Page 33 - Dilmun 26
P. 33

‫حرفة الفخّ ار‬

‫الحجارة‪ ،‬عصر التكنولوجيات الأولى‪.‬‬             ‫تنظيمها ثم وضعها داخل أفران خاصة‬
‫وارتقى بفضلها إلى أولى حضارات ما‬              ‫لإحراقها؛ وذلك في الأسرة الخامسة‪،‬‬
                                              ‫كما سجل أحد المناظر أيضا العجلة‬
                        ‫قبل التاريخ‪.‬‬          ‫التي كانت تستخدم في تشكيل الأواني‬
‫ولم تكد تنتهي الفترة ال ّثالثة المعروفة‬       ‫وكان الخزاف نفسه يديرها بيده‪ .‬وهي‬
‫بالحجري الحديث حتى اكتشف‬                      ‫معروفة لديهم منذ أقدم العصور كما‬
‫الإنسان ال ّطين‪ ،‬كما واكب توظيفه ك ّل‬         ‫يزعمون أن عليها صاغ خالق الكون‬
‫الحضارات منذ الحجري الحديث‬                    ‫باكورة البشر (خنوم) في بدء الخليقة‪)1(.‬‬
‫وشمل كل الفترات ال ّتاريخية مرورا‬
‫بعصر المعادن‪ ،‬وهكذا لم يوجد عصر‬                                              ‫(‪)1‬‬
‫خا ّص بـ «الطين»‪ .‬أو ما يعرف كيميائيا‬                                         ‫ ‬
‫بسليكات الألمنيوم ما ّدة موجودة تقريبا‬
‫في ‪ 60%‬من ال ّصخور‪ .‬وعندما تختلط‬              ‫(رسوم على إحدى المقابر الفرعونية توضح صناعة‬
‫هذه المادة بالماء في ال ّطبيعة تعطي ال ّطين‪.‬‬                                            ‫الفخار)‬
‫منذ لحظة انتقاء هذا ال ّطين من جملة‬
‫ما يوجد في ال ّتربة إلى مرحلة إنجاز‬           ‫نشأت الصناعات الأولى عندما عرف‬
‫ال ّصناعة الفخار ّية‪ ،‬يتد ّخل الإنسان في‬      ‫الإنسان مهارة توظيف الموا ّد الأول ّية‬
‫أثناء هذا المشوار بإضافاته وتقنياته‬           ‫المك ّونة لهذه ال ّصناعات‪ .‬ولاش ّك في‬
‫واكتشافاته وخا ّصة منها عنصر اللّهب‬           ‫أ ّنه قبل أن يستغ ّل مخزونها‪ ،‬عثر على‬
‫ومن ث ّمة التح ّكم في درجات الحرارة‪.‬‬          ‫مصادرها ومشت ّقاتها هنا وهناك وش ّدت‬
‫وقد و ّظف هذا التد ّخل في اختزال المواد‬       ‫انتباهه شيئا فشيئا‪ ،‬فرغب حينئذ‬
                                              ‫في الوصول إلى منبعها‪ .‬لقد كانت‬
                           ‫المعدن ّية‪.‬‬        ‫المح ّطة الأولى مع ال ّصخور وتحديدا مع‬
                                              ‫الحجارة القابلة لل ّصقل وتحويلها إلى‬
       ‫(صناعة الفخار في العصور الحجرية)‬       ‫أدوات يستعان بها في الحياة اليوم ّية‪.‬‬
                                              ‫هكذا انضوى الإنسان داخل عصر‬

                                              ‫‪32‬‬
   28   29   30   31   32   33   34   35   36   37   38