Page 128 - m
P. 128
العـدد 58 126
أكتوبر ٢٠٢3
وحساسيته ،فض ًل عن الاقتصاد في ممارسة
الأساليب التعبيرية كما نجد في عدد من
النصوص« :ظللت أغلق كل باب /تأتيني منه
الريح /لماذا لم أترك لها با ًبا واح ًدا /تدخل منه
في لحظة مثل هذه /أولى كل شيء فيها ظهره؟».
وكان المولونوج هو التقنية الأساسية التي
ساعدت الذات الشاعرة على التوغل إلى المستوى
النفسي الداخلي كي تصور ما يموج به هذا
العالم من اضطرابات وانفعالات وأفكار وحيرة،
وحينئذ تقوم بالتعبير عن بعض الأفكار العميقة
ودوافعها الكامنة ،فتخرجها إلى الوجود الفعلي
باعتبار المونولوج من أهم وسائل تيار الوعي
وأخصها« :لماذا لم يكن قلبي خشنًا /تحتك به
أظافركم /وألسنتكم /وقراراتكم /فيدميها
كلها /ويببقى هو ضاح ًكا /لا تخمش عينيه
دمعة /ولا صرخة تلوث انسياب الشغف على
صدره المبتل».
يمكن القول بأن توظيف بنية السؤال يعد
ملم ًحا واض ًحا في المجموعة ،سواء بهدف إدارة
السرد وطرح التساؤلات وليس الحوار ،أو
بهدف التمهيد لانبثاق الصراعات ومن ثم نموها
وتطورها ،دون محاولة طرح حلول مباشرة
والاكتفاء بالتحريض.
إلى جانب ذلك ،نجد أن تعدد الأصوات والحوار
المروي وسيلة الشاعرة للتعبير عن تعدد
الأبعاد الفنية والشعورية المختلفة لرؤيتها
الشعرية ،في محاولة لإضفاء لون من الدرامية
على رؤيتها ،وظهر هذا في صورة أشخاص
تتصارع وتتحاور ،ومن خلال تصارعها ينمو
بناء القصيدة وتبرز دراميتها .ومن الممكن
تقسيم تعدد الأصوات والشخصيات إلى انقسام
صوت الشاعرة إلى صوتين ،وتعدد الأصوات
والضمائر« :أصوات متداخلة /أمي تذمرت/:
«لو لم ترتدي هذا البنطال الضيق» /زوجي
لم يوافقها الرأي /لا بأس بالبنطال /لكنها لم
تضبط الملح في الحساء قبل صعودها» /أخي
كان يتلفت حوله بحرج /ويتوعدني /لم يرقه
أن يتطاير حجابي /وأنا معلقة في الهواء/
ليكشف عن عنقي /مثي ًرا شهوانية صديقه