Page 66 - 777777المنظور السياسي
P. 66

‫والاندمـاج كمـا حـدث فـي الاتحـاد الأوروبـي‬               ‫ليشـمل جوانـب أخـرى مـن سياسـة‪ ،‬واقتصـاد‪ ،‬ومنظمـات‬
                     ‫(‪.)Buzan, 1997, 17‬‬                   ‫دوليـة‪ ،‬ومجتمـع دولـي‪ ،‬فالأمـن كذلـك يحـدد بالثقافـات‪،‬‬
                                                          ‫وحقوق الإنسـان‪ ،‬والمعتقدات‪ ،‬حيث تظهر الدولة عاجزة‬
‫إن الأمــن المجتمعــي والثقافــي هـو قـدرة الدولـة أو‬     ‫عـن تحقيـق أمنهـا لوحدهـا لأنهـا ليسـت الفاعـل الوحيـد في‬
‫المجتمع وإطاره النظامي على مواجهة كافة التهديدات‬
‫الداخليـة والخارجيـة بمـا يـؤدي إلـى المحافظـة علـى‬             ‫العلاقـات الدوليـة‪ ،‬ولكـن لا يمكـن التخلـي عنهـا‪.‬‬
‫كيانـه وهويتـه وإقليمـه ومـوارده وتماسـكه وتصـوره‬
                                                          ‫ويقـدم بـو ازن خمسـة قطاعـات أساسـية للأمـن تعمـل فـي‬
           ‫وحريـة إ اردتـه (صدقـي‪.)61،1999 ،‬‬                         ‫حركيـة متناسـقة مـع بعضهـا البعـض‪ ،‬وهـي‪:‬‬

‫	‪4.‬الأمــن البيئــي‪ :‬وينصـرف إلـى التهديـدات‬              ‫	‪1.‬الأمــن العســكري‪ :‬ويعنـي مـدى قـدرة الدولـة علـى‬
‫الأيكولوجيـة‪ ،‬والتـي تتجلـى فـي ظواهـر خطيـرة مثـل‬        ‫توفيـر الأمـن لمواطنيهـا مـن خـال القـد ارت‬
‫الاحتبـاس الحـ ارري والتلـوث وثقـب طبقـة الأوزون‪.‬‬         ‫الهجوميـة والدفاعيـة المسـلحة للدولـة‪ ،‬وتصـو ارت‬
                                                          ‫الـدول لنوايـا بعضهـا البعـض (‪,1991 ,Buzan‬‬
‫	‪5.‬الأمـن الاقتصـادي‪ :‬وينصـرف إلـى التهديـدات التـي‬
‫تحـول دون الحصـول علـى الحاجـات الأساسـية‬                                                ‫‪.)434 -431‬‬
‫للحيـاة (الميـاه والغـذاء والملبـس والمـأوى)‪ ،‬فقضايـا‬
‫المعيشـة والبطالـة أو ت ارجـع القـدرة علـى الحصـول‬        ‫	‪2.‬الأمـن السياسـي‪ :‬حيـث يكمـن مصـدر التهديـد فيها‬
‫علـى المـوارد الحيويـة الأساسـية كلهـا تهـدد الفـرد‬       ‫مـن منطلـق المنافسـة بيـن الأيديولوجيـات‪ ،‬وكـذا‬
                                                          ‫التهديـدات السياسـية التـي تنشـأ هيكليـا مـن تأثيـر‬
      ‫أكثـر ممـا تهـدد باقـي الوحـدات المرجعيـة‪.‬‬          ‫الفواعـل الخارجيـة علـى شـرعية الدولـة وسـيادتها‪.‬‬

‫وعليـه فالأمـن هنـا هـو مفهـوم مركـب‪ ،‬يحتـوي علـى‬         ‫	‪3.‬الأمــن المجتمعــي (الثقافــي)‪ :‬حيـث الوحـدات‬
‫العديـد مـن المتغيـ ارت التـي تتفاعـل مـع بعضهـا البعـض‪،‬‬  ‫المرجعيـة للأمـن هـي المجتمـع والهويـة والأقليـات‬
‫فنجـد المتغيـ ارت العسـكرية الاجتماعيـة والسياسـية‬        ‫(القبائـل والعشـيرة والأمـة والحضـارة والأديـان‬
‫والاقتصاديـة والثقافيـة‪ .‬وهكـذا تغيـر مفهـوم «الأمـن»‪،‬‬    ‫والعرق)‪ ،‬فإن التهديدات لا تستهدف هذه الوحدات‬
‫فـي الآونـة الأخيـرة بحيـث لـم تعـد التهديـدات العسـكرية‬  ‫فـي تواجدهـا المـادي أو اسـتقلالها الاقتصـادي‬
‫الـواردة إلـى الدولـة مـن خـارج محيطهـا هـي معضلـة‬        ‫والسياسـي وإنمـا فـي تواجدهـا الهوياتـي‪ ،‬وبالتالـي‬
‫الأمـن الوحيـدة‪ ،‬وإنمـا أصبحـت هنـاك تهديـدات أخـرى‬       ‫مسـألة التهديـد تبنـى علـى أسـاس التمييـز بيـن‬
‫مثـل‪ :‬الجريمـة المنظمـة‪ ،‬والأمـ ارض المعديـة‪ ،‬الصـ ارع‬    ‫«نحـن» كجماعـة و»الآخـر» كجماعـة مختلفـة‬
‫حـول المـوارد‪ ،‬الهـدر البيئـي‪ .‬ومـن ثـم‪ ،‬أخـذت فكـرة‬
‫«الأمـن» تأخـذ أبعـادا اجتماعيـة وثقافيـة واقتصاديـة‬                       ‫(‪. )120 ,1991 ,Buzan‬‬
‫وبيئيـة جديـدة (‪ .)Treverton, G. F., 2005‬وكان‬
‫ذلـك إيذاًنـا بظهـور مفهـوم «الأمـن غيـر التقليـدي»(‪Non‬‬   ‫وبالتالـي الخـوف هنـا يكـون مـن المنافسـة الأفقيـة‬
‫‪Baldwin, D.(.)Traditional Security‬‬                        ‫حيـث التأثيـر الثقافـي واللغـوي الـذي تسـببه الثقافـة‬
                                                          ‫المجـاورة وتفوقهـا علـى ثقافـة السـكان الأصلييـن‪،‬‬
                                     ‫‪.)A.,1997‬‬            ‫إضافـة إلـى الخـوف مـن المنافسـة العموديـة التـي‬
                                                          ‫تمارسـها الهويـة الناتجـة عـن مشـروعات التكامـل‬

                                                                                                                 ‫‪66‬‬
   61   62   63   64   65   66   67   68   69   70   71