Page 45 - مجلة سلاح الصيانة العدد22

‫حــول مشــروعيته إلــى اتجاهيــن بيــن مؤيــد‬ ‫المســلحة‪ :‬حيــث يعــرف هــذا الاتجــاه التدخــل‬
‫ومعــارض‪.‬‬ ‫الدولـي الإنسـاني بأنـه‪ « :‬كل اسـتخدام للقـوة‬
‫المســلحة أو التهديــد باســتخدامها بواســطة‬
‫الاتجـاه المعـارض للإقـرار بمشـروعية أعمـال‬ ‫دولــة مــا أو بمعرفــة هيئــة دوليــة ضــد دولــة‬
‫التدخــل الإنســان يذهــب أنصــار هــذا الاتجــاه‬ ‫أخـرى بهـدف حمايـة السـكان مـن الانتهـاكات‬
‫إلـى عـدم الاعتـراف بمشـروعية أعمـال التدخـل‬ ‫التـي تهـدد حقوقهـم الإنسـانية والتـي ترتكبهـا‬
‫الإنســاني وعــدم الإقــرار بوجــود حــق أو مبــدأ‬ ‫الحكومـة المحليـة أو تشـترك فيهـا»‪ .‬فـي حين‬
‫يبـرر مثـل هـذا التدخـل‪ ،‬فمـن وجهـة نظرهـم لا‬ ‫تذهـب آراء أخـر ى إلـى أن هـذا النـوع مـن التدخـل‬
‫ينبغــي الحديــث عــن حــق التدخــل‪ ،‬فالحــق هنــا‬ ‫يمكـن أن يتـم بوسـائل أخـر ى غيـر اللجـوء إلـى‬
‫القـوة المسـلحة كاسـتخدام وسـائل الضغـط‬
‫ليـس هـو التدخـل بـل الامتنـاع عنـه‪.‬‬ ‫السياســي أو الاقتصــادي أو الدبلوماســي‪،‬‬
‫ويبــرر معارضــو التدخــل الإنســاني رفضهــم‬ ‫فكلمـا كان الهـدف مـن اسـتخدام أي مـن هـذه‬
‫لــه بكونــه يخالــف العديــد مــن مبــادئ القانــون‬ ‫الوســائل هــو حمــل إحــدى الــدول علــى الكــف‬
‫الدولـي وقواعـده الآمـرة لعـل أهمهـا‪ « :‬قاعـدة‬ ‫عــن انتهــاك حقــوق الإنســان كلمــا أمكــن‬
‫حظـر اسـتخدام القـوة فـي العلاقـات الدوليـة‪،‬‬ ‫اعتبارهــا تدخــ ًا دوليــ ًا إنســاني ًا‪ .‬ويعــرف هــذا‬
‫ومبــدأ ســيادة الدولــة وعــدم مشــروعية‬ ‫الاتجـاه التدخـل الإنسـاني بأنـه‪ »:‬لجوء شـخص‬
‫التدخــل فــي شــؤونها الداخليــة «‪ ،‬فضــ ًا عــن‬ ‫أو أكثــر مــن أشــخاص القانــون الدولــي إلــى‬
‫أنــه يســتخدم لتحقيــق المصالــح الخاصــة‬ ‫وســائل الإكــراه السياســية أو الاقتصاديــة أو‬
‫للــدول المتدخلــة‪ ،‬ويتعــارض مــع اعتبــارات‬ ‫العسـكرية ضـد الدولـة أو الـدول التـي ينسـب‬
‫حفـظ الأمـن والاسـتقرار الدولييـن ويـؤدى إلـى‬ ‫إليهــا الانتهــاك الجســيم والمتكــرر لحقــوق‬
‫الإنســان بهــدف حملهــا علــى وضــع نهايــة‬
‫نشــر الفوضــى الدوليــة‪.‬‬ ‫لمثــل هــذه الممارســات «‪ ،‬ومــن أنصــار هــذا‬
‫ومـن هنـا يخلـص معارضـو التدخـل الإنسـاني‬ ‫الـرأي « ‪ « Thomas G . Weiss‬الـذي يشـير إلـى‬
‫إلــى التأكيــد علــى وجــود مصالــح خفيــة للدولــة‬ ‫وجـوب عـدم اختـزال التدخـل الدولـي الإنسـاني‬
‫المتدخلــة مســتترة وراء اعتبــارات التدخــل‬
‫الإنسـاني وأن هـذه الفكـرة تتيح الفرصة للدول‬ ‫بالأعمــال الإكراهيــة فقــط‪.‬‬
‫الكبـر ى للجـوء إلـى التفسـيرات والاسـتنتاجات‬ ‫ولــذا‪ ،‬فقــد اختلــف فقهــاء القانــون الدولــي‬
‫غيــر المنطقيــة لمــا يحــدث داخــل الــدول‬ ‫حــول تحديــد مفهــوم واضــح ومحــدد للتدخــل‬
‫الصغــرى باعتبــاره مشــكلة داخليــة تســتوجب‬ ‫الدولـي الإنسـاني‪ :‬فـا يوجـد حتـى الآن تعريـف‬
‫التدخــل الإنســاني‪ .‬وبالتالــي يمكــن أن تقــوم‬ ‫محــدد جامــع مانــع للتدخــل الدولــي الإنســاني‪:‬‬
‫الــدول الكبــر ى صاحبــة المصلحــة بافتعــال‬ ‫ممــا يفتــح البــاب علــى مصراعيــه للكثيــر مــن‬
‫المنازعـات والمشـاحنات فـي دول مجـاورة لهـا‬ ‫التعريفـات والاجتهـادات والتـي تعبـر كل منهـا‬
‫أو بعيـدة عنهـا حتـى تهـيء الظـروف التـي تبـرر‬ ‫عـن رؤيـة خاصـة ولا تعبـر عـن اتفـاق المجتمـع‬
‫لهـا التدخـل أمـام العالـم فـي شـؤون الآخريـن‬
‫باسـم الإنسـانية وحقـوق الإنسـان‪ ،‬وأن الحـق‬ ‫الدولــي علــى إطــار محــدد‪.‬‬
‫فــي التدخــل ليــس مفهومــ ًا مبتكــر ًا‪ ،‬وســواء‬ ‫ويقتضــي الحديــث عــن التدخــل مــن أجــل‬
‫أطلــق عليــه اســم الحــرب العادلــة أو التدخــل‬ ‫الإنســانية التعــرض لمــدى مشــروعية أعمــال‬
‫الإنســاني أو الحــق فــي التدخــل‪ ،‬فــإن ذلــك لا‬ ‫التدخــل ومــدى إمكانيــة اعتبارهــا ســبب ًا مــن‬
‫أســباب الإباحــة التــي يعتــد بهــا‪ :‬حيــث أثــار‬
‫ُيخفــى سياســة هدفهــا العــدوان المقنــع‪.‬‬ ‫التدخـل الدولـي الإنسـاني جـدل ًا مـازال مسـتمر ًا‬
‫وعليــه‪ ،‬يــر ي أصحــاب هــذا الاتجــاه أن‬ ‫بيــن الفقهــاء حتــى الآن‪ :‬ولــذا انقســم الفقــه‬
‫التدخــل الإنســاني يتحــول غالبــ ًا إلــى ذريعــة‬
‫للاحتــال العســكر ي للــدول وتحقيــق مصالــح‬

‫العدد ‪2021 22‬م‬ ‫‪45‬‬