Page 58 - 777777المنظور السياسي
P. 58
وتبـرز أهميـة هـذا التوجـه فـي ظـل مـا أثبتتـه التجـارب حقـوق الإنسـان بمفهومـه الشـامل .يقينـا نحـن دولـة قانـون
الدوليـة مـن أن النجـاح فـي إدارة مـا بعـد الصـ ارع الـذي تحتـرم شـعبها وحريتـه ،وحقوقـه ،فـى ظـل أوضـاع قلقـة
يتوقـف إلـى حـد كبيـر علـى مـدى قـدرة الدولـة والمجتمـع
علـى إعـادة تأهيـل الإنسـان وترسـيخ السـلم المجتمعـي ومضطربـة تـكاد تعصـف بأمـن الإقليـم كلـه»23.
المحلي والإقليمي .فالتعليم ،والرعاية الصحية ،والتمكين
الاقتصـادي ،والعدالـة ،وإعـادة الاعتبـار للهويـات •الخاتمة:
الثقافيـة ،تشـّكل محـاور أساسـية فـي هـذا المسـار. إ ّن بنـاء الإنسـان ُيعـّد المدخـل الجوهـري لإرسـاء سـام
مسـتدام وتحقيـق تنميـة شـاملة فـي المجتمعـات التـي
وفـي السـياق العربـي والفلسـطيني خصو ًصـا ،تبـدو تعيـش فـي مناطـق تحيـط بهـا الص ارعـات حيـث إن غياب
الحاجة مل ّحة إلى تبّني مقاربة إنسانية تنموية في مرحلة الاسـتثمار فـي الإنسـان ،باعتبـاره محـور العمليـة التنمويـة
مـا بعـد الصـ ارع ،ت ارعـي خصوصيـات السـياق ،وتُعلـي وركيـزة الاسـتق ارر المجتمعـي ،يـؤدي إلـى تكـ ارر دوامـات
مـن شـأن الك ارمـة الإنسـانية ،وتعـزز أرس المـال البشـري العنـف ،وتعثـر جهـود الإعمـار ،واسـتم ارر الهشاشـة
كأداة للصمـود والتحـرر والتنميـة .إن الإنسـان ليـس فقـط المؤسسـية .إذ لا يكفـي إعـادة بنـاء البنيـة التحتيـة وإعـادة
هدًفـا للتنميـة ،بـل هـو أداتهـا وغايتهـا ،ومـن هنـا فـإن أي توزيـع المـوارد ،بـل لا بـد مـن التوجـه إلـى إعـادة بنـاء
مشـروع لإعـادة الإعمـار أو إحـال السـام دون م ارعـاة الإنسـان نفسـيا ،وتعليميـا ،وثقافيـا ،واقتصاديـا ،ضمـن
رؤيـة شـاملة تعـزز مـن قدرتـه علـى المشـاركة الفاعلـة
مركزيـة الإنسـان ،سـيظل قاصـًار ومهـدًدا بالانتـكاس. فـي الحيـاة العامـة ،والإسـهام فـي ترسـيخ قيـم المواطنـة
بالتالـي ،فـإن بنـاء الإنسـان يجـب أن ُيـدرج فـي صميـم
سياسـات مـا بعـد الصـ ارع ،باعتبـاره حجـر ال ازويـة فـي أي والتسـامح والتنـوع.
مسـتقبل مسـتقر وعـادل ومزدهـر. 23أحمـد ناجـي قمحـة« .بدايـة :التجربـة المصريـة لصـون الأمـن القومـي وتحقيـق التنميـة
المسـتدامة» ،مجلـة الديمقراطيـة ،عـدد ( 90أكتوبـر .)2024
58

