Page 211 - m
P. 211
209 الملف الثقـافي
فكتور هوجو فرانز فانون أنطونيو جرامشي وبالرغم من أن دراستنا
ليست تاريخية ،ولا ترصد
على وجه الخصوص هو نحقق أغراضه ونردد أقواله تطو ًرا زمنيًّا معينًا يمكن أن
الذي يحفظ الهوية والوجود ومفاهيمه وثقافته دون وعي ُيستخلص منه نتيجة ما ،إلا
أننا هنا في تناولنا لإسهام
ويحدد المصير. كالببغاء.
وإذا أردنا أن نمضي مع إدوارد سعيد في الكتابة
سعيد في منهجه لدراسة مفهوم الاستشراق عند حول الاستعمار ،إنما نعتبر
الاستشراق ،الذي هو واحد إدوارد سعيد: أنفسنا قد وصلنا إلى ذروة
من أهم الأدوات الاستعمارية التطور المنهجي في هذا النوع
لفرض هيمنة الغرب على في الحقيقة أن إدوارد سعيد من الكتابات .ذلك أن سعيد
الشرق ،فسنلاحظ أن سعيد قد وضع مقدمة ضافية قد انطلق من خلفيات ثقافية
يستهل مقدمته بمحاولة يمكن أن تغطي تما ًما هذا
لرصد وتحديد الصورة ومنهجية مسبقة ارتبطت
الذهنية للشرق في الوعي المسعى المنهجي من جانبنا، بعمله الأكاديمي وتخصصه
الأوروبي والأمريكي .وهي ومن جانب أي باحث يود
خطوة منهجية بامتياز لأنها الدقيق في الأدب المقارن،
ستكون نقطة الانطلاق أن يقف على حقيقة المعضلة واطلاعه على مدارس النقد
للتحديد الدقيق لما ُيعرف المنهجية التي غابت عن
بـ»الشرق» .والملاحظة النيِّرة المختلفة وإسهامه المتميز
التي يلتقطها سعيد هي أن المفكرين الإسلاميين طوي ًل في هذا المجال .لذلك أتى
مفهوم «الشرق» أو صورته تحت تأثير العاطفة الدينية كتابه «الاستشراق :المفاهيم
تختلف لدى الأوروبيين المشبوبة والغيرة الشديدة الغربية للشرق» كواحد من
(الذين يمثلون الاستعمار أهم الدراسات ذات الريادة
على الدين ،وهي مسألة في حقل «الدراسات ما بعد
مشروعة لا يجوز المصادرة
الاستعمارية».
عليها ،لأن الدين بالنسبة لهذه الأسباب سيكون
للعربي عمو ًما وللمسلم تركيزنا في هذا المقال على
قضايا وإشكاليات المنهج
الذي استخدمه سعيد في هذا
الكتاب ،لنرى إلى أي مدى
يمكن الاستفادة من المنجزات
المنهجية والنظرية الغربية في
دراسة الغرب نفسه ،وكيف
أن الإنسان العربي والمسلم
يمكنه أن يجمع بين العاطفة
الدينية من ناحية وبين
العقلية العلمية المنهجية من
ناحية أخرى ،دون أن يكون
ذلك –بالضرورة -تخليًا
عن الأصول وعن الهوية
والذوبان في الآخر ،أو العمل
كسخرة تحت إمرته بحيث