Page 123 - m
P. 123
الاعتراف الأمومي لمخاض قصيدة الرصاص بالرصاص؛ ولا يبادل الألم
تحمل طقوسها بين جوانحها ،لا بغير صناعة الأمل ،يبادله بالموسيقي
تأتيها اعتبا ًطا دون ألم المخاض والكتابة وصناعة الجمال ،تقول في النص
ومتاعبه ،بل تأخذ وقتها الكافي «سأتخيلها موسيقي /رصاصاتكم التي
حتى تلامس الحياة ،فتكون السعادة تصوبونها نحوي /لذا لا تندهشوا إذا
الكاملة للأم حين ترى وليدها تدب
فيه الروح ،الشاعرة تنظر لقصائدها رأيتموني أرقص» (ص.)30
فتجد الميراث الروحي بينها وبينهن هذه البنوة جعلت (أنا) الشاعرة دائ ًما
وبين بناتها القصائد ،هن يشبهنها، ما تربط بين ذاتها وبين قصائدها التي
يشبهن حياتها لدرجة أن المتلصصين أنجبت ،على الرغم من أنها لم تنجب بنا ًتا،
والمتطفلين يبحثون عن أوجه الشبه
ولم يكن لها حليب بديل غير الخيال
هذه في حياتها الخاصة. سقيًا لهن ،تقول «أنا أم البنات /رغم
أنني لم أنجب بنتًا /..قصائدي بناتي/
غير صاحبه إذا اهتم! ولم يعاود طبع ما كتب، عكفت أرضعهن حليب خيالي /حتى
فينتهي به الأمر إلى غياهب النسيان؟ الشعر لا كبرن في حضني» (ص .)11ثم تذهب في
يبني بيتًا ،ولا يدفع فواتير الماء ،ولا الكهرباء ولا نص آخر مذهبًا تؤكد فيه ما ذهبت إليه
الغاز لا يشتري طعا ًما ،ولا يسقي ما ًء ،الشعر لا ساب ًقا من تأكيد هذه الصلة ،صلة البنوة
يفتح بيتًا بتعبير العامة ،هنا تيقنت أن رهانها على بينها وبين ما أنجبت من نصوص وما
الشعر كان خاس ًرا ،تقول في النص التاسع «راهنت وضعت من قصائد ،لكن هذه المرة تريد
على الشعر /وقلت إنه حصاني الرابح /وأنا الآن لقصيدتها ألا تكون هشة ضعيفة ،غير
أقف في السوق /بقفة على رأسي /تتزاحم داخلها قادرة على المواجهة ،بل تعلمها كما تعلم
قصائدي -بنات قلبي -أدلل عليها وأعرضها على وليدها أن تصلب عودها ،وأن تكون قادرة
على التحمل والمقاومة ،وليس أفضل من أن تقذف
المارة /مبتلة بملح عيني» (ص.)27 بها للشارع لكي تواجه ما تري «وأنا ما زلت أم
«لو كان للموت حبيبة مثلك /يا ربة الحب البنات /أحلم بإنجاب قصيدة جديدة /سأرمي بها
والشعر والموسيقي /حبيبة تعطر فراشه كل ليلة هذه المرة للشارع /حتى تدهسها أقدام الناس/
بأشواقها /وتنتظره وهي تعلم /أنه سيأتيها بيدين فتعود إلى شاعرة بلا بنات!» (ص.)20
ملطختين بالتوسلات /وقدمين مثقلتين باللعنات» في النص السابع يأتي الشعر لكي يكون معاد ًل
للحبيب كما كان كلاهما يعادلان الموت ،جاء حزينًا
(ص.)49 باكيًا لم ي ِف بعهده ،ولم يكن على قدر المسؤولية
في حوارها مع الرجل تحكي عن مأساتها ،علاقتها التي وضعتها في رقبته ،والثقة التي منحتها
إياه ،حين خذلها ،هي من آمنت بالحب ،والشعر،
بالسلطة الذكورية تلك التي كانت دائ ًما ما تشي والنهايات السعيدة «ربتوا على الشعر /كفكفوا
بالعلاقة غير الصحية بينها وبينه ،بين الرجل دمعه /أخرجوه من كهوف الموت /..لأنه خذل
امرأة كانت تؤمن بالنهايات السعيدة» ص.)23
الشعر في هذا الزمان لا سوق له كما كانت تضرب
له الأسواق ،وتحتفل القبيلة بميلاد شاعر ،راوي
بطولاتها ،ولسان حالها ،وقناتها الإعلامية التي
تجوب الفضاء فيروي الناس عنه ما أنشد ،أما
الآن فمن يقرأ الشعر؟ ومن يهتم بروايته وتكراره،