Page 44 - مجلة سلاح الصيانة العدد22
P. 44
التدخل الدولي الانساني وأثره على حماية حقوق الانسان
في ظل المواثيق والاتفاقيات الدولية
د .عبير العبيدي القحطاني
أستاذ القانون المشارك
الدولي
يعـد موضـوع التدخـل الدولـي الإنسـاني مـن الموضوعـات الحيويـة الشـائكة ،والتـي اتخـذت حيـز ًا
هامــ ًا علــى صعيــد المجتمــع الدولــي والعلاقــات الدوليــة :كونــه إجــراء يهــدف إلــى حمايــة حقــوق
الإنســان علــى المســتويين الداخلــي والدولــي ،بالإضافــة إلــى مــا يطرحــه مــن إشــكاليات قانونيــة
وتناقــض واصطــدام بالعديــد مــن المبــادئ والأســس المســتقرة فــي القانــون الدولــي ،والتــي
وردت نصــوص عليهــا صراحــة فــي ميثــاق الأمــم المتحــدة ،كمبــدأ الســيادة ،ومبــدأ عــدم التدخــل
فـي الشـؤون الداخليـة للـدول الأخـر ى ،وحظـر اسـتخدام القـوة فـي العلاقـات الدوليـة المنصـوص
عليهـا فـي المـادة الثانيـة مـن ميثـاق الأمـم المتحـدة فـي فقرتيهـا الرابعـة والسـابعة ،ومـن جهـة
أخـرى فإنـه يمثـل حمايـة لحقـوق الإنسـان مـن التهديـدات والانتهـاكات الجسـيمة التـي قـد تسـتتر
وراء فكـرة السـيادة ومبـدأ عـدم التدخـل ،فهـو سـاح ذو حديـن يؤثـر علـى سـيادة الـدول وحقـوق
الإنســان وحرياتــه إذا مــا تــم اســتخدامه دون مســوغ قانونــي.
الأمـر الـذي يثيـر التسـاؤل عـن مفهـوم التدخـل الدولـي الإنسـاني ،ومـدى مشـروعيته ،وهـل يعـد مـن
قبيـل أعمـال العـدوان الدولـي التـي تسـتوجب المسـاءلة والعقـاب؟ أم أنـه ينـدرج ضمـن أسـباب
الإباحـة التـي تنفـى عـن الفعـل والتدخـل صفـة الجريمـة؟
ولكـي نجيـب عـن التسـاؤل السـابق يتعيـن بدايـة تحديـد مفهـوم التدخـل الدولـي الإنسـاني ،وهـو
ليـس بالأمـر اليسـير :حيـث تعـددت الآراء وتباينـت حـول تعريفـه وتحديـد مفهومـه.
فقــد اشــترط البعــض – لإباحــة أعمــال التدخــل – وجــود رابطــة جنســية أو انتمــاء بيــن الدولــة
المتدخلــة والرعايــا المــراد حمايتهــم ،وذلــك قياســ ًا علــى حــق الحمايــة الدبلوماســية الــذي ســبق
وقررتـه محكمـة العـدل الدوليـة الدائمـة .كمـا يقتصـر البعـض هـذا التدخـل علـى الأمـم المتحـدة
وحدهـا ،بينمـا يذهـب البعـض إلـى إعطـاء هـذا الحـق للـدول أيضـ ًا ،فـي حيـن يذهـب البعـض الآخـر
إلــى أن الشــعب المضطهــد وحــده هــو الــذي يملــك هــذا الحــق.
وقـد نجـد البعـض يقصـر التدخـل الدولـي الإنسـاني علـى الحـالات التـي يتـم فيهـا اسـتخدام القـوة
1443هـ رسالة الصيانة 44