Page 190 - m
P. 190

‫العـدد ‪57‬‬                           ‫‪188‬‬

                                ‫سبتمبر ‪٢٠٢3‬‬                     ‫الذي يشابه المغامرات التي‬
                                                                ‫يحكيها الأجداد في لحظات‬
   ‫فان مسرحيته كانت حد ًثا‬          ‫بالمساحيق تثقله الألوان‪.‬‬  ‫ما قبل النوم للأطفال‪ ،‬فيكمل‬
‫فري ًدا جاء بنتائج تتعدى ذلك‬     ‫وضع جاري ملاحظاته على‬          ‫الطفل صورة هذا العالم في‬

  ‫بغرابتها‪ .‬فقد دافع عنها في‬       ‫طاولة على الخشبة مغطاة‬                      ‫أحلامه(‪.)6‬‬
 ‫«لاروفي بلانش» عدد كانون‬       ‫بخيش قديم‪ ،‬وأخذ يتكلم لمدة‬      ‫ومع هذا لا بد من أن نذكر‬
                                 ‫عشر دقائق بصوت حيادي‪،‬‬         ‫أن جاري كتب «أوبو مل ًكا»‬
      ‫الثاني ‪ 1897‬من خلال‬                                     ‫حين كان في الخامسة عشرة‬
    ‫تأكيده بأن المبرر الوحيد‬       ‫ثم اعتذر عن الأوركسترا‬       ‫من عمره‪ ،‬منطل ًقا فيها من‬
 ‫لمسرحية ما هو تقديم شيء‬           ‫التي قال إنها ستتألف من‬
     ‫ما على الخشبة لا يمكن‬                                         ‫شخصية استاذ فيزياء‬
   ‫قراءته في كتاب‪ .‬وبالنسبة‬          ‫المترددة (آلة موسيقية)‬     ‫كان يد ِّرسه في مدينة رين‪.‬‬
 ‫له كانت الخشبة مرآة عليها‬          ‫وآلة نقر‪ .‬وبعد ذلك ألمح‬    ‫والمسرحية كتبت أص ًل كي‬
   ‫أن تشوه الشخصيات على‬         ‫بجمل متقطعة إلى ما سيأتي‪،‬‬      ‫تمثل على مسرح الدمى‪ .‬ثم‬
                                   ‫وأخي ًرا تقدم جيمييه الذي‬   ‫بعد سنوات عدة قدمت على‬
      ‫قدر ما فيها من عيوب‪،‬‬          ‫كان يقوم بدور أوبو إلى‬
   ‫تما ًما مثلما تشوه الأقنعة‬   ‫مقدمة الخشبة أمام الجمهور‬         ‫الخشبة واتخذت حياتها‬
  ‫القسمات‪ .‬كان أوبو مهر ًجا‬       ‫ونطق الكلمة الأولى الخالدة‬                    ‫الخاصة‪.‬‬
     ‫أريد منه أن يظهر غباءه‬      ‫من حوار المسرحية الفاحش‬
‫المقرون بالثقة الكاملة بجهله‪،‬‬    ‫على طريقة رابليه‪ :‬مستخدما‬          ‫كان العرض الأساسي‬
‫وأن يبين الشراهة والشراسة‬       ‫لفظ ‪ merdre‬مع اضافة «‪»R‬‬             ‫المسرحية «أوبو ملكا»‬
‫والجشع والخشونة والجبن‪.‬‬            ‫إلى الأصل الفرنسي الذي‬         ‫مناسبة خاصة ج ًّدا‪ ،‬فقد‬
    ‫إلا أن الجدل الذي سببته‬         ‫يعني (خراء) وقد تسبب‬          ‫عرضت في مسرح يكتظ‬
 ‫المسرحية استمر طوي ًل‪ ،‬فقد‬       ‫ذلك بصخب استمر خمس‬              ‫بأصدقاء جاري وبعض‬
 ‫اعتبرها فوكييه في الفيجارو‬      ‫عشرة دقيقة وخروج العديد‬          ‫النقاد الطليعيين المبدعين‬
  ‫مملة «تجسد سقوط طاغية‬          ‫من المتفرجين من المسرح في‬
    ‫رمزي يدعى الملك أوبو»‪،‬‬      ‫تلك اللحظة‪ .‬وقد تكررت هذه‬             ‫والعديد ممن جاؤوا‬
                                ‫الكلمة أكثر من ثلاث وثلاثين‬         ‫وهم يتوقعون أن يروا‬
      ‫واعتبرها رومان كولو‬          ‫مرة خلال المسرحية‪ ،‬وفي‬         ‫فضائحهم‪ .‬ومنذ البداية‬
‫«أمسية تاريخية‪LAFOLLE :‬‬           ‫كل مرة كانت تتبعها ضجة‬       ‫انقسم المشاهدون إلى فئتين‬
‫يا للعجب! سهرة ما جنة غير‬           ‫أكبر يختلط فيها الغضب‬       ‫متنافستين إحداهما تساند‬
 ‫عادية»‪ .‬وفي الحديث اليومي‬          ‫والضحك‪ .‬وعلى كل حال‬         ‫أوبو ويقودها هنري باوير‬
                                   ‫استطاع جيمييه أن يغطي‬       ‫في جريدة «ليكو» والأخرى‬
      ‫أصبح أوبو رمز الغباء‬      ‫على هذه الضجة بصوته‪ .‬وفي‬        ‫ضده بقيادة هنري فوكييه‬
 ‫البرجوازي في كل مجال من‬         ‫النهاية كان لأدائه الكوميدي‬      ‫في الفيجارو‪ .‬لقد صفقت‬
                                ‫الجميل القدرة على شد انتباه‬      ‫المجموعة الأولى متفاخرة‬
    ‫الفن حتى السياسة‪ ،‬كما‬         ‫أولئك الذين ظلوا جالسين‪.‬‬    ‫مما جعل الآخرين يصرخون‬
‫بدت في سخريتها من الحرب‬              ‫وهكذا وصل بعض تلك‬             ‫بحقد ويقفزون واقفين‬
 ‫وكأنها تتنبأ بأحداث الحرب‬       ‫الروح الهجائية في المسرحية‬
                                                                               ‫احتجا ًجا‪.‬‬
      ‫العالمية الأولى اللاحقة‪.‬‬                 ‫إلى الجمهور‪.‬‬    ‫المؤلف نفسه قدم المسرحية‬
  ‫«رائحة أوبو في كل مكان»‪.‬‬        ‫ومع أنه يصعب القول بأن‬       ‫وهو يرتدي بذلة فضفاضة‬
 ‫وبعد ذلك صار جاري يوقع‬                                       ‫ويلف رقبته بوشاح حريري‬
                                     ‫جاري كان يهتم بوضع‬
     ‫رسائله باسم الأب أوبو‬          ‫أسس للمسرح المستقبلي‬            ‫شفاف ووجهه مبيض‬
    ‫ويستخدم الصيغة الملكية‬

                    ‫(نحن)‪.‬‬
     ‫يقول روجر شاتوك في‬
   185   186   187   188   189   190   191   192   193   194   195