
حصولـه علـى درجـة الدكتـو اره؛ بسـبب انتمائـه ويطـرح لنـا «أميـن العالـم» رؤيتـه فيـرى أن
الأمـر ليـس نخبـة مـن المثقفيـن يشـيعون فكـًار
السياسـي للحركـة الشـيوعية ،وتـم اعتقالـه عـدة ثو ّرًيـا وليـس مجـرد معاهـد علميـة أكاديميـة تقـوم
علـى إحيـاء التـ ارث وتحقيقـه ،إنمـا هـو فـي الحـل مـ ارت ،وكان لـه دور محـوري فـي الحيـاة السياسـية.
حيـن أطلـق «غ ارمشـي» Gramsciمقولتـه «إن الأول تحـرك جماهيـر أمتنـا العربيـة بالثـورة علـى
كل إنسـان مثقـف» كان يقصـد أن الإشـكالية لا واقعهـا المتخلـف المتمـزق ،بالفعـل التاريخـي لتغييـر
تكمـن فـي تعريـف المثقـف ،بـل فـي تحديـد الـدور حياتهـا ،وتجديـد أبنيتهـا السياسـية والاجتماعيـة
والاقتصادية والثقافية ،لا أصالة ولا عصرية ،بغير
الـذي يقـوم بـه هـذا المثقـف فـي مجتمعـه. انطـاق هـذه الجماهيـر حاملـة الأصالـة ،وصانعـة
العصريـة ،والمبدعـة للتاريـخ ،إن الفعـ َل الثـوري
وفيمـا يرفـض مجـدي حجـازي فكـرة الواعـي المنظـم ،هـو سـبيلنا للثـورة الثقافيـة التـي
التصنيـف وفًقـا لمحـكات تقليديـة؛ حيـث يـرى أن تتألـق بـه أصالتنـا العصريـة وعصريتنـا الأصيلـة.
المحـك الرئيـس هـو الالتـ ازم ،فإنـه يحلـل لنـا أزمـة
المثقـف العربـي ودوره فـي تسـاؤله المهـم :أزمـة (أميـن العالـم ،1986 ،ص)38
مثقـف أم أزمـة مجتمـع؟ كمـا يشـير إلـى علاقـة
المثقـف بالسـلطة؛ حيـث إن تبعيـة الثقافـة للسـلطة ساد ًســا :المثقــف والســلطة تنويعــات بيــن
الخارجيـة العالميـة أثـرت علـى المثقـف ومنتوجـه المواقــف والأدوار
حـدد الفيلسـوف «محمـود أميـن العالـم» الثقافـي بحيـث أصبـح يعانـي أزمـة بنـاء نفسـي،
وأصبـح الاغتـ ارب عـن الواقـع هـو السـمة المميـزة موقفـه مـن السـلطة السياسـية حيـن ُسـئل( :ألـم
لـه (أحمـد مجـدي حجـازي ،2001 ،ص،82-81 تغـازل شـهوة السـلطة المثقـف العربـي محمـود أميـن
العالم)؟ وكانت إجابته ( :ما هي السـلطة؟ السـلطة ص ص )97 -96
وحيـن نتحـدث عـن دور المثقـف فـا بـد أن يكـون السياسـية فـي أريـي آخـر شـيء يفكـر فيـه الإنسـان
ذلـك فـي نطـاق علاقتـه بالسـلطة وبالسياسـة؛ حيـث وأول شـيء لـه الحـق فـي أن يسـعى إلـى تغييـره،
يؤكـد لنـا تاريـخ الفكـر السياسـي علـى ارتبـاط الثقافـة أن يكـون المثقـف فـي السـلطة وعًيـا و أرًيـا مسـمو ًعا
بالسياسـة ،يشـهد ذلـك الشـرق والغـرب ماضيـه وفكـرة هـذه هـي القضيـة ،وعليـه فالمثقـف ملـزم بـأن
وحاضـره ،وقـد وصـف العلاقـة المعقـدة بيـن المثقـف يكـون أرًيـا معنًّيـا مسـمو ًعا فـي كافـة أوجـه السـلطة
والسياسة حين تحدث عن إغ ارء السلطة الذي حين العمليـة سياسـًّيا واقتصادًّيـا واجتماعًّيـا ،إن تغـازل
يسـتجيب لـه المثقـف يتحـول مـن مناضـل إلـى مبـرر شـهوة السـلطة المثقفـة شـيء لا بـأس بـه شـريطة
85