Page 210 - m
P. 210
العـدد 58 208
أكتوبر ٢٠٢3 د.ماهر عبد
المحسن
الفلسطيني إدوارد سعيد في لما كان للاستعمار تاريخ منهجية البحث الاستشراقي
السبعينيات ،إلا أن الجهود عند إدوارد سعيد
طويل ،وآثار بعيدة المدى،
الفكرية العربية حول فإن البلدان والمجتمعات
الاستعمار بدأت قبل ذلك،
ربما مع بداية القرن وحركة التي كانت واقعة تحت نير
الإصلاح الديني التي قامت الاحتلال لم تقف مكتوفة
على أكتاف الأفغاني ومحمد
الأيدي ،وإنما عملت –
عبده ،ولم تتوقف حتى دائ ًما -على التحرر من ذلك
الآن .غير أن هذه الجهود
كانت -في أغلبها -تتسم الكابوس على المستويين
بالنزعة الدينية الإسلامية، العسكري والفكري .وفي
خاصة بعد سقوط الخلافة هذا الأخير ظهرت الكثير من
الدراسات الناقدة والمحللة
الإسلامية في تركيا عام للاستعمار ،حتى تأسس
،1924وبات الإسلام في -في السنوات الأخيرة -ما
خطر محدق .ولأن هذه ُيعرف بالدراسات ما بعد
الكتابات كانت نابعة من الكولونيالية ،وهي دراسات
العاطفة الدينية بالأساس ُتعني بإعادة كتابة التاريخ
فقد غلب عليها اللغة الأدبية والثقافة من وجهة نظر
والشواهد التاريخية دون البلاد التي كانت محتلة،
اهتمام كبير بالمنهج ،بنحو بحيث تملك الحق والحرية في
ما تبدى في كتابات أنور التعبير عن نفسها بمعزل عن
الجندي خاصة في «الإسلام الصندوق الأسود الذي ظلت
البلدان الأوروبية المستعمرة
والاستعمار» و»العالم
الإسلامي والاستعمار محتفظة به ومحتكرة
السياسي والاجتماعي لأسراره ،وهي في الحقيقة
والثقافي» ومحمد الغزالي في
«الاستعمار أحقاد وأطماع». ليست أسرا ًرا معبِّرة عن
وفي المقابل نجد كتابات حقائق بقدر ما هي ميراث
أخرى عربية تغلب عليها
النزعة الأكاديمية المنهجية وهمي ضخم من الحيل
التي ُتعني بتحديد المفاهيم والأكاذيب.
والاستشهاد بالنصوص،
لعل أبرزها ما كتبه مالك بن الدراسات العربية ما
نبي في «شروط النهضة»، بعد الاستعمارية:
وما كتبه إدوارد سعيد من
دراسات ناقدة حول مفهوم بالرغم من أن بداية
الاستشراق وآليات اشتغاله الدراسات ما بعد
في كتابيه «الاستشراق»
و»تعقيبات على الاستشراق». الاستعمارية يؤرخ لها دائ ًما
بكتابات المفكر الفرنسي
فرانز فانون في الخمسينيات
والستينيات من القرن
الماضي ،وكتابات المفكر