Page 291 - m
P. 291

‫‪289‬‬          ‫ثقافات وفنون‬

             ‫نقد النقد‬

‫رينيه ويليك‬  ‫إحسان عباس‬                           ‫أبي شعيب الدكالي‬        ‫النقد المغربي الحديث‪ ،‬ينشغل‬
                                                                        ‫ببنياته‪ ،‬وامتداداته‪ ،‬ومرجعياته‪.‬‬
   ‫حقبة ذات شق واحد يتمثل في‬           ‫بداياته‪ :‬أ هي أشكاله التكونية‬
   ‫الاستعمار وتداعياته السياسية‬          ‫الأولى التي ظهرت في شكل‬            ‫كونه يركز على التمفصلات‬
                                                                             ‫الأساسية لهذا النقد‪ ،‬دون‬
       ‫والتاريخية‪ ،‬فعلى المستوى‬     ‫خواطر نقدية؟ أو جانبه الوظيفي‬       ‫الانشغال بطابعه التفصيلي مثل‬
 ‫السياسي شكلت معاهدة الحماية‬            ‫أو النقد المنهجي الذي يتسم‬    ‫الجوانب المفاهيمية والاصطلاحية‬
                                                                       ‫الأجناسية‪ .‬ليعتمد تعري ًفا لميشيل‬
   ‫والمقاومة الشعبية وظهور كتلة‬     ‫بنوع من الانتظام في ومرجعياته‬        ‫فوكو للبؤرة المعرفية من كتابه‬
‫العمل الوطني المطالبة بالاستقلال‪،‬‬                         ‫وبنياته؟‬     ‫«حفريات المعرفة» والتي يحددها‬
                                                                           ‫بأنها «البنية الفكرية التحتية‬
  ‫حيث وصل التوتر مع المستعمر‬         ‫نسق الإحياء (‪-1920‬‬                     ‫المؤسسة للمعارف في حقبة‬
  ‫إلى نفي الملك محمد الخامس إلى‬             ‫‪)1960‬‬                        ‫معينة‪ ،‬والمتحكمة في تصوراتها‬
  ‫أن أعلن استقلال البلاد بعودته‬                                         ‫ومناهج البحث فيها‪ ،‬وهي التي‬
                                      ‫خطاب نقدي سادت فيه هيمنة‬          ‫تمثل الشروط القبلية التي تنظم‬
     ‫سنة ‪ ،1956‬كل هذه العوامل‬           ‫المثقف الوطني الذي تتمحور‬      ‫المعارف والمفاهيم وطرق التفكير‬
‫دفعت النخب السياسية للانخراط‬              ‫اهتماماته حول البحث عن‬        ‫في عصر من العصور»‪ ،‬مسق ًطا‬
                                           ‫الأصول والخصوصيات‬             ‫مفهوم النسق على البؤرة الذي‬
    ‫في بناء المغرب الحديث‪ .‬وعلى‬          ‫الحضارية‪ ،‬يتحرك بموجب‬              ‫عمل على تحديد إطاره العام‬
  ‫المستوى الفكري شكلت السلفية‬         ‫ميكانيزمات الدفاع عن الهوية‬           ‫السياسي والفكري والثقافي‬
‫بقيادة أبي شعيب الدكالي ومحمد‬                                         ‫لتحديد ملامح «الرؤية للعالم» من‬
‫بن العربي العلوي الإطار المرجعي‬    ‫لإبراز عناصر القوة في الشخصية‬        ‫طرف النقاد خلال كل نسق من‬
  ‫للرؤى والأفكار‪ ،‬حيث تجاوزت‬          ‫المغربية‪ .‬وهو الخطاب المتوافق‬      ‫الأنساق الثلاثة الكبرى‪( ،‬نسق‬
                                      ‫مع خطاب التاريخ والذي يقوم‬         ‫الإحياء‪ ،‬والنسق الإيديولوجي‪،‬‬
   ‫الحركة الإطار العقدي لتصبح‬          ‫على التذوق الفطري والانفعال‬    ‫ونسق التجريب)‪ .‬بعد استعراضه‬
  ‫حركة اجتماعية سياسية هادفة‬               ‫الشعوري‪ .‬وكانت الحقبة‬      ‫لاختلاف الباحثين في تحديد بداية‬
                                                                         ‫النقد المغربي مستشه ًدا بمحمد‬
     ‫إلى الإصلاح الديني‪ ،‬بجانب‬      ‫‪- 1960 -1920‬حسب مريمي‪-‬‬               ‫خرماش ومحمد عفيفي اللذين‬
    ‫إذكاء روح الحماس لدى قادة‬                                           ‫يريان أن جذور هذا النقد تعود‬
                                                                        ‫إلى بدايات القرن العشرين‪ ،‬فيما‬
      ‫الحركة الوطنية مركزة على‬                                           ‫يرى صاحب «النقد القصصي‬
                                                                       ‫والروائي بالمغرب من الاستقلال‬
                                                                          ‫إلى ‪ »1980‬أن بدايته الحقيقية‬
                                                                      ‫كانت في عهد الحماية‪ ،‬أما الاتجاه‬
                                                                        ‫الثالث والذي مثله أحمد المديني‬
                                                                       ‫فيرجح بداية النقد إلى سبعينيات‬
                                                                      ‫القرن العشرين‪ .‬مؤك ًدا على أن هذا‬
                                                                        ‫الاختلاف يعود بالدرجة الأولى‬
                                                                          ‫إلى الخصائص النوعية للنص‬
                                                                         ‫النقدي التي نريد على أساسها‬
   286   287   288   289   290   291   292   293   294   295   296