Page 293 - m
P. 293

‫‪291‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫نقد النقد‬

‫والذي أعلن عن تبنيه للاشتراكية‬            ‫الخارجية والعراقيل الداخلية‬   ‫والنسخ المباشر‪ ،‬مع تغليب آليات‬
  ‫العالمية‪ ،‬وعلى المستوى الفكري‬          ‫إلا أوضا ًعا خدمت فقط طبقة‬     ‫القراءة الإيديولوجية الإسقاطية‪،‬‬
  ‫ساد سياق عام يسلم بالقدرات‬          ‫معينة جمعت بين الثروة والجاه‪،‬‬     ‫وتحليل الإيديولوجيات والمفاهيم‬
   ‫التفسيرية والتحليلية للفلسفة‬            ‫مقابل شريحة واسعة كانت‬
       ‫الماركسية‪ ،‬بجانب كتابات‬         ‫صدمتها مزدوجة في الاستقلال‬           ‫والأفكار المنتشرة في المجتمع‬
   ‫دعت الى أهمية تعريب المفاهيم‬                                         ‫المغربي وكشف النواحي السلبية‬
   ‫الماركسية‪ ،‬وهي الشروط التي‬              ‫الشكلي أو ًل‪ ،‬وسوء أحولها‬     ‫أو المشكوك فيها من خلال النقد‬
   ‫شكلت الخلفية المناسبة لظهور‬         ‫الاجتماعية ثانيًا (بطالة‪ ،‬هجرة‪،‬‬
    ‫النقد الاجتماعي‪ .‬وابتدا ًء من‬                                         ‫النقدي‪ .‬مع تسليط الضوء على‬
                                         ‫الصحة‪ ،‬التعليم‪ ،‬السكن) مما‬     ‫التأثيرات الاجتماعية والسياسية‬
‫أواسط السبعينات سيغدو اتصال‬               ‫أدى إلى بروز أزمة اجتماعية‬
   ‫الناقد المغربي بالمرجع الغربي‬       ‫سنة ‪ 1960‬تجددت سنة ‪،1965‬‬                ‫للأفكار والأيديولوجيات‬
                                      ‫نتج عنها ارتفاع وثيرة المواجهة‪،‬‬         ‫المعروضة للتحليل النقدي‬
 ‫اتصا ًل مباش ًرا وليس عن طريق‬           ‫وعلى المستوى السياسي أدت‬       ‫للنصوص وتأثيرها على الأعمال‬
 ‫الوسيط المشرقي‪ ،‬ولعبت المنابر‬          ‫الصراعات القوية بين القيادات‬     ‫الثقافية والأدبية التي تنتمي إلى‬
  ‫الإعلامية دو ًرا في توجيه النقد‬    ‫التقليدية و(التقدمية) داخل حزب‬       ‫هذه الإيديولوجيات‪ ،‬وقد لعب‬
  ‫اتجا ًها إيديولوجيًّا وتحريضيًّا‪،‬‬       ‫الاستقلال إلى تأسيس حزب‬       ‫دو ًرا ها ًّما في فهم وتقييم الأفكار‬
 ‫بجانب التطور النسبي للصحافة‬           ‫الاتحاد الوطني للقوات الشعبية‬        ‫والأيديولوجيات والتأثيرات‬
                                        ‫بقيادة المهدي بنبركة وعبد الله‬      ‫الاجتماعية والثقافية‪ .‬بجانب‬
       ‫الأدبية من خلال الملاحق‬        ‫إبراهيم‪ ،‬الذي ترأس أول حكومة‬         ‫مساهمته في النقاشات العامة‬
   ‫الثقافية بالخصوص‪ .‬كل هذه‬             ‫وطنية‪ ،‬وهو الحزب الذي حدد‬              ‫حول المسائل الاجتماعية‬
 ‫العوامل شكلت الخافية المناسبة‬             ‫هويته الإيديولوجية الوثيقة‬
    ‫لظهور النقد السوسيولوجي‬              ‫السياسية (الاختيار الثوري)‬             ‫والسياسية والثقافية في‬
 ‫والإيديولوجي وهو ما أنتج لنا‪:‬‬          ‫التي وضعها في المؤتمر الثاني‬      ‫المغرب‪ ،‬وتعزيز التفكير النقدي‬
                                     ‫للحزب الذي سيعرف تص ُّد ًعا بعد‬      ‫والوعي الجماعي‪ .‬وقد توفرت‬
     ‫خطا ًبا نقد ًّيا يستوحي أطره‬       ‫ذلك ويخرج منه حزب الاتحاد‬          ‫ساعتها مجموعة من الشروط‬
   ‫النظرية من الفلسفة الماركسية‬                                            ‫التي مارست تأثي ًرا في انبثاق‬
    ‫(نظرية الانعكاس)‪ ،‬والتركيز‬             ‫الاشتراكي للقوات الشعبية‬       ‫الخطاب الإيديولوجي في النقد‬
                                     ‫بزعامة عبد الرحيم بوعبيد ‪،1975‬‬       ‫المغربي الحديث‪ ،‬فعلى المستوى‬
        ‫على المضمون الاجتماعي‬                                              ‫الاقتصادي لم تنتج التدخلات‬
‫للنصوص وتحويلها إلى مستودع‬

    ‫للإيديولوجيا عوض مساءلة‬
‫النصوص الأدبية وتحليلها‪ ،‬وهو‬

     ‫الخطاب النقدي الذي يطابق‬
 ‫بين التجربة الواقعية في التاريخ‬
  ‫والتجريب النصي ويلغي بعده‬

                       ‫التخيلي‪.‬‬

‫نسق التجريب (بعد‬
      ‫‪)1980‬‬

  ‫عبر نقاد مغاربة مثل إبراهيم‬
‫الخطيب‪ ‬وعبد الله العروي وعبد‬

   ‫الكبير الخطيبي صراحة عن‬
   288   289   290   291   292   293   294   295   296