Page 68 - 777777المنظور السياسي
P. 68
يتعلـق بجريمـة الفـن -كمـا أوضحناهـا سـابقا -نجـد 2.الُبعـد الاقتصـادي :ويعبـر عـن القيمـة الماليـة لتلـك
أن ت ازيـد معـدلات السـرقات والتزويـر للأعمـال والتحـف الممتلـكات الثقافيـة أو مـا يعـرف باسـم «سـوق
الفنيـة والثقافيـة وكذلـك الاتجـار العابـر للحـدود فيهـا، الفـن» ،ومـن ذلـك مبيعـات التحـف الفنيـة أو
إلـى جانـب تدميـر الآثـار أثنـاء التدخـات العسـكرية فـي الفنـون الجميلـة مـن خـال التجـار أو المعـارض أو
دولـة مـا أو زيـادة أحـداث الفوضـى فيهـا ،نتيجـة ثـورة أو
أي تغيـ ارت جذريـة ،كل ذلـك سـاهم فـي تعميـق أهميـة المـ ازدات المنتشـرة عالميـا.
الممتلـكات الثقافيـة للسياسـة الخارجيـة للدولـة. 3.الُبعد السياسي :وُيقصد به دور الممتلكات الثقافية
فـي السياسـة الخارجيـة أو مـا يسـمى «الدبلوماسـية
ويشـير «إيريك نيميث»إلى أن الإسـاءة للآثار والفنون الثقافيـة»؛ فتبـادل الأعمـال الفنيـة بيـن المتاحـف،
الجميلـة قـد تطـورت علـى مـدار التاريـخ مـن مجـرد كونهـا واسـتعادة بعـض الـدول للأعمـال الفنيـة الثقافيـة
غنائـم للحـرب إلـى وسـيلة للإرهـاب ،تهـدف -بشـكل كاللوحـات والآثـار مـن بعـض المتاحـف الدوليـة،
حثيـث -إلـى محـو التـ ارث الثقافـي للآخـر .وكذلـك والتعـاون الدولـي للحفـاظ علـى المواقـع التاريخيـة،
فقـد ازد التبـادل التجـاري العابـر للحـدود للأعمـال الفنيـة
والثقافيـة مـن أهميـة تلـك الممتلـكات الثقافيـة في العلاقات كلهـا أمثلـة علـى تلـك الدبلوماسـية الثقافيـة.
الخارجيـة بيـن الـدول. ويشـير «إيريـك نيميث»إلـى أن الم ارجعـة التاريخيـة
لـدور الثقافـة توضـح الاتسـاع والنمـو التدريجـي لـكل ُبعـد
ومـن الناحيـة السياسـية ،فقـد أَثّـرت الأهميـة السياسـية مـن تلـك الأبعـاد خـال القـرن التاسـع عشـر ،لكـن التوسـع
للممتلـكات الثقافيـة علـى القيمـة السـوقية للأعمـال الفنيـة، المكثـف والأكبـر كان بعـد الحـرب العالميـة الثانيـة.
فضلا عن أن ذلك ازد من خطورة استهداف الآثار خلال ومـع اسـتم ارر التوسـع وت اركمـه بـدأ تأثيـر تلـك الأبعـاد
أحداث العنف السياسي .وقد أنتجت كل هذه التقاطعات ُيضاعـف مـن أهميـة «الأمــن الثقافــي» ،فقـد ازدادت
المختلفـة بيـن الفـن والسياسـة ومكافحـة الإرهـاب أر ًضـا تهديـدات نهـب وسـرقة الأعمـال الثقافيـة بشـكل كبيـر
خصبـ ًة لنشـوء مجـال جديـد هـو «الأمـن الثقافـي». علـى مسـتوى العالـم.
وفيمـا يتعلـق بمسـتقبل ظاهـرة الأمـن الثقافـي ،فـإن فمـن الناحيـة الاقتصاديـة نجـد أن «أسـواق الفـن» قـد
مصـدر قـوة العلاقـة بيـن الثقافـة والأمـن القومـي لا يكمـن انتشـرت وكثـر الاعتمـاد عليهـا وتوسـعت مـن الناحيـة
فـي الأعمـال الفنيـة نفسـها أو فـي المواقـع التاريخيـة بقـدر المالية ،حيث أصبحت عالمية ،مع ت ازيد تجارة الأعمال
مـا يكمـن فيمـا تثيـره مـن مشـاعر إنسـانية ،فضـا عـن
دور الثقافـة فـي تحديـد ُهويـة الدولـة؛ فالتحـف والروائـع الفنيـة والثقافيـة عبـر غالبيـة الأمـم.
الفنيـة ليسـت إلا أحـد مظاهـر الفـن ،والفـن أحـد مظاهـر
الثقافـة؛ لـذا فـإن أسـواق الأعمـال الفنيـة وقوانيـن حمايـة ومـن الناحيـة السياسـية ،فقـد َح َمـت سلسـلة الاتفاقيـات
التـ ارث الثقافـي كلهـا مؤشـ ارت تسـاهم فـي توقـع ت ازيـد والقوانيـن الوطنيـة الممتلـكات الثقافيـة إلـى حـٍّد كبيـٍر،
دور الاقتصـاد السياسـي للممتلـكات الثقافيـة فـي العقـود لكنهـا أيضـا جعلتهـا « ُمسَّيسـة» .لـذا فـإن توُّسـع وامتـداد
تلـك الأبعـاد قـد سـاهم فـي تقويـة العلاقـة بيـن الممتلـكات
القادمـة مـن القـرن الحـادي والعشـرين. الثقافيـة و»الأمـن العالمـي» Global Security؛ ففيمـا
68

