Page 34 - Dilmun 26
P. 34
حرفة الفخّ ار
الأولى من اللدونة)3(. ويقصد بالفخار هنا ما صنع من
لا ريب أن صناعة الأوعية كانت من الطين ،ويشكل وهو رطب ثم يقسى
الفنون الأولى التي نشأت في العصور بحرقه ،والطين مادة غروية لدنة،
النيوليثية ،وقد ظهرت الحاجة إلى ليست أصلية بل هي ناشئة عن تفكك
الأوعية نتيجة الت ّحول من مرحلة جمع وانحلال أنواع معينة من صخور صلية.
الطعام إلى مرحلة إنتاجه ،إذ إن زراعة والمادة الجوهرية في تركيب جميع أنواع
الغلال ترتب عليها ضرورة تخزين الطين هي سليكات الألمنيوم المائية،
المحصول للاستفادة به مستقبلا .وكانت غير أنه يوجد معها بمقادير صغيرة
لصناعة السلال فوائدها لتحقيق هذا عادة وبنسب متغيرة ،بعض الشوائب
الغرض ،ولاسيما إذا ما كانت مبطنة الطبيعية ولا سيما القلويات (متحدة
من الداخل بالطين ،ولربما أدى حدوث غير خالصة) ،ومركبات الحديد (وإليها
حريق طارئ لسلة مبطة بالطين إلى يرجع اللون إلى حد كبير) وكربونات
اكتشاف ان الطين ،هو مادة طرية لدنة الكلسيوم ،ومادة عضوية هي الدبال
عندما تكون رطبة .ويصبح صلبا جامدا ( ،)humusورمل الكوارتز ،والماء ،وعلى
إذا سخن لدرجة تكفي لطرد الماء المتحد نوع هذه الشوائب ومقاديرها تتوقف
به .ثم حدث اكتشاف آخر ،أن الطين
المحروق يمكن تسخينه على النار دون طبيعة الطين)2(.
حدوث أي تلف له ،ومن ثم أصبحت ويحتوي الطين على الماء في صورتين،
امكانيات الطهو أوسع وأسهل بكثير. يكون في الأولى خالصا ممتزجا بالطين
والواقع أن التاريخ المبكر للفخار هو في (وعلى هذا الماء تتوقف درجة لدونة
الطين) ويكون في الثانية متحدا اتحادا
حقيقته تاريخ أوعية الطهو)4(. كيميائيا .وعندما يجف الطين يخرج
وصنع الفخار الجيد تحتاج إلى صبر الماء الأول الذي يتخلل دقائق الطين
ومهارة ،فالطين يجب أن يكون خشنا وتفقد المادة ليونتها مؤقتا فتصبح صلبة
إلى حد كبير ،والا تعذر تجسيمه وهشة ،غير أنها إذا بللت بالماء امتصته
وتشكيله ،لكنه يجب أن يحتوي على وعادت إليها لدونتها،أما إذا سخن
بعض الحبيبات الخشنة ،مثل :الرمل الطين تسخينا أشد أو أُحرق؛ فإن الماء
والصدف المجروش والتبن وغير ذلك. المتحد يخرج هو الآخر ،وعندئذ تصبح
وإلا لما أمكن الإبقاء على شكله أثناء المادة شديدة الصلابة وينعدم كلية تأثير
تجهيزه ولتعرض لتشقق عند حرقه، الماء فيها ،فإذا بللت لا تعود إلى حالتها
33