Page 90 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 90
وكان هناك عزم شديد على استحضار الله في القلوب؛ ليكون عونا فقد كان أحد أسلحة الدولة في رفع الروح المعنوية للمواطنين وحشد
للجنود خلال الحرب ،والُتَّف حول شعار الله أكبر الذي كان يزلزل الجهود والاصطفاف خلف الجيش والقيادة السياسية آنذاك .فالفن له
جنود العدو ،ويصيبهم بالرعب قبل الانخراط في عمليات قتالية دور مؤثر في شحذ الهمم ،كما ظل رفيقا للشعب والدولة من النكسة
ضدهم .فمثلا كلمة العبور كانت كما يعرف الجميع ،الله أكبر ،فكان إلى النصر ،وهو من القوى الناعمة التي يجب توظيفها واستخدامها
يرددها الجنود على الجبهة ،وُيقال إنها عندما ُتقال كانت تدب الرعب
في نفوس العدو .وكان المسلم والقبطي على حد سواء يرددان كلمة بشكل سليم.
الله أكبر ،وهما نسيج هذا الوطن ،ونزعتهما للدين واحدة .ولنا أن فمما لا شك فيه أن الدراما الوطنية لها دورها المحوري في حياتنا
نتخيل المنظر المهيب في لحظة العبور والملايين يرددون هذه الكلمة اليومية .فمن خلالها ،يستقى المتلقي تاريخ مصر السياسي ،فهي تقدم
بلا انقطاع ،ونحن هنا بالتأكيد لا نتحدث عن الذين خاضوا الحرب قراءة للتاريخ ،وتقوم بدور مميز في تعريف وتثقيف الأجيال بمن هم
على الجبهة فقط ،وإنما نتحدث أيضا عن الشعب الذي كان جالسا أبطالنا والقدوة لأبنائنا ،كما أنها تسهم في استعادة العديد من القيم التي
يتابع الأخبار ،وهذا كله له دلالته على أن الدين يشكل جزءا كبيرا تعظم قيمة الهوية الوطنية المصرية من خلال تحفيز نزعة الولاء
ومهما من حياة الشعب المصري ،الذي ُيعد من أكثر الشعوب إيمانا والانتماء في حب الوطن ،وخلق روح الوطنية داخل بيوتنا ،تلك القيم
بالله ،وهو إيمان عميق الجذور منذ الفراعنة ،ومنذ خلق الله مصر التي رسختها مسلسلات ،على سبيل المثال( :رأفت الهجان ،ودموع
في عيون وقحة ،والاختيار في الآونة الأخيرة) ،فالفنون وسيلة مهمة
وشعبها. لتشكيل وجدان المجتمع ،وهي أحد مؤشرات التعبير عن قوة الدولة
المرأة المصرية كان لها دور كبير في انتصارات أكتوبر ،فعلى في الحفاظ على هويتها الوطنية .كما أنها تملك القدرة على إثارة
الرغم من أنها لم تكن على خط النار بشكل مباشر ،فقد كانت هي اليد الحماسة الوطنية؛ وخير مثال على ذلك أيضا :الأغاني الوطنية التي
تؤدى دورا مهما في تعزيز روح الهوية الوطنية ،ودورا تفاعليا في
الداعمة والمساعدة بقوة، غرس المسئولية الوطنية في نفوس الصغار والكبار ،وتشارك الناس
كما كان للمرأة المصرية دور بارز في التطوع وحملات التبرع حبهم وانتماءهم إلى أوطانهم ،إلى أن أصبحت جزءا من ذاكرة
بالمال والدم ،والعمل في المستشفيات لرعاية جرحى الحرب من المصريين وأداة توثيق لكثير من المراحل التي أسهمت في تشكيل
المرضى والمصابين ،بالإضافة للجان النسائية التي قررت تقدم وجدان الشعب المصري .فالأغنية الوطنية تعد مكونا أصيلا وموروثا
التبرعات بالدم؛ فكان هناك أكثر من 60ألف سيدة شاركن وتبرعن ثقافيا حاضرا لكل الأحداث التي مرت بها مصر ،كما أدت الأغنية
للمصابين ،وكل ذلك لمساعدة الجيش المصري في عملية التسليح دورا مهما في شحذ الهمم والعزائم وتنمية الروح الوطنية لدى
مختلف الأجيال .واستطاعت أغاني النصر أن تجسد الملحمة الوطنية
وإعادة بناء الوطن. في حرب أكتوبر المجيدة .وفي اللحظات الاستثنائية في تاريخ
كما كان هناك دور آخر للمرأة لا يقل شأنا عن دور الرجال ،وهو الوطن ،دائما ما يستدعي الشعب بشكل تلقائي الأغاني الوطنية
دورها التوعوي ،والذي قامت به المرأة عبر دعم القضية المصرية الراسخة في الوجدان .كان للدين أيضا حضور قوي في حرب
دولًيا؛ حيث جرى تشكيل لجنة تسمى "لجنة صديقات القلم" ،وهي أكتوبر؛ فالتدين يعد من عناصر القوة الكامنة داخل وجدان شعبنا؛
لجنة تختص بترجمة ما يتعلق بالقضية المصرية وإبراز عدالتها على فالمصريون يملكون يقينا بأن النصر لن يأتي إلا من عند الله تعالى،
المستوى الدولي ،وإرسال هذه الترجمات إلى الاتحادات والمنظمات وأنه مهما تبلغ قوة المعتدين ،فإنها لن تقف أبدا أمام إرادة الله .لذلك،
النسائية العالمية ،ردا على المفاهيم المغلوطة التي حاولت إسرائيل كان حضور الدين في كل خطوة من خطوات الحرب ،بدًءا من
اختيار موعد الحرب في شهر رمضان المعروف بروحانياته العالية،
بثها للعالم. وتحديدا في اليوم العاشر ،ذلك اليوم الذي تحل فيه ذكرى غزوة بدر
تيمًنا بهذه الذكرى .وقد صمم الجنود على خوض الحرب ،وهم
صائمون على الرغم من أن توقيت الحرب في الثانية ظهرا في يوم
حار ،وكأنهم يقولون إنهم سيفعلون أي شيء ليتقربوا إلى الله.
86

