Page 84 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 84
الشاعر /أحمد سويلم الشعر بين ضفتين
وفي تعبيره هذا السريع قد يوقع صاحبه أحيانا في المباشرة قديما ..اشتعلت حرب بين قبيلتي عبس وذبيان ..واستمرت أربعين
والخطابية لشدة حماسته وإقباله وتضحيته من أجل استعادة وطنه. عاًما ..حتى أخمدها حكماء القبيلتين ..وفى ذلك يقول الشاعر ُز هير
والشعر يمكن أن يكون سلاحا للمقاومة لا يقل تأثيًر ا عن سلاح بن أبي ُسلمى:
الجندي في المعركة. وما الحرُب إلا ما عرفُتم وذقتُم
وما هو عنها بالحديث المرَّجِم
والشاعر المجيد هو الذي يصبر على قصيدته ،ويعبر عن تأثير
الحدث في الوجدان ..بعد فترة زمنية كافية لهذا التعبير.. متى تبعُثوها ..تبعثوها ذميمًة
وتْضَر ى إذا ضَّر بُتموها فتضرِم
وفي هذا الإطار الموضوعي يمكننا أن نؤكد أن الشعراء –مثلهم مثل
بقية أفراد الشعب– قد فوجئوا بحرب العبور عام ..1973فإذا نحن وهنا يثور سؤال مهم :لماذا يحارب الإنسان؟
أمام شعر قصد به مواكبة أو ملاحقة النصر ..تميز بالصدق والإجابة منطقية:
والحماسة. فالإنسان يحارب للحصول على أرض..
وقد حدث ذلك في الشعر وفي الأغنية ،وربما في القصة القصيرة.. ويحارب للحصول على ثروات..
فلم يكن أمام المبدع سوى الاستجابة لهذه المفاجأة .ويمكننا الآن أن ويحارب للدفاع عن حق..
نقسم الشعراء إلى فريقين :فريق خاض التجربة وخاض القتال.. ويحارب لاستعادة ما ضاع منه..
وفريق عبر عن شعوره دون أن يخوض التجربة ..وليس معنى ذلك ويحارب لصد عدوان غاشم..
أن هناك أفضلية لفريق على آخر ..وإنما نحن هنا نرصد الواقع..
وقد خاضت مصر حروبا كثيرة منذ فجر التاريخ للحفاظ على
وندع التذوق والحكم على جودة القصيدة للقارئ الحصيف. كرامتها ..والدفاع عن أرضها ..وصّد عدوان الآخرين عليها ..لهذا
لنقرأ ما أبدعه صلاح عبد الصبور مخاطًبا الجندي المصري على
فهي في رباط إلى يوم القيامة.
جبهة القتال: واليوم نحتفل بمرور اثنين وخمسين عاًما على آخر حروب مصر –
ُترى ارتجفت شفاهك معركة العبور المجيدة– التي خلصتنا من الإحساس المهين الذي
عندما أحسست طعَم الرمل والحصباء
بطعم الدمع مبلولا.. طغى على وجداننا عام .1967
وماذا استطعمْت شفتاك ولم تكن نكسة 1967نهاية ..ولكنها كانت بداية إفاقة أظهرت قوة
عند الُقبلة الأولى العزيمة ..وانتماء الإنسان المصري لوطنه.
وماذا قلت للرمل الذي ثرثر ست سنوات جمعت بين اليأس والأمل ..بين المحنة والنعمة ..بين
في خديك أو كفيك اليأس والمقاومة.
حين انهرَت تمسيًحا وتقبيلا وفي عام 1968زحف إلى القوات المسلحة طوفان من المثقفين
وحين أراق في عينيك شوقا وخريجي الجامعات –وشرفت أن أكون واحدا منهم– وما زلت أتذكر
استقبال الفريق عبد المنعم رياض وحديثه معنا ..وترحيبه بالمثقفين
كان مغلولا
ومَّد لعشقك المشوب والمتعلمين في صفوف القوات المسلحة.
ثوب الرمل محلولا كان لا بد للمثقف أن يشارك في تحمل هذه المسؤولية.
لقد كنا في 1967يحكمنا القول والمبالغة ..فصرنا بعد ذلك يحكمنا
الفعل والعقل وحسن التدبير والثقة بالنفس.
وهنا ينطلق الشعر مارًدا بالتعبير الصادق عن هذا التحول الجديد.
وفي هذا السياق هناك حقائق أولية ينبغي أن نشير إليها:
فالشعر أسبق ألوان الإبداع تعبيرا عن الواقع وتحولاته..
80

