Page 151 - مجلة دلمون العدد 25 يونيو 2019م
P. 151

‫الظاهرة العددية‬

                 ‫(‪ ،)Brono Frohlich‬في إن الغالبية العظمى من‬              ‫ولذلك عارض فروليتش وبشدة ما ذهب إليه‬
                 ‫المقبورين في تلال المدافن هم من سكان دلمون‬              ‫الباحثين مكاي(‪ )1929‬وكورنووال(‪ 1943‬و‪)1946‬‬
                 ‫المقيمين على أرضها والذين لعبوا دو ًرا كبي ًرا‬          ‫من استنتاجات بأن المدفونين جاءوا من مناطق‬
                 ‫في حفظ استقرارها ونشاطها التجاري الواسع‬                 ‫الخليج العربي وأن مملكة البحرين كانت بمثابة‬
                 ‫والذي تحدثت عنه الكتابات المسمارية الرافدينية‬           ‫مقبرة كبيرة باعتبارها جزيـرة مقدسة‪ .‬وتمسك‬
                 ‫وأكدته المكتشفات الأثرية المكتشفة في الغالب‬             ‫فروليتش برأيه بأن هذه المدافن خاصة بسكان‬
                 ‫من المراكز الحضارية التي وصل إليها ذلك النشاط‬           ‫البحرين وحدهم في زمن دلمون وكثرة عدد‬
                                                                         ‫المدافن لا يمكن تفسيره بالضرورة (استيراد)‬
                                                               ‫التجاري‪.‬‬  ‫موتي من الخارج إذ أن حجم الجزيرة وعدد سكانها‬
                 ‫‪ -2‬أي ًضا نتفق من جانب آخر مع ما ذهب إليه لامبرج‬        ‫كاف ًيا لهذا العدد‪ ،‬فإذا كان متوسط سن الموتى‬
                 ‫كارلوفسكي (‪ )Karlousky Lamberg‬من كون‬                    ‫في هذه المدافن ‪ 35‬سنة‪ ،‬وعدد سكان دلمون‬
                 ‫مملكة دلمون أرض مقدسة ولذلك كانت تجلب لها‬               ‫‪ 10,500‬نسمة بصفة منتظمة فان هذا الحجم من‬
                 ‫الأموات من مناطق الخليج المحيطة بما في ذلك‬              ‫التعداد ينتج خلال ‪ 500‬سنة فقط ‪ 150‬ألف ميت‪،‬‬
                 ‫سكان بلاد الرافدين‪ ،‬إلا إننا نرى بأن المؤمنين بهذه‬      ‫فما بالك لو أن عادة بناء تلال المدافن استمرت أكثر‬
                 ‫الفكرة وتم دفنهم في أرض دلمون ينقسمون إلى‬               ‫من ذلك‪ ،‬وربما ضعف هذه المدة‪ ،‬وعلى ذلك فان‬
                                                                         ‫فروليتش يقول باحتمال وجود دفنات أخرى تنتمي‬
                                     ‫قسمين وذلك على النحو الآتي‪:‬‬
                 ‫‪1‬ـ القسم الأول من المؤمنون بهذه الفكرة‪38‬‬                          ‫إلى العصر البرونزي تحت ثرى البحرين ‪. 36‬‬
                 ‫وتحدي ًدا من الميسورين وكبار القوم وكبار السن‬
                 ‫من أهل بلاد الرافدين من سومريين وغيرهم‬                  ‫‪ -4‬ك ‪ .‬م سريفاستافا(‪:1991)Srivastava,K.M‬‬
                 ‫والذين كانوا يأتون إلى دلمون ليعيشوا فيها بقية‬          ‫أما صاحب الرأي الأخير حول هذه المسألة ما ذهب‬
                 ‫أعمارهم‪ ،‬وليدفنوا بأرضها بعد مماتهم‪ ،‬ولكن لا‬            ‫إليه ك ‪ .‬م سريفاستافا(‪ )Srivastava,K.M‬والذي‬
                 ‫يجلبون كجثث وذلك لصعوبة الإبقاء على الجثة‬               ‫يدعم ويؤكد ما ذهب إليه برونو فروليتش‪ ،‬فهو‬
                 ‫دون أن تتعفن إذ أن فترة النقل وأسلوب حفظ‬                ‫يرى بأن تلال المدافن في البحرين تعود للسكان‬
                 ‫الجثة المتبعة كما أوضحت ذلك حالت الهياكل‬                ‫المح ّليين‪ ،‬ويرى بأنه من أجل حسم القضية ضرورة‬
                 ‫العظمية ليست بالمستوى الذي يسمح لها بالبقاء‬             ‫تحليل بقايا الهيكل البشرية لتأكد من ذلك‪ .‬وأن‬
                 ‫دون أن تتعفن حيث أن الرحلة من جنوب بلاد‬                 ‫أسطورة الج ّنة يجب أن ينظر إليها من هذه ال ّزاوية‬
                 ‫الرافدين إلى دلمون تحتاج حسب وسائل النقل‬                ‫واحد من بلاد‬  ‫أالير ًاضفا‪،‬ديحني ُأ ْثح يِضر َرىوب ُأدن ِفه َنلافيوي اجلبدحرشيخن‪ ،‬إصذ‬
                 ‫المتوفرة في تلك الفترة إلى ما لا يقل عن ثلاثة أيام‬      ‫لم يعثـر على‬
                 ‫أو كما أشار أحد النصوص المسمارية وهي ‪ 60‬بيرو‬            ‫أية بقايا أثرية لمواد التقدمات تعود لحضارة بلاد‬
                                                                                       ‫الرافدين في تلال المدافن ‪. 37‬‬
                              ‫والبيرو الواحدة تعادل ساعة مضاعفة‪.‬‬
                 ‫‪2‬ـ أما القسم الثاني من المؤمنون فكرة قدسية أرض‬          ‫الرأي الشخصي حول الظاهرة العددية لتلال‬
                 ‫دلمون وأنها الجنة فقد كانوا ينتقلون من مناطق‬                                     ‫المدافن بمملكة البحرين‪:‬‬
                 ‫الجزيرة العربية القريبة للعيش بقية حياتهم في‬
                 ‫مملكة البحرين وأي ًضا ينقلون كجثث‪ ،‬إذ أن الفترة‬         ‫بنا ًء على ما استعرضناه من آراء مختلفة حول‬
                 ‫الزمنية المحددة لبقاء الجثة دون أن تتعفن وهي‬            ‫الظاهرة العددية لتلال المدافن في مملكة البحرين‪،‬‬
                 ‫عشرون ساعة من بعد الوفاة حسبما يجمع عليه‬
                 ‫أغلبية علماء الطب الشرعي في حالات الوفاة‬                       ‫نطرح وجهة نظرنا والتي تتمثل في التالي‪:‬‬
                 ‫التي تحدث في وقتنا الحاضر‪ ،‬وهذه الفترة كافية‬            ‫‪ -1‬نتفق تما ًما مع ما عرضه برونو فروليتش‬

                                                                                       ‫‪151‬‬
   146   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156