Page 126 - m
P. 126
العـدد 58 124
أكتوبر ٢٠٢3 د.ناهد راحيل
«تماما كما أفعل الآن»
وشعرية الخاطرة اليومية
يرتبط الملمح «الخاطراتي» بفضاء تأملي تنزع قدم سيد قطب تعري ًفا للخاطرة يجعلها في
فيه الذات الكاتبة إلى جوهر ذاتها بعي ًدا عن
مرتبة قصيدة النثر التي نعرفها اليوم ،فهو
النظريات والمناهج والمصطلحات والمفاهيم ،في يؤكد بأن الخاطرة تتسم بما تتسم به القصيدة
خلوة ذاتية مق َّدسة ،يكون الاحتكام فيها -كما
الغنائية من كونها تعبي ًرا يصاغ «في صورة
حدد محمد صابر عبيد -للوجدان في حالة موحية عن تجربة شعورية ،بلغت من الامتياز
صفائه الكامل والعاطفة في حالة وضوحها
الكامل ،حيث يتمخض ذلك عن لغة مرهفة ح ًّدا خا ًّصا ،والشاعر في هذه الحالة لا يفعل
وجدانية وعاطفية ح َّساسة ،تتمتع بأقصى أكثر من الانسياب مع أحاسيسه وانفعالاته
درجات الحرية وتخرج عن أية ضوابط يمكن أن بهذه التجربة المعينة ،وتجميع المشاعر المتناثرة
تح َّد من بهجة الحرية وفرحها في هذه الممارسة حول هذه التجربة ،والاهتداء إلى الصور اللفظية
التي تتفق بإيقاعها وظلالها ومعانيها مع الجو
الخلاقة.
عادة ما تكون الخاطرة الذاتية موجزة البينة الشعوري الذي يخالجه» .ويرى عز الدين
ومكثَّفة المعنى وإيحائية التعبير ،توظف آليَّة إسماعيل أن الخاطرة «هي لمحة يحتاج كاتبها
المونولوج الداخلي والمحاورة الفردية للذات،
وتكشف عن أبعاد سيرذاتية واضحة الفرادة الذكاء ،وقوة الملاحظة ،ويقظة الوجدان».
والاستثنائية ،وهي في هذا الشأن تتشابه مع وتستدعي الخاطرة البعد الذاتي التأملي في
التعبير عن حالة إنسانية شديدة الخصوصية
للذات الشاعرة في ظرف نفسي معيَّن ،وغالبًا ما