Page 49 - aslamiat thalith
P. 49
وأن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻﻳﻐﻔﺮ ذﻧﺐ اﻟﻐﻴﺒﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ اﻟﻤﺴﺘﻐﺎب.وﻫﻜﺬا ﻛﻞ
ﻓﻌﻞ ﻣﺤﺮم ﻟﻮ ﻧﻈﺮﻧﺎ ﻓﻲ آﺛــﺎرﻩ ﻷدرﻛﻨﺎ ﻋﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﻢ ﻓﺤﻴﻦ ﻳﻨﻬﺎﻧﺎ اﻟﺒﺎري
ﻋ ّﺰ وﺟ ّﻞ ﻋﻦ اﻹﺳﺮاف واﻟﺘﺒﺬﻳﺮ ﻓﻲ ﻛ ﱢﻞ ﺷﻲء ،ﻛﺎﻟﻤﻴﺎﻩ ﻣﺜﻼ ﻻﺑ ﱠﺪ ﻣﻦ أن
ﻳﻜﻮن ذﻟﻚ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﺎﻟﻤﺎء ﺳ ّﺮ اﻟﻮﺟﻮد ﻟﻺﻧﺴﺎن واﻟﺤﻴﻮان واﻟﺜﻤﺮ
واﻟﺸﺠﺮ ،وﻣﻦ ﻣﻨﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻨﻪ ،وﻳﺎﻟﻸﺳﻒ ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻌﺎﻣﻞ ﻧﻌﻢ
اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻦ ﻣﺎء وﻃﻌﺎم ﺑﻔﻮﺿﻮﻳﺔ وﻋﺪم ﻣﺒﺎﻻة وﺗﺒﺬﻳﺮ ،ﻓﻲ وﻗﺖ ﻳﻜﻮن ﻫﻨﺎك
أﻧﺎس ﺑﺄﻣﺲ اﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﻨﻌﻢ وﻗﺪ ﻳﺪﻓﻌﻮن ﺛﻤﻦ ﺗﺒﺬﻳﺮﻧﺎ
ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ وﺟﻮﻋﻬﻢ وﻋﻄﺸﻬﻢ ،ﻓﻠﻮ ﻛﻨﺎ ﻣﻜﺎن َﻣ ْﻦ ﺷﺤﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﻨﻌﻢ ﻷ ّﻧﺒﻨﺎ
ﻛﺜﻴﺮا َﻣﻦ ُﻳﺴﺮف وﻳﺒﺬر ﻓﻴﻬﺎ .
اذن ،ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻬﻤﺔ أﻧﻨﺎ ﻳﺠﺐ ﻗﺒﻞ اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺄي ﻓﻌﻞ ﻻﺑ ّﺪ ﻋﻠﻴﻨﺎ
ﻣﻦ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺂﺛﺎرﻩ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ واﻵﺧﺮﻳﻦ ،ﻓﺈن ﻛﺎن ﻓﻴﻪ ﺿﺮر وأذى ﻓﻬﻮ ﺣﺮام،
وﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻳﻌﻠﻢ أن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻏﻨﻲ ﻋﻨﺎ ،واﻧﻤﺎ ﺣ ﱠﺮم ﻋﻠﻴﻨﺎ أﻣﻮر ًا ﻷن ﻓﻌﻠﻬﺎ ﻳﺆذي
اﻵﺧﺮﻳﻦ أو اﻟﻨﻔﺲ ،وﻣﻦ ﻳﺆذي اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﻦ ُﻳﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﻋﻘﺎب اﷲ وﻋﻘﺎب
اﻟﻘﺎﻧﻮن ،وإذا ﺳﺎدت اﻟﻔﻮﺿﻰ وﻋـﺪم اﺣﺘـﺮام اﻷﺣﻜﺎم واﻟﺤﻘﻮق ﺗﺤﻮﻟﺖ
اﻟﺤﻴﺎة إﻟﻰ ﻏﺎﺑﺔ ﻳﺼﻌﺐ اﻟﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ .
ﻓﻴﺎ أوﻻدﻧﺎ اﻷﺣﺒﺔ ،ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﻴﺎة ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﺎﻣﻞ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻛﻤﺎ ﻧﺮﻳﺪ
ﻣﻨﻬﻢ أن ﻳﻌﺎﻣﻠﻮﻧﺎ ﻓﺎﻟﺪﻳﻦ اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ .
وﻛﻤﺎ ﺣ ﱠﺮم اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻣﻮر ًا ﻓﻠﻘﺪ أﺑﺎح ﻟﻨﺎ أﻓﻌﺎ ًﻻ ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺎداﻣﺖ ﻻﺗﺘﻀﻤﻦ
ﺿﺮر َا ،ﻓﺄﺣ ّﻞ ﻟﻨﺎ أﻛﻞ اﻟﻄﻴﺒﺎت ﻣﻦ اﻟﻄﻌﺎم ﻣﻦ دون إﺳﺮاف ﻓﺘﻨﺎول اﻟﻄﻌﺎم
واﻟﺸﺮاب ﻣﻦ دون إﺳﺮاف وﺗﺒﺬﻳﺮ ﻣﺒﺎح وﺣﻼل ﻟﻜﻦ ﻟﻮﻛﺎن ذﻟﻚ اﻟﺘﻨﺎول
ﺑﺈﺳﺮاف وﺗﺒﺬﻳﺮ ،ﺻﺎر ﻓﻌـ ًﻼ ﻣﻜﺮوﻫ ًﺎ وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻣﺤﺮﻣ ًﺎ ﻷﻧﻪ ﻳﺆذي اﻟﻨﻔﺲ
ﻓ ُﻴﺨ ِﻠﻒ أﻣﺮاﺿﺎ ﻋﻀﻮﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺼﻠﺐ اﻟﺸﺮاﻳﻴﻦ وأﻣﺮاض اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺴﻜﺮ
واﻟﺴﻤﻨﺔ ،ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺴﻮ اﻟﻘﻠﺐ ﻷﻧﻚ ﺣﻴﻦ ُﺗﺴﺮف وﺗﺒﺬر ﻻﺗﺸﻌﺮ ﺑﺠﻮع
اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ وﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻬﻢ ،ﻓﻠﻮ دﻓﻊ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻣﺎزاد ﻋﻠﻰ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم وﺷﺮاب
وﻣﻠﺒﺲ إﻟﻰ ﻣﻦ ﺑﻪ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﺸﻌﺮ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎدة واﻟﺮاﺣﺔ ،وﻫﻨﺎ ﻧﻮرد ﻟﻜﻢ
ﻗﺼﺔ رﺟﻞ ﺣﻜﻴﻢ ﻣ ّﺮ ﺑﺮﺟﻠﻴﻦ وﻛﺎﻧﺎ ﻳﺸﻌﺮان ﺑﺄﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺒـﻄﻦ ﻓﺴـــــﺄل اﻷول
اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺒﺪو ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺜﺮاء ﻋﻦ ﺳﺒﺐ أﻟﻤﻪ ،ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ أﻧﻪ أﻛﻞ ﻛﺜﻴﺮا
٤٨