Page 152 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 152

‫الظاهرة العددية‬

‫البعثة الهندية في أحد تلال المدافن التي نقبتها‬                                ‫لنقل جثمان الموتى من تلك المناطق وباستخدام‬
‫في مدينة حمد على ختم دلموني يحوي كتابات‬                                       ‫وسائل النقل البحري التقليدية المعروفة في‬
‫هندوسية مما يعني بأن صاحب الختم من تلك‬                                        ‫ذلك الوقت ودفنها في مركز المملكة الدلمونية‬
‫المنطقة وأنه كان يعيش في دلمون ‪ ،‬وعندما مات‬                                   ‫حيث توجد المعابد المقدسة في الأرض الطهور‬
‫في أرض دلمون فرضت علية عادات الدفن الجنائزية‬                                  ‫دلمون والمدافن الجاهزة مسب ًقا لاستقبالهم‪ .‬ولا‬
‫المتبعة في دلمون وأن يصنع ختمه بأسلوب الختم‬                                   ‫نستبعد أن تكون السلطات الدينية القائمة على‬
                                                                              ‫الإدارة السياسية والدينية فيها قد فرضت على كل‬
       ‫الدلموني ويضعه معه في قبره بعد وفاته‪.‬‬                                  ‫من يريد أن يدفن في أرض دلمون أن يتبع نفس‬
‫وفي حالة الجثث المنقولة للدفن في دلمون ربما‬                                   ‫عادات وطقوس الدفن التي حددتها أنظمة تلك‬
‫كان يتم ثني أجسام الموتى لتتخذ وضع القرفصاء‬                                   ‫المعابد‪ ،‬مما أدى إلى توحيد الطقوس وتشابه مواد‬
‫بعد الوفاة مباشرة ‪ ،‬وتربط لتثبت على تلك‬                                       ‫التقدمات الجنائزية التي وضعت مع الأموات والتي‬
‫الوضعية أو يتم ثني الجسم بعد نقلها إلى أرض‬                                    ‫أملتها وفرضتها العقيدة المشتركة خلال مختلف‬
‫دلمون ووصولها إلى منطقة الدفن حيث تكون‬                                        ‫الفترات الزمنية التي عاشتها دلمون ‪ ،‬وأصبح من‬
‫تلال المدافن جاهزة للاستخدام كما ذكرنا ساب ًقا‪.‬‬                               ‫المتعذر العثور على تقدمات جنائزية في تلال‬
‫كما أن الجثة تصبح جميع مفاصلها في وضع‬                                         ‫المدافن يمكن من خلالها أن نرجع نسب صاحب‬
‫ارتخاء تام بعد مضي نحو عشرين ساعة من الوفاة‬                                   ‫هذا التل إلى المنطقة التي جلب منها أو إنه من‬
‫ودون أن تتعفن‪ ،‬وهذا ما يجعل عملية ثني ساقيه‬                                   ‫سكان دلمون الأصليين إلا فيما ندر‪ ،‬ومثال ذلك عثور‬

                                ‫وذراعيه بالأمر الهين‪.‬‬

     ‫الهوامش‬

‫الفترة أوج مجدها‪ ،‬وتركزت حولها ثروة المنطقة‪ ،‬وتحولت كل تجارة‬                  ‫‪ 1‬منصب المقيم السياسي‪ ،‬واح ًد من الرتب للحاكم الإداري التي أطلقت‬
‫الشرق والغرب لتمر عبرها‪ ،‬وكانت المستودع الرئيسي للبخور والعطور‬                ‫على موظفي الإمبراطورية البريطانية‪ ،‬وكان حاملوه يتمتعون بالمزايا‬
‫والتوابل‪ ،‬وغيرها من السلع الثمينة الأخرى المستوردة من الهند‬                   ‫الرسمية المخولة للسفراء‪ ،‬وفاقوا في الأهمية معظم السفراء‪ .‬ففي‬
‫وأفريقية وجنوبي الجزيرة العربية عبر الخليج العربي‪ ،‬ولذلك كان لابد‬             ‫الخليج العربي لم يكونوا مجرد أهم المسئولين السياسيين العاملين‬
‫للقوافل البرية‪ ،‬والسفن التجارية من المرور عليها والتوقف فيها‪ .‬وقد‬             ‫هناك‪ ،‬بل سرت إدارتهم الملكية من الكويت إلى ُعمان‪ ،‬كما حملوا عبء‬
‫وصف الكتاب اليونان والرومان الجرهاء وتجارتها وثرائها ومهارة أهلها‬             ‫القيادة العسكرية‪ ،‬وكانوا مسئولين عن القوات البريطانية في المنطقة‪.‬‬
‫في التجارة والتوزيع وما جنوه من وراء ذلك من أرباح طائلة وغنى فاحش‪،‬‬            ‫وكان المقيم السياسي في سنة ‪ 1878‬مسئولا ليس تجاه وزارة الخارجية‬
‫فقد وصف أسترابون في جغرافيته نقل ًا عن أرتمـيدوروس(‪)ARTEMIDOR‬‬                 ‫في لندن بل تجاه دائرة حكومة الهند البريطانية بكلكتا‪ ،‬وكان ديوراند‬
‫(‪ 100‬قبل الميلاد)‪ ،‬حياة البذخ والترف التي كان يحياها الجرهائيون‪،‬‬              ‫يتلقى أوامره من تلك الدائرة‪ .‬ثم تحول مقر المقيم السياسي من‬
‫وأنهم أصبحوا إلى جانب السبئيين بسبب ممارستهم التجارة أكثر‬                     ‫بوشهر إلى مملكة البحرين‪ .‬واستمرت وظيفة المقيم السياسي في‬
‫أهل الجزيرة العربية ثراء‪ ،‬وكانوا يمتلكون الكثير من الأدوات المصنوعة‬           ‫الخليج العربي قائمة حتى الانسحاب البريطاني من المنطقة سنة ‪1971‬‬
‫من الذهب والفضة كالنمارق والموائد الصغيرة ثلاثية الأرجل والأواني‬              ‫وإلغائها لمعاهدات الحماية طويلة الأجل التي أبرمتها مع شيوخ الخليج‬
‫وكؤوس الشراب‪ ،‬كما كانت منازلهم فخمة باهظة التكاليف‪ ،‬إذ كانت‬
‫سقوفها وجدرانها وأبواب غرفها ُتكسى برقائق الذهب والفضة وتطعم‬                                                                                         ‫العربي‪.‬‬
‫بقطع من العاج وترصع بالأحجار الكريمة‪ .‬للمزيد أنظر‪ :‬نعمة شيخة أحمد‬             ‫‪2 RICE M., Dilmun Discovered, The early years of Archaeology‬‬
‫حسين‪ ،‬شرقي الجزيرة العربية في القرون الثلاثة الأخيرة قبل الميلاد‪،‬‬             ‫‪in Bahrain, Department of Antiquities and Museums, Bahrain,‬‬
‫« دراسة تاريخية اقتصادية «‪ ،‬رسالة ماجســـتير(غير منشورة)‪ ،‬جامعة‬               ‫‪1984, pp.21 – 20.‬‬
‫الإسكندرية‪ ،‬كلية الآداب‪ ،‬قســـم التاريخ والآثار المصرية والإســـلامية‪،1997 ،‬‬  ‫‪ 3‬الجرهائيون نسبة للجرهاء وهي من أهم مدن الجزيرة العربية‬
                                                                              ‫وأشهرها في العصر السلوقي(القرن الثالث قبل الميلاد) وهو العصر‬
                                                             ‫ص ص‪.80 - 73 .‬‬    ‫الذي تح ّول فيه الاهتمام التجاري من تايلوس(البحرين) إلى الجرهاء في‬
‫‪4 RICE M., op.cit, 1890, pp.24 - 21.‬‬                                          ‫الأراضي الساحلية بشرقي الجزيرة العربية‪ .‬ويعود تأسيسها استنا ًدا‬
‫‪5 BENT J . T., “ The Bahrain Islands in the Persian Gulf “, Proceeding‬‬        ‫إلى رواية استرابون(‪ )STRABO‬إلى القرن السابع قبل الميلاد‪ ،‬كما يشير‬
‫‪of the Royal Geographical Society, Vol. XII,1890,pp. 19-1.‬‬                    ‫إلى أن سكانها هم جماعة من الكلدانيين الذين نفاهم الملك الآشوري‬
‫‪6 BENT J . T., op.cit, 1890, pp.17-16.‬‬                                        ‫سنحريب من بابل‪ .‬وتزايدت أهميتها بعد أن أصبحت منذ بداية الفترة‬
                                                                              ‫الهلنستية أهم ميناء ومركز تجاري في المنطقة‪ ،‬حيث بلغت في هذه‬

‫‪152‬‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157