Page 122 - m
P. 122
العـدد 58 120
أكتوبر ٢٠٢3
هو الحبيب ،وهو الموت أي ًضا حين تقول «سيكون في ذاتها لتخرج من هذه الذات المغايرة لغة تعبر
على امرأة /تعشق الشعر /ويعشقها الموت أن عنها؟ هل من المعقول أن تستمر في السير في ركابه
تختبئ /لن يتركها الموت هكذا ترافق غيره /تفك والمشي خلفه؛ أم أنها قادرة الآن على صناعة لغة
ضفائرها فوق كتفه كل ليلة وتنام /لتنجب في خاصة بها بعد معرفتها (أنهم الخديعة الكبرى)؟
هل تسجل الآن اختلافها؟ هل تسجل فعل المغايرة
الصباح قصيدة /مكتملة الأنوثة /قصيدة أبوها من خلال لغتها دون المرور على لغته ،والحديث
الشعر /وأمها امرأة» (ص.)8 -7
باستخدام ضمائره؟
لن يتركها الموت ترافق غيره ،وبالمثل -لو أردنا- تبدأ الشاعرة ديوانها الذي بين أيدينا ،وفي نصها
لن يتركها رفيق حياتها أن ترافق غيره ،وبالمثل لن الأول تجمع ثلاثية مهمة :ذاتها الشاعرة ونصها/
مولودها التي أنجبت دون اقتران بقرينها على الرغم
يتركها الشعر ترافق غيره ،كل هذا حدث في ليلة من وجود علاقة جدلية معه لا يمكن أن تنتهي إلا
إبداعية تدرك هي أبعادها ،وتعلم دواخلها جي ًدا بنهاية الحياة ،هنا نجد خي ًطا بين الحياة الجدلية
لأنها من جنت ثمرتها ،لكن هذا الفيض الليلي تطلع هذه وبين الموت ،هذا الخيط لم يكن مصادفة ولم
عليه الشمس فيمحوه واقع النهار وحرارته ،حين يكن وجوده بهذا الشكل اعتبا ًطا ،حتى يكون الموت
تعود للواقع ،تغير نبرة حديثها عن الشعر والحبيب حاض ًرا بهذا الشكل بينها وبين نصوصها ،وبينها
والموت ،الموت ذاك المارد الذي لا يقاوم ،وكذلك وبين شريك يقاسمها الألم؛ بل ربما في كثير من
الرجل ينحو نحوه ،أما الشعر فلا يحب مغايرة هذا الأحيان يكون هو الألم نفسه الذي يقيم بين جنبات
الصنيع ،لتثبت أن حديثها السابق بطولات زائفة
«وندعي بطولات زائفة /حين نتحدث عن الموت نصها.
في كثير من نصوص الديوان تقف الشاعرة كثي ًرا
كصديق حميم» ص.22 لتصف علاقتها بالرجل /الحبيب ،الحاضر بعلاقاته
في هذا الاعتراف الأمومي لمخاض قصيدة تحمل الجدلية تلك والتي تقاسم علاقتها بنصوصها أي ًضا
بل والمحرك لكثير من النصوص ،كما أن العلاقة
طقوسها بين جوانحها ،لا تأتيها اعتبا ًطا دون بين النص ومنتجه ،وبين النص ومتلقيه فرضت
ألم المخاض ومتاعبه ،بل تأخذ وقتها الكافي حتى وجود ثالث مع الشعر والحبيب هو الموت ،الموت
هنا ربما يكون الحبيب ذاته الذي تفك له ضفائرها
تلامس الحياة ،فتكون السعادة الكاملة للأم فوق كتفه كل ليلة وتنام .إن الموت /الحقيقة أكثر
حين ترى وليدها تدب فيه الروح ،الشاعرة تنظر مخلوقات الله عدالة بين الناس لا يستثني أح ًدا ،هي
كما تعشق الشعر ،لا تنسي أن هناك من يعشقها
لقصائدها فتجد الميراث الروحي بينها وبينهن بضراوة أكثر من عشقها هي للشعر ،الشعر ينساها
وبين بناتها القصائد ،هن يشبهنها ،يشبهن كثي ًرا أما الموت فلا ينسي أح ًدا ،هي على يقين أن
حياتها لدرجة أن المتلصصين والمتطفلين يبحثون الموت لن يتركها تعشق غيره ،هو الحبيب إ ًذا لا
عن أوجه الشبه هذه في حياتها الخاصة ،حين محالة ،هو يتركها تتمرد عليه ،تحاول أن تغويه
تتحدث عن سيدة مقهورة ،إذن هي نفسها هذه الغواية الكاملة ،تصنع من أنوثتها أمامه وفي معيته
السيدة المقهورة ،وحين تتحدث في قصيدة عن
فشل صاحبتها في تجربتها الغرامية إذن هي إبداعها المنتظر ،قصائدها مكتملة الأنوثة ،هنا
تفك ضفائرها كل ليلة وتنام ،تصاحبه مصاحبة
ذاتها نفس الصاحبة ،وهي ذاتها صاحبة التجربة الأزواج ،ينتج عن هذه المضاجعة الإبداعية أسرع
الغرامية الفاشلة «قررت اليوم /أن أنشر قصيدة
استثنائية /قصيدة تشبهني /سيبحث المتطفلون ولادة حين تجد نفسها وقد أنجبت في الصباح
في كل سطر فيها عني /سيحاولون إسقاط ما ورد قصيدتها تلك التي هي علي يقين تام من بنوتها لها،
فيها /على حياتي الخاصة» (ص .)63لم يكن لها
إلا المواجهة ،مواجهة هؤلاء المتلصصين بطريقتها دون أن تغفل أن تصنع لها أ ًبا شرعيًّا هو الشعر،
الشاعرية ذاتها .إن مواجهة الذات للموت /للشعر/
للحبيب ،هنا مواجهة شاعر فنان يحول الرصاص
إلى الموسيقي ليرقص على أنغامها ،الفن لا يبادل