Page 279 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 279

‫‪927‬‬  ‫إف!‬                                                                ‫التا‬  ‫نحلإ ‪ 4‬ا !ب!د‬  ‫‪،00‬‬
                                                                     ‫ا‬

‫لعل هذا العالم الإسلامي العظيم ‪ -‬عباس بن فرناس ‪-‬كان من بين الأسباب الرئيسية‬
   ‫التي دفعتني إلى كتابة هذا الكتاب ! فقصة عباس بن فرناس بالذات تلخص حكاية‬
    ‫الحضارة الإسلامية بمملها‪ ،‬فهذا العالم البربري ظهر في الأندلس منبع الحضارة‬

 ‫الإنسانية ‪ ،‬وكغيره من باقي علماء الإسلام أبدع عباس ابن فرناس في كل شيء‪ ،‬فالذي لا‬
    ‫يعرفه الكثير منا أن ابن فرناس لم يكن أول رائد فضاء في التاريخ فحسب ‪ ،‬بل كان هذا‬
     ‫العالم الإسلامي العبقري شاعرًا مفوَّهًا وفقيهًا ورِعًا وفلكيًا وطبيبًا وصيدليًا ورياضيًا‬
       ‫وكيميائيًا وفيزيائيًا وفيلسوفًا ونحويًا ومخترعًا ! فكان أول إنسان في التاريخ يخترع صناعة‬

  ‫الزجاح من الحجارة والرمل ‪ ،‬واخترع ابن فرناس أيضًا "المنقالة " (آلة لحساب الزمن )‪،‬‬
   ‫واخترع "ذات الحلق " (آلة للرصد الفلكي )‪ ،‬وكان سقف بيت هذا الإنسان العبقري عبارة‬

      ‫عن قبة عجيبة صممها على هيئة السماء بنجومها وغيومها وبروقها ورعودها والشمس‬
   ‫والقمر والكواكب كما ذكر (الزركلي ) وغيره من المؤرخين والمترجمين لحياة عباس بن‬
  ‫فرناس ‪ ،‬ولكن الأهم في قصة عباس بن فرناس أنها قصة تتلخص فيها نظرية "الغزو‬

        ‫التاريخي "‪ ،‬فتاريخ هذا العالم الإسلامي العبقري تعرض للتشويه والتزوير بشكل مخيف‬
                    ‫للغاية ‪ ،‬لدرجة تحول فيها هذا العالم الإسلامي العظيم إلى مجرد رجل مجنون !‬

    ‫وبغض النظر عن تلك التجربة الرائدة في عالم الطيران ‪ ،‬وبغض النظًر عن أن عباس بن‬
     ‫فرناس نجح بالطيران وحلق في سماء قرطبة قبل أن يهبط على الأرض من دون أن يموت‬

    ‫(على عكس ما تعلمناه في مدارسنا)‪ ،‬فإني في الحقيقة أشفق على أمثال أولئك الشباب‬

   ‫المهزومين داخليًا‪ ،‬والذين فقدوا احترامهم لأنفسهم قبل أن يفقدوه من الاَخرين ‪ ،‬إلا أنني لا‬
      ‫أضع كل اللوم على أولئك المساكين ‪ ،‬بل أضعه على عاتق علمائنا الذين أهملوا الجانب‬

   ‫التاريخي للحضارة الإسلامية ‪ ،‬ولذلك فإننا سنحاول من خلال ذكر قصة بطلنا الإسلامي‬
    ‫القادم أن نبين عظم الخديعة الكبرى التي نعيشها أنا وأنت ‪ ،‬ومدى التزييف التاريخي الفظيع‬

                    ‫الذي لحق بتاريخ البشرية بشكل عام ‪ ،‬قبل أن يلحق بتاريخ الإسلام بشكل خاص !‬
   ‫فإذا كنت تعتقد أن (كريستوفر كولومبوس ) هو الذي اكتشف أمريًكا‪ ،‬فما عليك إلا‬
  ‫أن تنزل من طائرة ابن عباس التي طرنا جها إليه ‪ ،‬لتستقل هذه المرة سفينة التاريخ‬
   ‫الإسلامية ‪ ،‬لنبحر بها سويةً إلى بحر "مرمرة " نحو تركيا‪ ،‬فنرسوا هناك في ميناء مدينةٍ تركيةٍ‬

                                                                                              ‫يقال إغاليبولي " حيث وُلد عظيمنا القادم !‬

                                                                                                                                                                                                                                                                    ‫يتنع ‪000005 . .‬‬
   274   275   276   277   278   279   280   281   282   283   284